الأحد 9 فبراير 2025
مجتمع

أريري: هنا سينام 12 في المائة من أقربائكم وجيرانكم نوما أبديا !!

أريري: هنا سينام 12 في المائة من أقربائكم وجيرانكم نوما أبديا !! الزميل عبد الرحيم أريري بالمقبرة الجديدة سيدي مسعود بالبيضاء
المكان الذي أقف فيه اليوم ( زوال الأربعاء 25 دجنبر 2024)، كان إلى حدود ماي الماضي نسيا منسيا، وكان مجرد أرض مهجورة بضاحية الدار البيضاء تضم رفات أولاد حدو، أحفاد سيدي مسعود الحداوي وأحفاد سيدي عمر القدميري، منذ أزيد من قرن. إلا أن امتلاء مقابر الدار البيضاء ووصولها مستوى الإشباع، وبالتالي الخوف من أن لايجد البيضاويون مكانا لدفن موتاهم، جعل مسؤولي وزارتي الداخلية والأوقاف وولاية الدارالبيضاء ومجلس المدينة، يضعون اليد على هذه "الهمزة العقارية" الموجودة بربوة ضريح سيدي مسعود ( المحاذي لطريق مطار محمد الخامس) .
 
البقعة المذكورة التابعة ترابيا لنفوذ عمالة عين الشق، فتحت شهية السلطات. وتقرر في ماي 2024 جعلها مكانا لدفن أموات البيضاويين، حيث اتخذ القرار بسرعة، وعهد بتنفيذه لعمدة البيضاء ولرئيس مقاطعة عين الشق كل في مجال اختصاصه، على أساس أن يتم دفن أول جثة في مطلع يونيو 2026 بهذه البقعة. 
 
وهو ماتم التقيد به، بحكم أن صراعات منتخبين البيضاء ولامبالاة بعضهم في مجموعة الجماعات، وأيضا تلكؤ سلطات الوصاية في تتبع مرفق المقابر، أفرز "احتباسا عقاريا" في دفن المسلمين بالعاصمة الاقتصادية، خاصة وأن المقبرة الجديدة بتراب سيدي حجاج ( إقليم مديونة)،  لم تكن مهيأة للحلول محل مقبرة الغفران لاستقبال الموتى. فكان لابد من إنقاذ الموقف لإيجاد عقار يستقبل أموات البيضاويين.
 
العقار المذكور الموجود خلف ضريح سيدي مسعود، حظي بالقبول الفوري لاعتبارين اثنين:
الاعتبار الأول: يتجلى في أن القطعة المذكورة هي أصلا كانت مقبرة قديمة ومهجورة، وتجاور المقبرة الرسمية لسيدي مسعود التي توقف فيها الدفن منذ حوالي سنة، وبالتالي ستبقى البقعة تؤدي نفس الوظيفة، ويصعب تحويلها لعمارات او مركبات تجارية، مادامت تجاور ثلاثة أضرحة من بين أقدم الأضرحة بكازا (سيدي مسعود مول القبة الخضرا، سيدي البعمري وسيدي الهجام).

 
الاعتبار الثاني: يكمن في أن مساحة البقعة تبلغ 6 هكتارات، وهو ماشكل "همزة ". فإذا كان دفن الميت يحتاج في الحد الأدنى بالمقابر الحديثة ذات المواصفات الهندسية العالمية إلى 5 أمتار مربعة( تضم القبر والطرق والممرات)، فإن حالة الاستعجال جعلت وزارتي الداخلية والأوقاف والولاية وجماعة البيضاء، يحصرون مساحة دفن الميت بالمقبرة الجديدة سيدي مسعود في مترين مربعين فقط للقبر الواحد (Ratio)، دون التقيد بضوابط الطرق والممرات والرصيف. 
 
لماذا؟
لأن البقعة المذكورة، الموجودة خلف ضريح سيدي مسعود، تبلغ مساحتها 60.000 متر مربع. معنى ذلك أن طاقتها الاستيعابية بالمواصفات القزمية المحددة قد تصل إلى 30.000 قبر. وإذا علمنا أن مقبرة سيدي مسعود الجديدة تستقبل في اليوم 6 أموات في المعدل( أحيانا تستقبل 4 أموات في اليوم)، فإن ذلك يفيد  أنها ستستقبل في السنة حوالي 2190 ميت، بشكل يجعل عمر هذه المقبرة افتراضيا يتراوح بين 14 و16 سنة. وهذا معطى مهم لأن المقبرتين الرسميتين ( الرحمة والغفران)، تستقبلان 50 ميتا في اليوم، بمعدل 25 ميتا لكل واحدة منهما. أي ان المقبرتين الرسميتين تستقبلان معا في السنة، مامجموعه 18.250 ميت بيضاوي.
 
من هنا دلالة "انقضاض" السلطات على الأرض المهجورة خلف ضريح سيدي مسعود، لأن هذه الأخيرة ستخفف العبئ، وستستوعب حوالي 12% من البيضاويين كل سنة من الذين سينامون نوما أبديا، في انتظار أن يتم اتخاذ قرار ترحيل دفن الموتى نحو سيدي حجاج وادي حصار !
وإلى أن يتحقق ذلك، ندعو الله أن يلحقنا بأموات المغرب على عمل صالح !