الثلاثاء 1 إبريل 2025
منوعات

"قناة الشروق الجزائرية" تسطو على البرنامج المغربي "استهلك بلا متهلك" 

"قناة الشروق الجزائرية" تسطو على البرنامج المغربي "استهلك بلا متهلك"  هذه السرقة الفاضحة تثير تساؤلات كثيرة حول كيفية حماية حقوق الملكية الفكرية للبرامج التلفزيونية خارج الحدود
بحكم أني سيناريست و كنت من عناصر خلية إعداد وكتابة حلقات البرنامج المغربي "استهلك بلا متهلك" على القناة الأولى المغربية، لم أكن أتخيل ولو للحظة أن أكتشف فضيحة قناة الشروق الجزائرية وهي تعرض برنامجا بنفس العنوان "استهلك بلا متهلك"، من تقديم منشطة جزائرية، وبتشابه كبير جدا مع فكرة وأسلوب الكبسولة الأصلية للقناة الأولى المغربية.

لم أستسغ أن أرى الفكرة والعنوان، وحتى مدة البرنامج تنقل بنفس التفاصيل، دون أي إشارة إلى البرنامج التلفزيوني المغربي الأصلي أو أدنى احترام لحقوق الملكية الفكرية، وبالعودة إلى جينيريك الكبسولة الأصلية على اليوتيوب، ستظهر  للمتصفح أسماء الفريق المغربي، الذي كان يشتغل على إنجاز هذه الكبسولة السمعية البصرية.

من الزليج المغربي إلى القفطان، مرورا بالفنون الشعبية والموسيقى، لم تتوقف محاولات الاستيلاء على التراث المغربي من طرف الجزائر. لكن هذه المرة، لم تقتصر السرقة على مكونات التراث المادي واللامادي، بل وصلت أيضا إلى فكرة وشكل و نوعية كبسولة تلفزيونية، حيث أن قناة الشروق الجزائرية قامت بنسخ برنامج "استهلك بلا متهلك" حرفيا، وهو البرنامج الذي كان يعرض على القناة الأولى المغربية بين 2007 و 2014. وقد تم ارتكاب هذه السرقة منذ 2020 إلى اليوم.
 
يعلم كل المغاربة أن هذا البرنامج الذي كان يقدمه الإعلامي إدريس العراقي بطريقته المعروفة على القناة الأولى، ينتمي إلى نوعية الكبسولات التحسيسية التي تهدف إلى توعية المستهلك المغربي، بكيفية التعامل مع عملية التبضع في الأسواق، واختيار السلع والخدمات، وتبسيط وشرح حقوق و واجبات المستهلك وايجابيات وسلبيات بعض المنتوجات الاستهلاكية. وكثيرا ما يقال أنه من أهم البرامج التلفزيونية المغربية التي تميزت بأسلوبها البسيط والخفيف ..  كانت مدة كل حلقة ثلاث دقائق فقط، يقدم فيها إدريس العراقي موضوعا عن الاستهلاك ويختم بعبارة " وهادشي كامل إلا قلناه غير باش تستهلك وبلا متهلك "، وهي العبارة التي لازال العديد من المغاربة إناثا وذكورا يستعملونها في حديثهم أو في تعليقاتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أو خلال لقاءهم بإدريس العراقي مباشرة في الشارع العام.
 
استمر البرنامج حتى عام 2014 ضمن شبكة برامج القناة الأولى، وتوقف بعد صدور دفاتر التحملات والعمل بنظام صفقات طلبات العروض في القطب العمومي، ليختفي بعد ذلك عن الساحة، تاركا أثرا إيجابيا لدى المشاهدين المغاربة.
 
السرقة الفكرية في الإعلام ليست جديدة وتتخذ أشكالا مختلفة بتغيير معالم المسروقات تارة وتعديل المحتويات وتغيير العناوين تارة أخرى، لكن في حالة كبسولة "استهلك بلامتهلك" وقناة الشروق تيفي الجزائرية، كانت السرقة ولا تزال واضحة "وضوح الشمس في نهار جميل"، خاصة وأنها تتعلق بالسطو ببلادة وغباء منقطعي النظير، على فكرة كبسولة تلفزيونية كان لها تأثير بارز على شريحة واسعة من المشاهدين المغاربة. 
 
اللافت في الموضوع هو أن الأمر لم يقتصر على سرقة الأفكار فقط، بل امتد منذ سنوات، ليشمل حتى التراث الثقافي المغربي، من الزليج الذي تم نسبه للجزائر، إلى القفطان والموسيقى المغربية التي أصبحت تعتبر جزءا من التراث الجزائري، على لسان أغلب الجزائريين وفي روبورطاجات وأخبار قنواتهم التلفزيونية الرسمية والخاصة.
 
قد يعتقد البعض أن هذا مجرد "تبادل ثقافي" أو "استلهام" أو تخاطر فكري، لكن الواقع أن نسخ فكرة مادة تلفزيونية، دون أي تطوير أو إضافة يعد سرقة فكرية واضحة. وفي حالة برنامج "استهلك بلا متهلك"، ليس هناك أدنى شك بأن النسخة الجزائرية مجرد استنساخ غير قانوني للبرنامج الأصلي.
 
هذه السرقة الفاضحة تثير تساؤلات كثيرة حول كيفية حماية حقوق الملكية الفكرية للبرامج التلفزيونية خارج الحدود، وعلى الرغم من أن السرقات تتكرر في عدة مجالات من طرف الجزائر، إلا أنه حان الوقت كي يتحرك  المبدعين والجهات المعنية للدفاع عن حقوقهم الفكرية، لضمان عدم السطو على جهودهم وأعمالهم، من طرف قوم ألفوا السرقة حتى أضحت تبدو لهم مباحة أو هكذا يخيل إليهم.
 
يبدو أن قناة الشروق الجزائرية قررت أن تستولي على أحد البرامج التلفزيونية المغربية، دون أن تضع في الحسبان القوانين الدولية لحماية الملكية الفكرية. لكن من الواضح أن هذه القوانين ليست ذات أهمية بالنسبة لهم ..  فكيف نتوقع من قناة تنتمي لدولة تستولي على تراث المغرب بطريقة مكشوفة، أن تهتم بمسألة الحقوق الفكرية لكبسولة تلفزيونية ؟
 
ربما ينبغي علينا أن نساهم في تدريبهم على كيفية احترام حقوق المبدعين، ثم بعد ذلك نفرض عليهم بلغة القانون الجزاءات والعقوبات، لأن "الاستنساخ" قد يجدونه ممتعا دون خجل، لكنه يظل سرقة يعاقب عليها القانون محليا و دوليا، ما لم يحصل الناسخ على الإذن أو الترخيص أو الموافقة من المالك الأصلي لحقوق الملكية الفكرية.