الجمعة 22 نوفمبر 2024
اقتصاد

إصلاح التقاعد والمصادقة على قانون الإضراب يجعل حكومة أخنوش تحت المجهر

إصلاح التقاعد والمصادقة على قانون الإضراب يجعل حكومة أخنوش تحت المجهر تهميش المقاعدين من الحوار الاجتماعي في حكومة أخنوش
أمام حكومة أخنوش مجموعة من التحديات خلال الولاية البرلمانية الحالية، وخاصة تلك المتعلقة بالقوانين ذات الطابع الاجتماعي (قانون الإضراب، قانون النقابات، وإصلاح أنظمة التقاعد)، وهي كلها قضايا مثيرة للجدل منذ سنوات طويلة.

وإذا كانت حكومة العدالة والتنمية في نسختها الأولى، قد رفعت سن التقاعد في خطوة مثيرة بحجة إصلاح هذا النظام، إلا أنها لم تتمكن من طي ملف قانون الإضراب والنقابات، ليستمر شد الحبل بين النقابات وحكومة أخنوش حول هذه القوانين.
 
فهل تملك الحكومة الحالية القدرة على المصادقة على هذين القانونين وزيادة سن التقاعد للمرة الثانية على التوالي أم لا، علماً أن هذه الحكومة تمتلك الأغلبية الكافية للمصادقة على هذه القوانين؟

محمد نشطاوي، أستاذ جامعي، قال: "إن حكومة أخنوش لديها الأغلبية التي تمكنها من المصادقة على كل القوانين الاجتماعية، سواء تعلق الأمر بقانون الإضراب أو إصلاح التقاعد. لكن أعتقد أن السياق نوعًا ما خاص، والظرفية الاقتصادية معقدة، وقد أخذت الحكومة على عاتقها ما يسمى بالمقاربة التشاركية. وأكيد أن التوافق مع النقابات قد يسهل مسؤولية الحكومة، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية، حيث أصبحت أسعار العديد من السلع مرتفعة ويعرف المستوى المعيشي تدهورًا كبيرًا".

وتواجه النقابات هذه الأيام مرحلة حاسمة لاستعادة بعض الثقة في عملها من قبل العديد من الموظفين والعمال، وذلك بسبب مشروع قانون الإضراب.

وقد توحدت العديد من النقابات عبر بيانات متعددة للتعبير عن رفضها للصيغة التي طرحتها الحكومة بخصوص هذا المشروع، مؤكدة أن المكان الطبيعي لمناقشة هذا الموضوع هو جلسات الحوار الاجتماعي، وليس عرضه مباشرة أمام البرلمان للمصادقة عليه.

وترى النقابات أن أي فرض للأمر الواقع حول هذا القانون سيؤدي إلى فشله قبل دخوله حيز التنفيذ.

وتحاول النقابات استعادة جزء من هيبتها "المفقودة" من خلال مواجهتها للحكومة في "معركة كسر العظام".

وأكد نشطاوي أن هناك مطالب للنقابات بخصوص ملف التقاعد، خصوصاً أن الموظفين لا يتحملون مسؤولية أزمة صناديق التقاعد. فهناك مسؤولية على الحكومة التي لم تؤدِ واجباتها منذ سنوات، إضافة إلى طريقة توظيف أموال المتقاعدين لدى صندوق الإيداع والتدبير، والتي تتسم بنوع من غياب الحنكة الاقتصادية، ففي العديد من الدول تحقق أموال المتقاعدين عائدات كبيرة، في حين أن العائد في صندوق الإيداع والتدبير لا يتجاوز 2 في المائة، وهذا ما تسبب في أزمة التقاعد.

وأوضح أن سوء التدبير لأموال المتقاعدين جعل الحكومة تحاول أن تحمل الموظفين عبء هذا الإصلاح، علماً أن الحكومات السابقة تتحمل مسؤولية كبيرة، وكان عليها أن تجد الحلول من أموال الميزانية العامة وليس من أموال الموظفين.

وكشفت مصادر نقابية أن وزير الشغل، عقد سلسلة من اللقاءات في وقت سابق مع المركزيات النقابية للاستماع إلى مقترحاتها بخصوص مسودة مشروع قانون الشغل، على أن تتم مناقشة هذا المشروع في إطار جولات الحوار الاجتماعي التي التزمت بها الحكومة في بداية ولايتها، لكن ذلك لم يحدث. وطالبت النقابات بالسحب الفوري لهذا المشروع من البرلمان وإعادته إلى طاولة الحوار الاجتماعي. كما دعت إلى التحلي بروح المسؤولية والجدية، واحترام الالتزامات الاجتماعية، مع التأكيد على ضرورة تطبيق أحكام الدستور بشكل سليم، وتبني قانون تنظيمي لحق الإضراب يكون عادلًا ومتوازنًا.

وأوضح محمد نشطاوي أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أكد أن أغلب مواد مشروع هذا القانون زجرية ويغلب عليها الطابع الأمني.

وأضاف أنه في حال رغبت الحكومة في إخراج هذا القانون، يجب عليها أن تراعي دستوريته، وتستحضر المقاربة التشاركية والوقائية، وليس المقاربة الزجرية الأمنية، إذ قد يؤدي ذلك إلى إفراغ القانون من محتواه وجعله سيفًا مسلطًا على الطبقة العاملة والموظفين.

وقال نشطاوي: "لابد للحكومة أن تأخذ في الاعتبار كل هذه الإكراهات وأن تصدر هذين القانونين وغيرها من القوانين ذات الطابع الاجتماعي، لأن بعضها مرتبط بالقدرة الشرائية، وبعضها الآخر بالحريات الفردية والجماعية. ولابد من تنسيق وتحاور ووضع خريطة طريق لتنزيل مختلف هذه القوانين بشكل تشاركي".

الشهور القليلة المقبلة ستكون حاسمة في طريقة تعامل الحكومة مع قضية إصلاح التقاعد وقانون الإضراب، وهل سيكون لديها الجرأة للحسم في هاتين القضيتين، خاصة أن الانتخابات على الأبواب، وأي خطوة قد تؤدي إلى فقدان الأحزاب المشكلة للحكومة لأصوات الناخبين، كما حدث مع حكومة العدالة والتنمية في نسختها الثانية.