الاثنين 25 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

مصطفى المنوزي: من صراع الأفكار إلى صراع الديكة

مصطفى المنوزي: من صراع الأفكار إلى صراع الديكة

بمناسبة حلول ثاني مارس، ذكرى إلغاء فرنسا لعقد حماية المغرب النافع، من سنة 1956، وهي عيد الاستقلال السياسي الحقيقي، وليس الثامن عشر من نونبر 1955، ذكرى عودة الراحل محمد الخامس الى عرشه، بهذه المناسبة السنوية الستين، أحيي فلول الحراك التقدمي وأترحم على شهداء الوطن، دون استثناء، وشهداء الحركة الديموقراطية يحضرون حاليا بأطيافهم وأرواحهم ، و يوجهون رسائلهم النبيلة، لتذكرنا بواجبنا العظيم، أوله حفظ الذاكرة الوطنية المشتركة من التزوير والتحريف والتمييع والنسيان، والثاني التباث على المبدأ، والثالث تبادل الاحترام وحفظ المسافات الضرورية، والثالث حسن ترتيب التناقضات وإنتاج التحالفات موضوعيا، وخامسا ،،،، وليس بآخر، إعادة طرح سؤال القطيعة مع ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان واعتبار توصيات هيأة الإنصاف والمصالحة حدا أدنى مقبول ومشترك للإنطلاق نحو بناء المستقبل، في ظل تفاقم المد المحافظ والتطرف، من مقاومة انهيار قيم التقدم والحداثة والحرية.

ومادامت المناسبة شرط ، اسمحوا لي أن أهديكم قفشة من بين قفشاتي المتواضعة، بمثابة رسالة إلى من يهمهم الأمر، المحسوبين على الصف، وأي صف هذا الذي يتيه بين ثنايا الاصطفافات، دون فكر يوجه السياسة، ودون نظرية توجه الكفاح، ودون بعد اجتماعي وإنساني يعيد هوياتنا إلى الصواب المنشود، ودون نخبة تعي دورها المشار إليه أعلاه ؟

وقبل البوح ، أطلب منكم استحضار الفترة مابين ثاني مارس 1956 و ثالث مارس 1973، وقائع ومواقع، كلفة وثمار، تقييما وتقويما، لكي نستطيع جميعا استيعاب متطلبات المرحلة الحالية واستشراف الأفق الوجودي، ودون نفاق ورياء ، أعبر عن أملي الكبير لكي يعوض ألمي العميق، في تجاوز المستوى، الذي لن يؤهلنا للمطلوب منا، و إليكم مظهر واحد من اللوحات التي تحتاج إلى تصويب:

عوض أن تناضل النخبة ضد الهرم الذي اعترى عملية إنتاج أفكارها بنفس ثوري ( بمعنى التحليل العلمي الموضوعي) ، وبدل التفكير في إمكانيات تجاوز المعيقات والانحسار الحاصل، اجتهد البعض ضد البعض واختصوا في سلخ الجلد ، وتحول المشهد الحزبي إلى مجرد حلبة لتعارك «الدباغين»، بطلها الأفراد وليس الأفكار والمؤسسات ووجهات النظر، وحسب الترتيب فالرجعية والتحريفية، في نظرهم، متدرجة، حسب العلاقة مع « المخزن »، وفق منطق الجذرية، من إدريس لشقر، زعماء قيادة فدرالية اليسار ومعهم الأموي ، فعلي أفقير ثم عبد العزيز المنبهي إلى شبكات « القاعديين » المتعددة الهويات والكراسات ، وقد ذكرتني تلك « الحروب الصغيرة » التي تلبس فروات النعوت والتوصيفات بالصراع «الشخصاني» بين تلامذة لينين و كاوتسكي وبين أتباع سطالين وتروتسكي، وبالمجالسيين وبنظرية العوالم الثلاثة و«الراديكالية » الألبانية و« الامبريالية » السوفياتية، و« التحريفية » الصينية، ورغم سقوط جدار برلين وحصون بغداد، تحول صراع المواقع الفكرية على المواقع الالكترونية في صيغة صراع ديكة، في حين المحافظون يلملمون « رتق » ثوب أصولياتهم المتعددة الأسباب والهدف واحد.