بينما يتحرك المغرب بخطى استراتيجية محسوبة نحو الحسم في الملفات السيادية الكبرى، من الصحراء المغربية إلى سبتة ومليلية، تزداد ارتباكات الجزائر أمام الفشل المتكرر لمشاريعها العدائية. فالمملكة، اليوم، لم تعد تكتفي برد الفعل، بل تبادر، وتبني تحالفات، وتُحرك ملفات كانت مجمدة لعقود، مستفيدة من التحولات الجيوسياسية الإقليمية والدولية.
لكويرة... ورمزية الزيارة الفاشلة
لا تزال خطة الجزائر لتحريك سكان مخيمات تندوف إلى منطقة لكويرة تتردد في الكواليس، بدعم من دوائر فرنسية معينة. الهدف: فرض أمر واقع ديمغرافي وإعلامي، يشرعن الادعاء بوجود "جمهورية" على أرض مغربية. أول خطوة في هذا الاتجاه كانت زيارة إبراهيم غالي للكويرة، لحظة تنصيبه "رئيسًا" بعد وفاة محمد عبد العزيز.
إلا أن الواقع السيادي المغربي عسكريًا وسياسيًا على الأرض أفشل الخطة قبل أن تنطلق. فلكويرة، وإن كانت غير مأهولة مدنيًا، تخضع بالكامل لسيطرة مغربية جوية وبحرية، وأي تحرك معادٍ فيها يُقابل بصرامة وحزم.
مدنيون يفتحون ملف سبتة ومليلية
في مقابل هذا، أعادت مدنيون بعث "اللجنة الوطنية لتحرير سبتة ومليلية والجزر المحتلة"، من خلال اجتماع بمدينة الفنيدق، بالتزامن مع استفزاز إسباني تمثل في دعوة جبهة البوليساريو لحضور مؤتمر لحزب الشعب الإسباني.
هذه الخطوة المغربية ليست رمزية، بل تُعبّر عن استراتيجية جديدة: لا تساهل مع من يمس السيادة جنوبًا دون فتح الملفات العالقة شمالًا. فالمغرب اليوم لا ينظر إلى قضاياه السيادية كملفات منفصلة، بل كجسم واحد لا يقبل التجزئة، من طنجة إلى الكويرة.
المغاربة في إسبانيا: معركة كرامة
التحرك المغربي نحو إسبانيا يكتسب بعدًا إضافيًا مع تصاعد خطاب الكراهية والتمييز ضد الجالية المغربية، في ظل أزمة اقتصادية وسياسية حادة تمر بها البلاد. اليمين الإسباني، في سعيه لتصدير الأزمة، يستهدف المغاربة داخل البلاد وخارجها، ما يدفع الرباط إلى توسيع ضغطها ليشمل قضايا السيادة وحقوق الجالية معًا.
الرباط وموريتانيا: دعم الاستقرار في وجه التآمر
وسط هذا المشهد، لا تغفل الرباط أهمية دعم موريتانيا كدولة مستقرة وقوية. فمنذ سنوات، تتعامل الرباط مع نواكشوط كحليف استراتيجي، وتحرص على تقويتها اقتصاديًا وسياسيًا، حتى تُصبح فاعلًا إقليميًا واعيًا بالتوازنات، ومُدركًا لمصالح شعبها.
هذا الدعم لم يأتِ صدفة، بل نابع من قراءة دقيقة للوضع. فالجزائر تريد موريتانيا ضعيفة ومخترقة من البوليساريو، بينما المغرب يدفع نحو موريتانيا قوية، صلبة، تقف على قدميها. والدليل، أن موريتانيا اليوم باتت تقول "لا" للبوليساريو، ولا حتى للجزائر.
رفض نواكشوط الواضح للمناورات الجزائرية أربك النظام الجزائري، الذي لم يتوقع أن تفقد موريتانيا حيادها الرمادي، وتنتقل إلى موقع الفاعل الإقليمي لا المفعول به. وهذا التحول، جعل الجزائر أضعف إقليميًا، بينما عزز موقع المغرب في الساحل والصحراء، وكشريك رئيسي للمنظومة الإفريقية.
الحكم الذاتي والعائدون: مرحلة مفصلية
على الأرض، تواصل الرباط تنزيل مشاريع الحكم الذاتي الموسع في الأقاليم الجنوبية. ومع تزايد العائدين إلى أرض الوطن، فإن تسوية أوضاعهم القانونية والإدارية لم تعد مسألة إنسانية فقط، بل ضرورة استراتيجية لإنجاح الحكم الذاتي. فكل عائد يُساهم في بناء نموذج تنموي واقعي، يناقض دعايات البوليساريو، ويُعزز الاستقرار.
الجزائر... سؤال لا تملك له جوابًا
أمام كل هذه التحولات، يظل النظام الجزائري عاجزًا عن تقديم جواب واحد بسيط للمنتظم الدولي: أين تقع أرض "الجمهورية الصحراوية" المزعومة؟
واقع الحال أن هذه "الجمهورية" لا تملك أرضًا معترف بها، ولا سيادة فعلية، وكل ما تملكه هو أوهام مكدّسة في مخيمات تندوف، فوق تراب جزائري، تُدار بسلاح وتمويل جزائري.
تندوف ليست أرضًا لتأسيس دولة، بل عنوانًا للابتزاز الإقليمي.
أما المغرب، فهو من يملك الجواب الواقعي والمشروع: الأرض، والساكنة، والمبادرة. بل ويفتح الباب أمام أبناء المخيمات باعتبارهم المعنيين الحقيقيين بالنزاع للعودة والمشاركة في تنمية وطنهم، ضمن مشروع الحكم الذاتي.
أما من اختار البقاء تحت وصاية البوليساريو، فمسؤوليته تقع على عاتق النظام الجزائري، الذي يتحمل وحده تصفية حساباته معهم.
المغرب الجديد... واستراتيجية لا تقبل التجزئة
مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس. ما بعد جائحة كورونا، أصبحنا أمام مملكة تسير وفق استراتيجية متماسكة، واضحة المعالم، لا تخضع لابتزازات الخارج، ولا تتجزأ سيادتها وفق ما يريده الآخرون. المملكة تمدّ يد التعاون، وتُعزز التحالفات جنوبًا وشرقًا، وأيضًا مع القوى الكبرى، لكنها لا تقبل التنازل عن حقوقها التاريخية.
الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على صحرائه، خلال إدارة ترامب، شكّل تحولًا مفصليًا. وحتى إن كانت ملفات مثل سبتة ومليلية أو الصحراء الشرقية تحتاج إلى وقت أطول، إلا أن الخطاب المغربي لم يعد يتجاهلها، بل يُدرجها ضمن جدول السيادة الوطنية المستقبلي.
من يفهم في الجزائر أن معادلة القوة تتغير
الجزائر اليوم مشغولة بإرضاء البوليساريو وصرف مقدرات شعبها عليهم، بينما المغرب يبني، ويستثمر، ويقوي الحلفاء، من نواكشوط إلى داكار، ومن أبيدجان إلى لاغوس. الرباط تتحرك بثقة، والملفات الكبرى تُفتح تباعًا، والحسم أصبح قريبًا.
فالمعادلة اليوم بسيطة: كلما قويت موريتانيا، ضعُفت الجزائر. وكلما عاد المغاربة من المخيمات، اقتربت نهاية المشروع الانفصالي. ومن لكويرة إلى سبتة... السيادة لا تُساوَم.
لكويرة... ورمزية الزيارة الفاشلة
لا تزال خطة الجزائر لتحريك سكان مخيمات تندوف إلى منطقة لكويرة تتردد في الكواليس، بدعم من دوائر فرنسية معينة. الهدف: فرض أمر واقع ديمغرافي وإعلامي، يشرعن الادعاء بوجود "جمهورية" على أرض مغربية. أول خطوة في هذا الاتجاه كانت زيارة إبراهيم غالي للكويرة، لحظة تنصيبه "رئيسًا" بعد وفاة محمد عبد العزيز.
إلا أن الواقع السيادي المغربي عسكريًا وسياسيًا على الأرض أفشل الخطة قبل أن تنطلق. فلكويرة، وإن كانت غير مأهولة مدنيًا، تخضع بالكامل لسيطرة مغربية جوية وبحرية، وأي تحرك معادٍ فيها يُقابل بصرامة وحزم.
مدنيون يفتحون ملف سبتة ومليلية
في مقابل هذا، أعادت مدنيون بعث "اللجنة الوطنية لتحرير سبتة ومليلية والجزر المحتلة"، من خلال اجتماع بمدينة الفنيدق، بالتزامن مع استفزاز إسباني تمثل في دعوة جبهة البوليساريو لحضور مؤتمر لحزب الشعب الإسباني.
هذه الخطوة المغربية ليست رمزية، بل تُعبّر عن استراتيجية جديدة: لا تساهل مع من يمس السيادة جنوبًا دون فتح الملفات العالقة شمالًا. فالمغرب اليوم لا ينظر إلى قضاياه السيادية كملفات منفصلة، بل كجسم واحد لا يقبل التجزئة، من طنجة إلى الكويرة.
المغاربة في إسبانيا: معركة كرامة
التحرك المغربي نحو إسبانيا يكتسب بعدًا إضافيًا مع تصاعد خطاب الكراهية والتمييز ضد الجالية المغربية، في ظل أزمة اقتصادية وسياسية حادة تمر بها البلاد. اليمين الإسباني، في سعيه لتصدير الأزمة، يستهدف المغاربة داخل البلاد وخارجها، ما يدفع الرباط إلى توسيع ضغطها ليشمل قضايا السيادة وحقوق الجالية معًا.
الرباط وموريتانيا: دعم الاستقرار في وجه التآمر
وسط هذا المشهد، لا تغفل الرباط أهمية دعم موريتانيا كدولة مستقرة وقوية. فمنذ سنوات، تتعامل الرباط مع نواكشوط كحليف استراتيجي، وتحرص على تقويتها اقتصاديًا وسياسيًا، حتى تُصبح فاعلًا إقليميًا واعيًا بالتوازنات، ومُدركًا لمصالح شعبها.
هذا الدعم لم يأتِ صدفة، بل نابع من قراءة دقيقة للوضع. فالجزائر تريد موريتانيا ضعيفة ومخترقة من البوليساريو، بينما المغرب يدفع نحو موريتانيا قوية، صلبة، تقف على قدميها. والدليل، أن موريتانيا اليوم باتت تقول "لا" للبوليساريو، ولا حتى للجزائر.
رفض نواكشوط الواضح للمناورات الجزائرية أربك النظام الجزائري، الذي لم يتوقع أن تفقد موريتانيا حيادها الرمادي، وتنتقل إلى موقع الفاعل الإقليمي لا المفعول به. وهذا التحول، جعل الجزائر أضعف إقليميًا، بينما عزز موقع المغرب في الساحل والصحراء، وكشريك رئيسي للمنظومة الإفريقية.
الحكم الذاتي والعائدون: مرحلة مفصلية
على الأرض، تواصل الرباط تنزيل مشاريع الحكم الذاتي الموسع في الأقاليم الجنوبية. ومع تزايد العائدين إلى أرض الوطن، فإن تسوية أوضاعهم القانونية والإدارية لم تعد مسألة إنسانية فقط، بل ضرورة استراتيجية لإنجاح الحكم الذاتي. فكل عائد يُساهم في بناء نموذج تنموي واقعي، يناقض دعايات البوليساريو، ويُعزز الاستقرار.
الجزائر... سؤال لا تملك له جوابًا
أمام كل هذه التحولات، يظل النظام الجزائري عاجزًا عن تقديم جواب واحد بسيط للمنتظم الدولي: أين تقع أرض "الجمهورية الصحراوية" المزعومة؟
واقع الحال أن هذه "الجمهورية" لا تملك أرضًا معترف بها، ولا سيادة فعلية، وكل ما تملكه هو أوهام مكدّسة في مخيمات تندوف، فوق تراب جزائري، تُدار بسلاح وتمويل جزائري.
تندوف ليست أرضًا لتأسيس دولة، بل عنوانًا للابتزاز الإقليمي.
أما المغرب، فهو من يملك الجواب الواقعي والمشروع: الأرض، والساكنة، والمبادرة. بل ويفتح الباب أمام أبناء المخيمات باعتبارهم المعنيين الحقيقيين بالنزاع للعودة والمشاركة في تنمية وطنهم، ضمن مشروع الحكم الذاتي.
أما من اختار البقاء تحت وصاية البوليساريو، فمسؤوليته تقع على عاتق النظام الجزائري، الذي يتحمل وحده تصفية حساباته معهم.
المغرب الجديد... واستراتيجية لا تقبل التجزئة
مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس. ما بعد جائحة كورونا، أصبحنا أمام مملكة تسير وفق استراتيجية متماسكة، واضحة المعالم، لا تخضع لابتزازات الخارج، ولا تتجزأ سيادتها وفق ما يريده الآخرون. المملكة تمدّ يد التعاون، وتُعزز التحالفات جنوبًا وشرقًا، وأيضًا مع القوى الكبرى، لكنها لا تقبل التنازل عن حقوقها التاريخية.
الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على صحرائه، خلال إدارة ترامب، شكّل تحولًا مفصليًا. وحتى إن كانت ملفات مثل سبتة ومليلية أو الصحراء الشرقية تحتاج إلى وقت أطول، إلا أن الخطاب المغربي لم يعد يتجاهلها، بل يُدرجها ضمن جدول السيادة الوطنية المستقبلي.
من يفهم في الجزائر أن معادلة القوة تتغير
الجزائر اليوم مشغولة بإرضاء البوليساريو وصرف مقدرات شعبها عليهم، بينما المغرب يبني، ويستثمر، ويقوي الحلفاء، من نواكشوط إلى داكار، ومن أبيدجان إلى لاغوس. الرباط تتحرك بثقة، والملفات الكبرى تُفتح تباعًا، والحسم أصبح قريبًا.
فالمعادلة اليوم بسيطة: كلما قويت موريتانيا، ضعُفت الجزائر. وكلما عاد المغاربة من المخيمات، اقتربت نهاية المشروع الانفصالي. ومن لكويرة إلى سبتة... السيادة لا تُساوَم.