في زمن تتسارع فيه الأحداث وتتشابك التهديدات الأمنية من كل صوب، يصبح الأمن لا مجرد ضرورة حياتية، بل عنواناً لهيبة الدولة واستقرارها. في المغرب، حين يُذكر الأمن والاستقرار، يُذكر اسم واحد برز بقوة في المعادلة الأمنية المغربية، اسمه عبد اللطيف حموشي، المدير العام للأمن الوطني ومديرية مراقبة التراب الوطني. رجل الظل والنور، الذي استطاع أن يجعل من المؤسسة الأمنية جداراً منيعاً ضد الفوضى، وأن ينسج بخيوط الحكمة والانضباط منظومة أمنية يُحتذى بها في الإقليم وخارجه.
منذ توليه مهامه، لم يكن الحموشي يبحث عن الأضواء، بل كانت الأضواء تبحث عنه، لتكشف عن شخصية استثنائية قل نظيرها في مجال الأمن. بهدوئه المعروف وصرامته المشهودة، استطاع أن يرسخ ثقافة جديدة داخل الأجهزة الأمنية، قوامها المهنية العالية، والانضباط الأخلاقي، والنجاعة في الأداء. ليس غريباً إذن أن يُنظر إليه اليوم كواحد من أعمدة الاستقرار في المملكة، ورمزاً لرؤية أمنية حديثة ومتماسكة.
حموشي لم يكتفِ بمواجهة الجريمة التقليدية، بل أدرك مبكراً أن المعركة الحقيقية اليوم هي ضد الجريمة المنظمة، والإرهاب، والشبكات العابرة للحدود. فكان من أوائل من أدخلوا تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى العمل الأمني، وطوروا منظومات للمراقبة والتحليل، جعلت المغرب يسبق العديد من الدول في التصدي للمخاطر الأمنية المعقدة. وتجلى ذلك في تفكيك العديد من الخلايا الإرهابية قبل أن تتحول إلى قنابل موقوتة، وفي التنسيق الفعال مع الشركاء الدوليين، الذين باتوا ينظرون إلى المغرب كنموذج في مكافحة الإرهاب والتطرف.
ولعل أحد أبرز وجوه هذا التقدير الدولي، هو لجوء عدد من الدول الإفريقية والأوروبية للاستفادة من التجربة المغربية في المجال الأمني، حيث تم استدعاء خبراء مغاربة في مهام تكوينية واستشارية، بتوصية مباشرة من حموشي، الذي أصبح اسمه مرجعاً في الأدبيات الأمنية العالمية. بل إن تقارير استخباراتية غربية، من بينها تقارير فرنسية وأمريكية، أشادت بكفاءته واعتبرته "رجل الأمن الهادئ الذي يصنع الفرق"، وهو ما عزز مكانة المغرب كشريك موثوق في الجبهة الدولية لمكافحة الإرهاب.
حموشي لم يُبدِ براعة فقط في المجال العملياتي، بل سعى إلى بناء أمن مستدام من خلال تحديث البنية التحتية للشرطة، وتأهيل الموارد البشرية، واعتماد رؤية أمنية شمولية تنطلق من مقاربة استباقية لا تعتمد فقط على القوة، بل تدمج البعد الاجتماعي، النفسي، والتواصلي. وكان وراء عدد من المبادرات التي جعلت من المؤسسة الأمنية أكثر قرباً من المواطن، سواء من خلال مراكز الشرطة النموذجية أو عبر تقوية التواصل مع المجتمع المدني.
لكن عظمة حموشي لا تكمن فقط في إنجازاته الأمنية، بل في إنسانيته الصامتة التي تنبع من إيمانه بأن الأمن ليس قمعاً، بل حماية للكرامة الإنسانية. فقد عمل على تحديث صورة رجل الأمن، ليصبح عنصراً فاعلاً في خدمة المواطن، قريباً منه، لا عبئاً عليه. رسخ مفاهيم احترام حقوق الإنسان داخل الممارسة الأمنية، دون أن يخلّ بواجب الحزم والصرامة حين يستدعي الأمر. وكم من مرة كانت كلماته الداخلية لعناصره، بليغة في معناها: "نحن حماة، لا جلادون. نحن في خدمة الشعب، لا في استقوائنا عليه."
ولعلّ بصمة حموشي الأكثر عمقاً تكمن في اعتماده لما يمكن تسميته بـ"الدبلوماسية الأمنية"، إذ نجح في جعل التعاون الأمني رافعة للعلاقات الخارجية للمغرب، ووسيلة لتعزيز الثقة الدولية في مؤسسات الدولة. ومن خلال تبادل المعلومات والتجارب، أصبح المغرب فاعلاً أساسياً في شبكات التنسيق الدولي، ما أكسبه احتراماً واسعاً لدى شركائه عبر القارات.
ويكفي أن ننظر إلى نسب الجريمة المتدنية في المغرب مقارنة بعديد الدول، رغم ما تشهده المنطقة من اضطرابات، لندرك أن وراء الستار هناك من يسهر الليالي، ويقود بهدوء وحنكة استراتيجية أمنية محكمة. فأن تكون آمناً في زمن الخوف، هو امتياز لا يأتي صدفة، بل بصبر وتخطيط وشجاعة، وكلها صفات اجتمعت في شخص عبد اللطيف حموشي.
ربما لا نراه كثيراً في الإعلام، ولا يصعد المنابر ليتحدث عن إنجازاته، لكنه حاضر في كل شارع آمن، في كل عملية أمنية ناجحة، في كل أسرة مطمئنة على أبنائها. عبد اللطيف الحموشي لا يحتاج إلى الألقاب، فقد أصبح هو اللقب ذاته: لقب الأمن، الطمأنينة، والاستقرار.
في عالم تتساقط فيه الأنظمة أمام ضربات الفوضى، ويُختطف فيه الأمان من شعوب بأكملها، يقف المغرب شامخاً، بفضل رجال صدقوا ما عاهدوا الوطن عليه، يتقدمهم رجل استثنائي اسمه عبد اللطيف حموشي.