السفيه ما كينطق غي بلي فيه.
يظهر جليا أن عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب البيجيدي، اعتراه السّفه والخرَف حتى بات يدعو، وبكل وقاحة، إلى مناهضة كل المكتسبات الدستورية والحقوقية التي حققها الشعب المغربي، تارة بفعل نضالات هيئاته الحزبية والمدنية، وأخرى بفعل استيعاب النظام لحركية الواقع المجتمعي وانفتاحه على تجارب الشعوب والأمم. ويجدر هنا تذكير بنكيران بخطاب المغفور له الملك محمد الخامس في جامعة القرويين سنة 1943، وتشجيعه تعليم الفتاة المغربية لتكون عضوا فعلا في بناء الوطن وتقدمه "البلد الذي لا تكون فيه المرأة عنصرا نشيطا يشبه جسدا مشلولا لا يمكن أن ننتظر منه شيئا بنّاء".
إن دعوة بنكيران فتيات المغرب "تنقول للبنات سيرو تزوجو، راه ماغدي تنفعكم لا قرايا لا والو"، تعبير عن جهالته المقيتة وحقده الدفين على نساء المغرب. حقد يتغذى على ما أنتجه شيوخ ومنظّرو التنظيمات الوهابية والإسلاموية من عقائد وفتاوى تشرعن احتقار النساء واستعبادهن وتبخيس قدراتهن الفكرية والعقلية. لهذا لا يمكن أن يصدر عنه إلا ما يعبّر عن سفهه وجهالته التي تنكر حركية الواقع وتحولات المجتمع. ومن ثم يصدق عليه وصف الكفويّ: للسفيه هو: " ظاهر الجهل، عديم العقل، خفيف اللّبّ، ضعيف الرّأي، رديء الفهم".
لو كان الخير فْ مُوكَا ﯕاعْ ما يْخَلِّيوْها الصيّادة.
من يسمع هراء بنكيران وسفاهته لا شك يثني، في قرارة نفسه، على من خطط "للبلوكاج" ونفذّه إنقاذا للمغرب، وطنا وشعبا، من شرّ مستطير، فأراح المغاربة من شخص أساء للتاريخ وللشعب وللوطن. وعوض أن يتعظ ويتدارك حالته النفسية المأزومة ويدرك حقيقة فقدانه كل صلاحية سياسية رسمية، ظل يتمادى في جهله وسفهه، ليتجاوز كل الحدود في مهاجمة الدستور وقوانين الدولة والتزاماتها الدولية فيما يتعلق بإقرار المساواة ودسترة حقوق النساء وحقوق الأطفال، والجهود المبذولة لدعم التمدرس ومحاربة الهدر المدرسي، خاصة في صفوف الإناث بالوسط القروي.
"العاقل من اتعظ بغيره والجاهل من اتعظ بنفسه"، تلك هي حالة بنكيران الذي جعل من نفسه معيار الصواب والسداد، بينما هو عنوان الفشل والإفلاس السياسي والديني والأخلاقي. فأن يدعو بنكيران فتيات المغرب إلى جعل الزواج هدفا رئيسيا في الوجود، في الوقت الذي حرص فيه على تعليم بنته في مؤسسات البعثة الفرنسية وباللغة الأجنبية، وهيأ لها كل السبل، خارج القانون (وضع شروط مباراة الالتحاق بالأمانة العامة للحكومة على مقاسها بعد أن كانت المباراة مفتوحة فقط لخريجي شعبة القانون الخاص، فصارت بقدرة بنكيران مفتوحة في وجه تخصص القانون العام)؛ فهذا نفاق صارخ وكذب صراح.
جبْنا القرع ينوسنا عرّى راسو وهوّسْنا.
هذا حال بنكيران الذي جاءت به مؤامرة "الربيع العربي" ليرأس الحكومة وهو ليس أهلا لها؛ فإذ به يتوهّم أنه الأحق بقيادتها لولايات متعددة. وهْم يجسّد انفصاله عن الشعب وحضارته وتطلعاته المستقبلية. لهذا، يخرج بين الفينة والأخرى، خصوصا مع اقتراب موعد الانتخابات، بتصريحات يهدد فيها الدولة والأحزاب والشعب إن هو خسر الانتخابات ولم يتبوأ نتائجها. وكلما أحس بهامشية حزبه وانعدام فرص اكتساحه للانتخابات المقبلة، إلا وازداد سعاره ضد المواطنين واحتد هجومه على مخالفيه، لدرجة صار قاموسه السب والقذف والنعوت الخسيسة والأوصاف البذيئة في حق فئات واسعة من الشعب المغربي التي رفضت الانسياق وراء أجندات معادية للوحدة الترابية للمغرب. وبكل وقاحة نعت المواطنات والمواطنين بـ"الحشرات" و"الحمير" و "الميكروبات".