وسط المشهد المشتعل في غزة والمفاوضات المعقدة بين إسرائيل و"حماس"، يسلّط هذا جورج حايك الكاتب اللبناني الضوء على تنفيذ الجيش اللبناني لخطة حصر السلاح جنوب الليطاني، وما أحدثه من ردود سياسية متباينة في بيروت.
التقرير الذي حمل تفاصيل إغلاق أنفاق ومصادرة أسلحة حزب الله فتح باب الأسئلة حول مدى قدرة لبنان على مواصلة هذه الاستراتيجية في ظل الضغوط الدولية والإقليمية.
التقرير الذي حمل تفاصيل إغلاق أنفاق ومصادرة أسلحة حزب الله فتح باب الأسئلة حول مدى قدرة لبنان على مواصلة هذه الاستراتيجية في ظل الضغوط الدولية والإقليمية.
اتجهت أنظار القوى السياسية اللبنانية إلى جلسة مجلس الوزراء مؤخرا، ترقّبًا لما سيتضمّنه التقرير الأوّل حول تنفيذ خطة الجيش اللبناني التي كُلِّف بها في جلسة 5 شتنبر 2025. ورغم سريّة هذا التقرير الذي عرضه قائد الجيش العماد رودولف هيكل، إلّا أنّ بعض النقاط تسرّبت منه إلى وسائل الإعلام، وأهمّها كشف معلومات عن تنفيذ الجيش 4200 مهمة في جنوب الليطاني خلال شهر شتنبر الماضي، وهو رقم يتجاوز مجموع المهمّات التي نُفِّذت في الأشهر السابقة، والتي اقتصرت على 1800 مهمة. كذلك نفّذ الجيش ما لا يقلّ عن 39 مهمة بطلب من لجنة "الميكانيزم"، وأغلق 11 نقطة عبور من جنوب الليطاني إلى شماله، كما أغلق 7 أنفاق تابعة لـ"حزب الله"، وفجّر عددًا كبيرًا من الذخائر. وأكّد هيكل أنّ الجيش سينهي عمله في جنوب الليطاني عام 2025.
أمام هذه المعطيات، أبدت أوساط في "القوّات اللبنانية" ارتياحها لهذا التقرير، وفي قراءة سياسيّة أوليّة أشارت إلى أنّ الحكومة من خلاله تؤكّد مضيّها في تنفيذ قرار حصر السلاح الذي اتُّخذ في 5 ابريل 2025، وأنّ ما أنجزه الجيش من مصادرة أسلحة لـ"حزب الله" وغيره من الفصائل الفلسطينيّة يمنح صدقية لقرار الحكومة، والجيش سيواصل تنفيذ هذه الخطة. وتلفت الأوساط في "القوّات اللبنانية" إلى أنّ ما يحصل يخالف إرادة "حزب الله" الذي اعتبر أنّ القرار الحكومي يخدم المشروع الإسرائيلي، وهذا ما يؤكّد أنّ الحكومة لا تخضع للترهيب والتهديد، وهي ماضية في عملها مهما استخدم "حزب الله" من عبارات تخوين وتمسّك بسلاحه.
من جهة أخرى، تشير الأوساط في "القوّات اللبنانية" إلى أنّ تحديد العماد هيكل مهلة انتهاء مهام الجيش في جنوب الليطاني حتى آخر السنة قد لا يتناسب مع سرعة التطوّرات في المنطقة، وخصوصًا المستجدّات في قطاع غزّة. وعلى الحكومة اللبنانية أن تأخذ في الاعتبار سرعة المفاوضات بين إسرائيل وحركة "حماس"، واسترداد الرهائن، تعيين السلطة الانتقالية. والسؤال الذي تطرحه الأوساط في "القوّات": هل سيمنح المجتمع الدولي عمومًا، والولايات المتحدة خصوصًا، لبنان الوقت الكافي لتنفيذ خطة الجيش؟ أم سيفوّضان إسرائيل لإنهاء مسألة سلاح "الحزب"، ما يعرّض لبنان لمزيد من النكبات؟
وتعتبر الأوساط في "القوّات" أنّه "على الحزب أن يقرأ جيّدًا ما حصل مع "حماس"، التي تخلّت عن مشروعها المسلّح تجنّبًا لمزيد من العنف، والمطلوب منه أن يقوم بالخطوة نفسها، ويُسهّل للجيش استكمال مهمّته في شمال الليطاني".
إلى ذلك، كانت تفضّل الأوساط في "القوّات" أن يكون التقرير علنيًّا ومواكَبًا من الإعلام، لتأكيد جدّية تطبيق خطة الجيش رغم ثقتها به، لكن لا ثقة بـ"الحزب" الذي يلعب على عامل الوقت، آملًا في التوصّل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة. لذلك، هناك تخوّف "قواتي" من أن يُقدم على إثارة مشاكل سياسية وبلبلة في الشارع كما حصل في منطقة الروشة، فيقطع طريقًا من هنا ويضغط من هناك، لعرقلة خطة الجيش في الأشهر المقبلة، وخصوصًا في مرحلة شمال الليطاني. كما تقلق الأوساط من أن يستغرق تنفيذ خطة الجيش أكثر من سنة، ما قد يؤدي إلى فشلها.
ومع ذلك، تولي الأوساط في "القوّات" ثقتها الكاملة بالجيش وقائده، وتؤكّد أنّ العبرة في التنفيذ، ولا مجال لهدر الوقت، لأنّ التطوّرات في المنطقة تتسارع، والتباطؤ ليس في مصلحة لبنان.