الخميس 28 مارس 2024
مجتمع

أسفي: رسالة للملك تلتمس إنقاذ معلمة قصر البحر بحاضرة المحيط

أسفي: رسالة للملك تلتمس إنقاذ معلمة قصر البحر بحاضرة المحيط قصر البحر بأسفي

حين قرر وزير الثقافة والشباب والرياضة الناطق الرسمي باسم الحكومة زيارة المعلمة التاريخية القلعة العسكرية "قصر البحر" بمدينة أسفي مؤخرا، هل كان يعلم أنه سيلتقي بسياح أجانب من جنسية برتغالية تحت سقف أسواره وأبراجه المتآكلة والمهترئة؟ وهل كان مستعدا لمحاورتهم بخصوص معلمة قصر البحر التاريخية التي شيدها البرتغال؟ تبقى الصدفة ومكر التاريخ من قاد "الكوبل" البرتغالي للقاء الوزير في عين المكان رفقة مسؤولين بقطاع الثقافة بمدينة أسفي.

فمثل العديد من المآثر التاريخية والمواقع الإيكولوجية والسياحية التي تزخر بها حاضرة المحيط، تتعرض معلمة القلعة البرتغالية "قصر البحر" للإهمال والتصدع والتآكل أمام أعين الجهات المعنية والسلطات المحلية، و يظل الترقب سيد الموقف أمام عجز القطاعات الحكومية في إيجاد حلول علمية وتقنية لمعالجة ملفات "التراث" الإنساني والحضاري والعمراني بدريعة الغلاف المالي الضخم المطلوب استثماره، في الوقت الذي ترصد بسخاء ميزانيات كبيرة لتمويل مشاريع فاشلة مثل ما وقع مؤخرا بساحة الكرنيش بأسفي، والطريق عند مدخل المدينة من جهة قيادة ثلاثاء بوكدرة...جريدة "أنفاس بريس" قامت بزيارة خاصة للموقع الأثري للمعلمة التاريخية قصر البحر، وسجلت قلق فعاليات جمعوية ومدنية من ساكنة مدينة أسفي على مآل القلعة التاريخية التي تتعرض للتآكل والتدمير بفعل الإهمال وعدم التخطيط لتحويل فضاءاتها إلى نقطة ضوء و منطقة سياحية ذات جاذبية قادرة على استقطاب المهووسين بالمآثر العمرانية والحضارية.

في هذا السياق اعتبر مراقبون أن زيارة وزير الثقافة والشباب والرياضة لحاضرة المحيط مؤشر على تجاوب جهات عليا مع رسالة "مركز دراسات وأبحاث التراث المغربي البرتغالي بخصوص إنقاذ قصر البحر"، هذه الرسالة المؤرخة ب 1 /11/2019 وتحمل رقم 85/2019 كانت قد وجهت نسخة منها لعامل إقليم أسفي.

كتابات عديدة تناولت فظيعة انهيار بنايات وأبراج معلمة قصر البحر، فكل أبناء حاضرة المحيط يتحسرون على مآل القلعة العسكرية البرتغالية بآسفي، المهددة بالسقوط والإنقراض، على اعتبار أنها "معلمة تاريخية، وتحفة معمارية ذات قيمة حضارية وتراثية إنسانية، تجمع بين التاريخ والفن والهندسة المعمارية العسكرية التي تؤرخ لحقبة استهداف المدن الساحلية المغربية من طرف الأطماع الاستعمارية.." لذلك وجب تثمينها وتحصينها وترميمها.

وحسب عدة تقارير إعلامية رصدت التصدع والإنهيار الذي يتعرض له قصر البحر بأسفي "فقد أدت الفجوات والمغارات التي أحدثتها مياه المحيط بالجرف الذي بنيت عليه هذه المعلمة التاريخية، التي شيدها البرتغاليون إلى جانب العديد من المؤسسات الدينية والاقتصادية والعسكرية خلال احتلالهم لحاضرة المحيط خلال القرن السادس عشر، إلى تسرب مياه البحر لتصل إلى تحت مناطق وأحياء غير بعيدة عن هذه المعلمة التاريخية".

وفي هذا السياق علمت جريدة "أنفاس بريس" أنه من بين الحلول التي كان قد اقترحها مدير مركز دراسات وأبحاث التراث المغربي البرتغاليأبو القاسم الشبري " أن من بين الحلول المقترحة لإنقاذ القلعة العسكرية قصر البحر، من الاندثار تكمن في بناء ميناء ترفيهي على واجهة الحصن لصد ضربات الأمواج العاتية التي تسببت في تآكل بنيانها وتشققات خطيرة طالت أساسات المعلمة فوق الصخرة التي شيدت عليها ".

وخلال العقد الأخير من سنوات 2000 ، فقد توالت عمليات الإنهيارات تحت أنظار المسؤولين، حيث طالت "السور الغربي لقصر البحر الذي يحمل مجموعة من المدافع، وبعد ذلك انهار ثلث البرج الجنوبي الغربي"، حيث سارعت الوزارة الوصية على القطاع باتخاذ إجراءات صارمة مع السلطات المحلية تجلت في إصدار " قرار إغلاق القصر ومنع الزوار من الدخول إليه، قبل أن ينهار الجزء الغربي بكامله ".

على إثر تلك الإنهيارات الخطيرة تم اتخاذ "تدابير استعجاليه من طرف مجموعة من القطاعات مثل وزارة التجهيز والنقل والمجمع الشريف للفوسفاط ووزارة الثقافة والاتصال والمكتب الوطني للسكك الحديدية والمجالس المنتخبة بأسفي قصد التدخل لإحداث حاجز "وقائي جديد يمتد من برج الناظور شمالا إلى حدود المنطقة الصناعية لوحدات التصبير جنوبا، و ذلك بغاية صد انكسارات الأمواج العالية التي كانت سببا في تأكل الجرف أموني" حسب شهادة بعض المسؤولين بالقطاع المعني .

رسالة مركز دراسات وأبحاث التراث المغربي البرتغالي

الرسالة التي يتحدث عنها الشارع الآسفي موضوعها يتعلق بـ " إخبار بالتماس شعبي مرفوع إلى جلالة الملك بخصوص إنقاذ قصر البحر" حيث جاء في فقرة منها:

"... فقد استقر الرأي العام بمدينة أسفي على التوجه إلى صاحب الجلالة نصره الله برفع إلتماس إلى جلالته الكريمة للنظر بعين العطف في الأمر وإعطاء تعليماته السامية إلى حكومة جلالته برصد الاعتمادات المالية والإطلاق الفعلي لعمليات الإنقاذ، والبحث عن شراكات دولية إذا اقتضى الأمر ذلك".

وأكدت الرسالة/الملتمس على أن فكرتها جاءت على هامش " فكرة هذا الالتماس تراودنا في مركز التراث منذ مدة فجاءت فرصة تحقيقها خلال اليوم الدراسي الذي نظمه مركز دراسات وأبحاث التراث المغربي البرتغالي بتنسيق مع مديرية الثقافة بأسفي على هامش معرضه المتنقل في التراث المغربي البرتغالي بمناسبة شهر التراث".

وفي سياق متصل أوضحت الرسالة على أن اليوم الدراسي تضمن "جولة ميدانية لاستكشاف ممر المراقبة فوق الأسوار في أفق تثمينه.. أعقبتها مائدة مستديرة، يوم 27 مــاي 2019 في عز شهر رمضان... وقد جاء اقتراح التوجه إلى صاحب الجلالة بعد استقراء كل التجارب السابقة الفاشلة وبعد التأكيد على أن إنقاذ قصر البحر بأسفي يفوق قدرات كل وزارة على حدة من جهة، ومن جهة ثانية لأنه يحتاج إلى قرار سياسي قوي ولا تهاون معه".

نفس الرسالة أرفقت بعرائض موقعة من طرف 541 شخصية وهيئات جمعوية ومهنية، حيث تم تكليف مركز دراسات وأبحاث التراث المغربي البرتغالي إلى جلالة الملك خلال شهر أكتوبر من سنة 2019 ، فضلا عن إرسال نسخ منها إلى عامل الإقليم ومدير التراث الثقافي كجهات مختصة ومعنية بأمر المعالم الأثرية.