الجمعة 19 إبريل 2024
اقتصاد

إدريس العراقي: بفعل كورونا.. أقترح تعديلا عاجلا في مدونة التجارة لإنقاذ المقاولات

إدريس العراقي: بفعل كورونا.. أقترح تعديلا عاجلا في مدونة التجارة لإنقاذ المقاولات إدريس العراقي، محامي بهيأة الدار البيضاء ومختص في قانون صعوبات المقاولات
أوضح إدريس العراقي، محامي بهيأة الدار البيضاء ومختص في قانون صعوبات المقاولات، في حوار مع "أنفاس بريس"، أن المحاكم التجارية ستشرع الجلسات بها ابتداءا من يوم 11/06/2020 على غرار باقي محاكم المملكة. ومع تضرر حوالي 80 في المائة من المقاولات الصغيرة والمتوسطة بفعل الحجر الصحي نتيجة توقف أنشطتها. يبقى التخوف المطروح هنا في حالة تعدد طلبات المقاولات الوافدة على المحاكم التجارية قصد الاستفادة من مساطر صعوبة المقاولة.
ويتساءل محاورنا، هل هذه الأخيرة مؤهلة لاستقبالها ومناقشتها على الوجه القانوني المطلوب، لاسيما في ظل قلة الأطر المتعاونة ذات حنكة قانونية واقتصادية ومالية من سنادكة و خبراء قضائيين وباقي الفاعلين.
 
كيف تعامل المشرع المغربي مع صعوبات المقاولات؟
لعل تعديل الكتاب الخامس من قانون 15.95 بقانون 73.17 القاضي بنسخ وتعويض الكتاب الخامس والذي بدأ العمل به بتاريخ 23 أبريل 2018 جاء نتيجة للأهمية التي أضحى المغرب يوليها لمجال الأعمال و الاستثمار ، لا سيما في ظل تحسن مكانة المغرب في ترتيب مؤشر مناخ الاعمال سنة 2017 باحتلاله مراتب متقدمة مقارنة بسنوات خلت.
كما أن نظام التفلسة القضائية الذي عمل به المغرب حوالي 84 سنة أي من سنة 1913 إلى سنة 1997، وما تميز به هذا القانون من معاقبة و زجر التاجر المفلس وجعل مصلحة الدائنين الاولى بالحماية اعتبارا انه مقتبس من قانون نابليون لسنة 1807، هذا القانون الذي ثبت فشله نتيجة إقبار العديد من المقاولات المغربية، فإن نظام صعوبة المقاولة الذي دام حوالي 21 سنة اي من اواخر سنة 1997 الى غاية 22 ابريل 2018، والمتعلق باجراءات الوقاية والمعالجة من صعوبات المقاولة هذا القانون الذي بدوره لم يحقق الأهداف المرجوة منه، بدليل انه قبل سنة 2018 بلغت المقاولات التي تغلق أبوابها سنويا قفزة كبيرة.
ذلك انه بلغ عدد المقاولات التي تغلق أبوابها سنويا من مقاولة واحدة الى 10 مقاولات تغلق ابوابها سنة 2010 الى 4,5 مقاولات من اصل 10 مقاولة سنة 2017. الأمر الذي يدل على شبه فشل الكتاب الخامس من مدونة التجارة و المتعلق بنظام صعوبة المقاولة في تحقيق الغاية التي جاء من أجلها رغم الطابع الوقائي و العلاجي الذي اسمت به مواده مقارنة بنظام الإفلاس الذي قضى نحبه قبله.

ماهي أهم المساطر التي جاء بها قانون 73.17؟
تعتبر مسطرة الإنقاذ أبرز ما استحدثه المشرع المغربي في إطار قانون 73.17 وذلك في سبيل التشخيص المبكر لصعوبات المقاولات.
والتي ترمي بحسب المادة 550 منه إلى تمكين المقاولة التي ليست في حالة توقف عن الدفع من أجل تجاوزها، وذلك لاستمرارية نشاطها والحفاظ على مناصب الشغل بها وتسديد خصومها.
وهذا من باب تعزيز سبل حماية المقاولة من الصعوبات التي تعترضها لاعادتها لسكتها الصحيحة بعد ايداع طلب فتحها من طرف رئيس المقاولة بكتابة الضبط بالمحكمة المختصة وتحديده للصعوبات التي تعترض مقاولته مرفقا بالوثائق المنصوص عليها في المادة 577 من مدونة التجارة هذا اضافة الى تقديمه مشروع خاص بمخطط الانقاد تحت طائلة عدم قبول الطلب مع ايداعه مصاريف هذه المسطرة التي يحددها رئيس المحكمة بصندوقها على ان تبث فيه هذه الاخيرة خلال 15 يوم من تقديمه لها و بعد الاستماع الى رئيس المقاولة في غرفة المشورة..

يرتقب ان يرتفع عدد طلبات المقاولات للاستفادة من مساطر صعوبة المقاولة، ماهي الإجراءات الأخيرة التي اعتمدتها المحاكم التجارية في هذا السياق؟
وجب التنصيص هنا ان المحاكم التجارية ستشرع الجلسات بها ابتداءا من يوم 11/06/2020 على غرار باقي محاكم المملكة.وفق ما تم تقريره في محضر اجتماع اللجنة الثلاثية بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، يوم 28 ماي 2020، من طرف الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء مرفوقا بالاستاذ محمد رضوان و الوكيل العام للملك مرفوقا بالاستاذ محمد المسعودي و نقيب هيئة المحامين بالدار البيضاء مرفوقا بالاستاذ عمر ودرا والاستاذ محمد اغناج.
أما بخصوص المحكمة التجارية بالدار البيضاء ( غرفة المشورة بها ) فان الجدول الجلسات المتعلق بها يفيد إدراج جلسات هذه الغرفة المتعلقة بمسطرة الإنقاذ و التسوية و التصفية القضائية بتاريخ 11/6/2020 و المتعلقة بالملفات التي كانت رائجة قبل الحجر الصحي.
ومن المنتظر انه ابتداءا من هذا التاريخ، وبعد إعادة فتح صندوق المحكمة التجارية بالدار البيضاء ستودع طلبات جديدة في هذا الشأن، لا سيما انه حوالي 80 في المائة من المقاولات الصغيرة والمتوسطة تاثرت كثيرا بفعل الحجر الصحي نتيجة توقف جميع انشطتها، الشيء الذي يؤدي بها إما الى التوقف النهائي عن العمل، وإشهار افلاسها بعد تسريح عمالها، وإما في حالات كثيرة و هذا ما يتعين التشجيع عليه هو اللجوء الى مسطرة الإنقاذ قصد تجاوز الأزمة.
لكن التخوف الذي يبقى مطروحا هنا أنه في حالة تعدد طلبات المقاولات الوافدة على المحاكم التجارية قصد الاستفادة من مساطر صعوبة المقاولة.
فهل هذه الأخيرة مؤهلة لاستقبالها ومناقشتها على الوجه القانوني المطلوب، لاسيما في ظل قلة الأطر المتعاونة ذات حنكة قانونية واقتصادية ومالية من سنادكة و خبراء قضائيين وباقي الفاعلين، لذلك فإنه اصبح الآن من الضروري و اللازم عقد ندوات قانونية مكثفة، يؤطرها أطر قانونية ومالية وبنكية في إطار لجان مشتركة من قضاة و محامون و خبراء ذووا حنكة و تجربة في مجال صعوبات المقاولة لا تقل عن 5 أو 8 سنوات، إضافة الى أطر بنكية و إدارية من ادارة الجمارك و الضرائب، قصد اعطاء تجارب سابقة بجميع مميزاتها الإيجابية والسلبية، من أجل الخروج بمقترحات من شانها ان تكون خطوة ايجابية لتفادي كل السلبيات و القفز الى الامام بخطى واسعة، تكون خدمة للمقاولة المغربية ومساندة لها،من اجل الخروج من الازمة التي تعرفها. وإلا ما السبيل لإغلاق مقاولة وتسريح عمالها و إغراق دائنيها من اجل إحداث مقاولة اخرى قد تتعثر بدورها في اللحظات الاولى من تأسيسها.

ماذا عن شروط استفادة المقاولات المغربية من هذه التدابير  والاجراءات؟
إذا ما تكلمنا عن التدابير والإجراءات فإنه يتعين الحديث هنا عن مسطرة الوقاية الخارجية ومسطرة الإنقاذ والتسوية القضائية وأخيرا التصفية القضائية.
وأرى من الضروري وفي ظل ظروف القوة القاهرة التي عرفها المغرب بفعل وباء كوفيد 19 أنه اصبح الآن من الضروري إجراء تعديل جزئي عاجل للمادة 561 من مدونة التجارة التي تنص على ان المقاولة يجب ان تكون غير متوقفة عن الأداء و تعديله وذلك بجعل "كل مقاولة عرفت توقفا عن الأداء ابتداءا من مارس 2020 بفعل وباء كورونا"، و إلا سيصبح لزاما على المقاولات المتوقفة عن الدفع اللجوء الى التسوية أو التصفية القضائية مباشرة، اي هنا ستصبح هذه المقاولات خاضعة لتدخل و لرقابة المحكمة التجارية و اجهزتها اي القاضي المنتدب والسنديك والمراقبين ومجلس الدائنين متى انعقد، على عكس مسطرة الإنقاذ التي تبقى خاضعة لتسيير و إدارة و قرارات رئيس المقاولة دون أدنى تدخل من الأغيار.

ما هو مصير الشركات والمقاولات الذاتية التي تستفيد من تأمين عام شمولي ضد جميع المخاطر؟
لا بد هنا من استحضار اجتهاد قضائي حديث صادر عن المحكمة التجارية بباريس الذي قضى بأحقية صاحب مطعم وجه دعواه ضد شركة تأمين فرنسية.
بعدما رفضت من تمكينه من مستحقاته من جراء عدم إمكانية مواصلة نشاطه التجاري بعد صدور قرار الحكومة الفرنسية بتاريخ 14/03/2020 بإغلاق جميع المحلات. وعلى إثر صدور أمر استعجالي عن المحكمة التجارية الفرنسية بتاريخ 12/05/2020 قضى بتعويض لفائدته جزافي في مبلغ 45.000 اورو قصد التغطية الجزئية للخسارة التي لحقته.
من هنا يمكن اعتبار هذا الاجتهاد القضائي الفرنسي كخطوة مهمة نهجها القضاء الفرنسي ضد شركات التأمين التي تؤمن موكليها ضد جميع انواع المخاطر بما في ذلك الفجائية.