الأحد 24 نوفمبر 2024
منبر أنفاس

خليل البخاري: وجهة نظر الامتحانات وآفة الغش

خليل البخاري: وجهة نظر الامتحانات وآفة الغش خليل البخاري
قريبا سينطلق موعد امتحانات البكالوريا بشقيها الجهوي والوطني في ظروف تغيب فيها تكافؤ الفرص بين تلاميذ العمومي والخاص أعني بذلك ضياع تلاميذ المدارس العمومية بسبب شد الحبل بين التنسيقية الوطنية للأساتذة المتعاقدين والوزارة الوصية.
 
ففي الوقت الذي يستنفر فيه الميدان التربوي لضبط ايقاع العملية الامتحانية، نجد دوما شريحة من التلاميذ تركز على ابتكار وابداع وسائل واليات جديدة للغش. وعلى الرغم من ان افة الغش بأنواعه سواء أكان بالطرق التقليدية  أو الوسائل الذكية أمر مرفوض ولا يليق بقدسية العملية التعليمية وأهدافها النبيلة التي تركز على بناء أجيال متسلحة بالمعرفة والعلم، يفاجئنا البعض مع كل خطوة تقودنا نحو قياس مستويات ابنائنا العلمية في المدارس ببدع جديدةتشجع التلاميذ على الاستناد الى الغش كوسيلة لتحقيق النجاح المزيف  والتميز غير المبرر.
 
لم يعد الغش حكرا على التلاميذ بل تعداه إلى كل مكونات المنظومة التربوية. فهناك بعض المدرسين والمشرفين تخلوا عن مبادئء الصدق والأمانة والمسؤولية وتورطوا في الكشف عن سرية الامتحانات باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي وتسريب أجوبة الامتحانات عبر تطبيق الواتساب وغيره من الطرق .
 
أن الغش بكل أنواعه يمثل انتهاكا لحرمة الامتحانات وإهدارا لجهود التلاميذ لاسيما المتميزين فضلا عن أنه يمثل نوعا خطرا من التشويش وعدم دقة تقييم المستويات العلمية للتلاميذ الأمر الذي يعوق مهمة المختصين في الوقوف على مواطن القوة والضعف لدى التلاميذ.. كما يمثل الغش خطرا كبيرا على دافعية التلاميذ نحو التعليم وتحقيق معدلات متميزة .
 
ويعتبر الغش كذلك ظاهرة دخيلة تمس مستقبل الأجيال وتهدد استقرار العملية التعليمية وتعوق اجراءات التقييم المعتمدة لقياس تحصيل التلاميذ كما تعوق مسيرة المتفوقين في المجتمع المدرسي.
 
وتعود أسباب الغش إلى عدة عوامل متداخلة منها افتقار بعض التلاميذ إلى المعايير الأخلاقية والقيم الأساسية كالأمانة وتدني مستواهم المعرفي الى فقدان الثقة وضغط الامتحانات وأولياء الامور .. وهناك كذلك اسباب أخرى تساهم في تفشي آفة الغش  وهي تربوية وتعليمية تتمثل في طبيعة المنهج الدراسي المقرر والنظام المدرسي السائد (كثافة الدروس المقررة) إضافة الى كفاءة وأهلية المدرس وظروف الاختبارات.
 
أن العوامل الأسرية تحتل بدورها الصدارة في انتشار الغش فالمحيط الاسري يؤثر في الثلميذ من خلال ما يعانيه مت عدم تفاهم وانسجام بين والديه أو أن التلميذ يعيش في وضع اقتصادي منهفض مما يجعله يشعر بالنقص مع زملائه. كما أن المحيط المدرسي له دوره كذلك في تنامي افة الغش. فبعض المدرسين لهم أسلوب صعب في التدريس والشرح ولا يقدرون على ايصال المادة الدراسية للتلاميذ على الوجه الأكمل.
 
وللتخفيف من انتشار الغش على العموم، ينبغي اتخاد تدابير وقائية فإلى جانب التدابير التحسيسية التوعوية يجب تعطيل خدمة الأنترنيت خلال ساعات الامتحانات والتشويش على المكالمات الهاتفية عبر الواتساب وغيره وتشديد المراقبة داخل فضاء مراكز الامتحانات مع وضع كاميرات مراقبة متطورة وتشكيل فرق تقنية متخصصة في تتبع الحسابات على مواقع التداول لضبط المتورطين في تسريب الامتحانات.
 
وصفوة القول، فالغش في الامتحانات يمثل نقطة سوداء في منظومتنا التربوية ومظهرا من مظاهر عدم الإحساس بالمسؤولية وسببا في عزوف التلاميذ عن مراجعة دروسهم كما يساهم الغش في قتل روح المنافسة الشريفة بين التلاميذ ويقلل من أهمية الامتحانات الإشهادية في تقويم التحصيل الدراسي.. لذا لابد من تفعيل الاجراءات العقابية في حق كل من سولت نفسه الإساءة  بالامتحانات الإشهادية.
 
خليل البخاري / باحث تربوي