Thursday 15 May 2025
سياسة

محمد المباركي: "البيجيدي" قاد حملة رخيصة ولا أخلاقية ضدنا عبر المتاجرة بالدين

محمد المباركي: "البيجيدي" قاد حملة رخيصة ولا أخلاقية ضدنا عبر المتاجرة بالدين

أكد محمد المباركي، عضو اللجنة المركزية لحزب الطليعة الديمقراطي الإشتراكي، أن حزب العدالة والتنمية وظف الدين وبطريقة لا أخلاقية في حملته الإنتخابية، موضحا في حوار مع "أنفاس بريس" كونه وبصفته وكيل لائحة فيدرالية اليسار الديمقراطي بوجدة فوجئ خلال تواصله مع المواطنين بأنهم يحملون أفكارا مغلوطة عن اليسار كمعاد للدين ومرتبط بالتفسخ الأخلاقي. كما وصف المباركي في الحوار ذاته حملة "البيجيدي" بالرخيصة وتقتات من منطق التكفير. أما سبب ذلك، يقول محاور "أنفاس بريس"، فيعود إلى عجز "المصباح" عن مواجهة مشروع الفدرالية وأفكارها.

 + كيف تقرأ التقارب الحاصل أخيرا بين " البيجيدي " وحزب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية والذي توج باستقبال ادريس لشكر من طرف عبد الإله بنكيران في إطار المشاورات لتشكيل الحكومة الجديدة واحتمال مشاركة حزب الوردة ضمن الحكومة الجديدة، وهو التقارب الذي يطرح التباسا كبيرا لدى الرأي العام بالنظر إلى تباين مرجعية الإتحاد الإشتراكي عن مرجعية حزب العدالة والتنمية؟

-- فيما يخص احتمال دخول الإتحاد الإشتراكي لحكومة بنكيران الجديدة هي امتداد لإلتباس لدى الرأي العام، وأعتقد أن المسألة ليست جديدة على الأقل بالنسبة لنا في الصف اليساري وداخل حزب الطليعة الديمقراطي الإشتراكي، فالآن التحالفات أضحت خاضعة لمنطق غير طبيعي وخارج القواسم السياسية والإيديولوجية المشتركة لإعتبارات متعددة، سألخصها بسرعة.

أولا عندما نتحدث عن احتمال مشاركة الإتحاد الإشتراكي في حكومة بنيكران الجديدة، ينبغي أن نستحضر أن الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية سبق له أن قاد حكومة وعقد تحالفات سياسية اعتبرناها في تلك المرحلة غير طبيعية لكونها تمت مع أحزاب خلقت لمحاربة اليسار ومحاربة الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية نفسه ومحاربة الحركة الإتحادية الأصيلة، ومنذ ذلك خلق التباس لدى الرأي العام وتضرر منه منذ تلك المرحلة اليسار والصف الوطني الديمقراطي. ثم جاءت محطة 2002 والتي تم خلالها تعيين ادريس جطو وزير أول كوزير ينتمي للتقنوقراط ومحاضرة عبد الرحمان اليوسفي في بروكسيل شاهدة على هذه المرحلة المفصلية والتي اعتبرت خروجا عن المنهجية الديمقراطية. موقف الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية في تلك المرحلة سواء من خلال دخوله لما سمي حكومة التناوب ومابعد 2002 كلفه وكلف اليسار، حيث تعرض الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية إلى العديد من الإهتزازات الداخلية حيث أصبح حاليا حزبا مرتبطا بالمواقع أكثر من ارتباطه بالدفاع عن الفكرة الإتحادية أي النضال من أجل بناء الدولة الديمقراطية والدفاع عن العدالة الإجتماعية والمساواة بين الجنسين، يعني الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية أضحى في أحضان المخزن، وشخصيا كمواطن بسيط لا أفهم أن يهجم ادريس لشكر البارحة على حزب العدالة والتنمية بأبشع النعوت حيث كان الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية في الأمس القريب ليس خصم سياسي فقط للبيجيدي بل عدو سياسي والآن يجالسان بعضهما وهناك احتمال تحالف حزب القوات الشعبية مع حزب العدالة والتنمية. وأعتقد أن ما يحدث من تحالفات هي تعبير عن مشهد سياسي عنوانه الرداءة.

+ في نفس السياق، هناك من يرى أن هذا الإلتباس يزيد من تأزيم وضع اليسار في المغرب ونحن نستحضر النتائج التي حققها اليسار مجتمعا والتي لاتتعدى نسبة 8 في المائة في الإنتخابات التشريعية الأخيرة، فالمواطن لما يمنح صوته للإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية فإنه يتوقع انخراطه في الدفاع عن حقوقه ومصالحه في إطار المبادئ والمرجعية التي تؤطر الحزب وليس انضمامه إلى تحالف يقوده حزب يتناقض كليا مع مرجعيته وإيديولوجيته كما هو حال " البيجيدي " ؟

-- للجواب عن هذه المسألة يجب أن نستحضر بعض المعطيات، فتصويت المواطنين لصالح الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية لاينبغي أن يقرأ بشكل متفرد، فالأشخاص الذين عينوا كوكلاء للوائح الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية وبشهادة الإتحاديين لاينتمون للإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية وأعطيكم مثال وجدة التي تعد نموذج في الترحال السياسي. وشخصيا لا أفهم كيف منحت التزكية لشخص توجه له أصابع الإتهام بسوء تدبير المال العام، ولدي أصدقاء في الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية لم يستسيغوا بتاتا هذا الأمر. وكما قلت فكل هذا يؤدي إلى حدوث التباس لدى الرأي العام، كما يكشف عن مخطط لجر قوى الصف الوطني الديمقراطي نحو مشروع لتتبيث الإستبداد والفساد وبالتالي خلق جبهة كبيرة للدفاع عن معسكر الفساد والإستبداد ونحن واعون بهذه المسألة، وفيما يخص النتائج التي حصلت عليها فيدرالية اليسار الديمقراطي فهي تقدمت على مستوى الأصوات المحصل عليها وإن لم تحصل على النتائج المرجوة بسبب وجود آليات لضبط المشهد السياسي، وقد حاولنا مواجهتها واقتراح بعض الوسائل التي من شأنها تقوية مشاركة المواطنين المغاربة ولكن للأسف لم تتم الإستجابة لمقترحات فيدرالية اليسار الديمقراطي لإعتبارات متعددة، كما أن اللحظة الإنتخابية لم تحترم قواعد التباري الديمقراطي بسبب تفشي توزيع المال السياسي وتدخل أعوان السلطة لصالح حزب سياسي معين، بالإضافة إلى توظيف الدين في الحملة الإنتخابية من طرف الجمعيات الدعوية .

+ في هذا الإطار، وفيما يخص توظيف الدين من طرف " البيجيدي " في الحملة الإنتخابية، كيف تصديتم لهذا الموضوع وماهو تصوركم للمسألة الدينية من أجل سحب البساط من الإسلاميين لأن الدين يبقى هو المشترك الذين يجمع كل المغاربة ؟

-- صحيح..أعتقد أن أرضية الصراع سواء بالنسبة لنا كفيدرالية أو داخل حزب الطليعة الديمقراطي الإشتراكي ليست عقائدية وهناك أحزاب سياسية متسترة وراء الدين تحاول جرنا إلى هذا المستوى كي نكون واعين بهذه المسألة، وسأتحدث معك بصراحة كوكيل لائحة فيدرالية اليسار الديمقراطي بوجدة، ففعلا خلال الحملة الإنتخابية التواصلية التي قمنا بها فتحت نقاش مع المواطنين وفوجئت بكونهم يحملون أفكارا مغلوطة عن اليسار وكونه يعادي الدين وأن اليسار يرتبط بالتفسخ الأخلاقي..

+ يعني هذا أن الإسلاميين نجحوا في هذه الدعاية المغرضة ضد اليسار؟

-- بالنسبة لنا لا نعتبر هذا نجاحا، بل حملة رخيصة لا أخلاقية تقتات من منطق التكفير، لأن الإسلام يبقى معتقد مشترك لكل المغاربة وبالتالي لايحق لأي أحد احتكار الحديث باسمه، ونحن نعتبر أن العجز عن مواجهة مشروع فيدرالية اليسار الديمقراطي وأفكارها وبرنامجها الإنتخابي دفع الإسلاميين إلى اللجوء إلى توظيف سلاح الدين.

+ لكن هناك من يعيب على اليسار تخليه عن إرث الحركة الوطنية وخصوصا المختار السوسي ومولاي العربي العلوي وعلال الفاسي والذين كانت له إسهامات كبيرة فيما يخص المسألة الدينية ؟

-- اليسار لم يتخلى عن التعامل مع المسألة الدينية، ولكن أقول لك إنه قصر في الدفاع عن الإسلام في وجهه المتنور وتحريره من الإستغلال السياسي كيفما كانت الجهة التي تستغله، وأعتقد أن الوعي حاصل الآن أن مشروع تنوير المجتمع وترسيخ القيم الكونية وقيم الحرية وإعمال العقل وقيم المساواة وحرية المعتقد هي قيم يدافع عنها اليسار. وبالنسبة لنا فالإصلاح السياسي والدستوري وفصل الدين عن السياسة والمساواة بين الجنسين هي مدخل لتحرير الدين من الإستغلال السياسي، إضافة إلى مسألة هامة وأفولها بكل صراحة، آن الأوان ليدافع اليسار عن مدرسة علمانية بشكل واضح والتي ترتكز على مراجعة البرامج التعليمية وإشاعة القيم الكونية لحقوق الإنسان، لأن التعليم والمدرسة بشكل عام تشكل حقلا لإنتعاش السلط المضادة للديمقراطية وضمنها جماعات الإسلام السياسي التي تلجأ إلى تكفير المجتمع وتكفير اليسار، فالمدرسة هي رافعة أساسية للتربية على الديمقراطية وحقوق الإنسان.

+ هذا يعني أن المدرسة حاليا لا تقوم بوظيفتها في التنوير وإشاعة الفكر الديمقراطي وقيم حقوق الإنسان ؟

-- تاريخيا وكما قال السوسيولوجي المرحوم محمد جسوس فإن المدرسة كانت دائما تشكل خطرا سياسيا، ماهي الولادة السوسيولوجية لليسار؟ اليسار ينتمي إلى المدرسة، إلى الشبيبة التعليمية، وبالتالي كانت هناك مخططات وسياسات إصلاحية لضرب المدرسة العمومية وإفراغها من محتواها التنويري، وبالتالي تكريس قيم المحافظة وإلغاء التفكير العقلاني وضرب الحرية وهو ما شكل أرضية خصبة لإنتعاش حركات الإسلام السياسي في بلادنا.