معذرة بدايةً عن هذه الحِدّة غير المعتادة في التعبير، وأقصد بهذا الاعتذار العنوان أعلاه، والذي يشير إلى من نُسَمّيهم في أدبياتنا الشعبية "كلاب الكَُرنة"، إشارةً إلى أشخاص لا شغل لهم ولا مشغلة، سوى تَلَقُّف الأنباء والأحداث، كل الأنباء والأحداث، والقفز عليها واتخاذها مبرراً ومناسبةً للنيل من أبطالها الوطنيين، مهما كان في ذلك مساسٌ بأمن الوطن، وسمعة الوطن، ومهما كان ذلك خادماً لأجندات أعداء الوطن، و"الكلاسيكيون" منهم على الخصوص، الكائنون على مرمى حجر من حدودنا الشرقية!!
لست هنا بصدد إطلاق كلام منقوع في بِرَكِ الغموض واللّبس، بل أريد به، بكل الصراحة والوضوح المُمْكِنَيْن، المغاربةَ المنتحلين لصفات حقوقية ومواطِنة، من قبيل أمناء جمعيات حقوقية وأخرى مهنية تدّعي الدفاع عن حقوق الإنسان، وعن المشروعية، وهم أبعد ما يكونون عن الحق والمشروعية، وأقصد بالتحديد الصارخ: عُبّاد الكوفية من مسؤولي الجمعية المغربية لحقوق الإنسان؛ ومن جماعة العدل والإنسان؛ وكذا من حزب الظاهرة الصوتية بنكيران؛ مِنَ الذين أعجبتهم أصواتهم "المنكرة"، فطفقوا في هذه الظرفية الحرجة بالذات، والتي تجتازها قضيتنا الوطنية الأولى، يلعبون على أوتار "مناهضة التطبيع مع إسرائيل"، وهم يعلمون أن حزب بنكيران، تحديداً، هو الذي وقّع من خلال أمينه العام السابق ورئيس حكومته الثانية غير المأسوف على ذهابها، على اتفاقية أبراهام الثلاثية، المُبرَمة بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، ليس لضرب الكفاح الفلسطيني كما يقولون كذباً وافتراءً وبُهتاناً، وإنما وقّع المغرب على تلك الاتفاقية لضمان الحماية اللازمة لنفسه وأهله ومواطنيه ضد عدوه الكلاسيكي، كما سمّى ذلك العدو نفسه، والذي يتربص به الدوائر، ويوجّه إليه تهديدات يومية علنية بالهجوم عليه وعلى مدنه الداخلية الآمنة، بل يدفع ميليشياته الجنوبية لتهاجم قواته الملكية ومعها قوات المينورسو المكلفة بمراقبة وقف إطلاق النار بالمنطقة، حتى أن ذلك العدو بدأ فعلا في دق طبول الحرب على مقربة منا، يومياً وبلا هوادة!!
وبالرغم من كل ذلك، يؤاخذنا هؤلاء الأدعياء الأغبياء عَبَدَة الكوفية على محاولتنا، فقط لا غير، تأمين وسائل دفاعنا عن النفس، وقد رأى أولئك المارقون المُفترون بأمّ أعينهم كيف أن ذلك الاتفاق الثلاثي مكّن بلادنا من تقنيات عسكرية وأمنية جعلت عدوّنا سالف الإشارة يفكر ويعيد التفكير، قبل المغامرة بإشعال فتيل أيِّ مواجهة مباشرة مع قواتنا المسلحة الملكية، التي صار ذلك الجار العدو مُوقناً قبل غيره بأنها أصبحت تتفوق عليه نوعياً في تجهيزها وتسليحها، وتكنولوجيا في امتلاكها لوسائل معلوماتية سيبيرانية، وأخرى مخابراتية، لها نصيبها الوازن في ربح المعارك، أيِّ معاركَ كيفما كان نوعها، وأنها صارت محصَّنةً ومَنيعةً في مواجهة خردة ذلك العدو وتجهيزاته الحربية، المتفوقة من حيث الكمُّ وليس أكثر، وكل هؤلاء يعلمون حق العلم أن الجيل الجديد من الحروب لا مكان فيه للكم، وإنما الكلمة الفصل تكون فيه حتماً لنوعية التسليح المتطور، والتجهيز التكنولوجي غير المسبوق، ولا شيءَ غيرَ ذلك!!
المصيبة الآن، وفي هذه الساعة، أن هؤلاء الأدعياء نسوا الله في تَنَكُّرِهم لوطنهم فأنساهم الله أنفسَهم، فخرجوا في وسائل التواصل الاجتماعي خرجاتٍ فاضحةً يَدعُون من خلالها المواطنين المغاربة الشرفاء إلى التظاهر صراحةً لإسقاط الحكومة، ثم تطورت نواياهم بالتزامن مع دسائس "المحور الثلاثي الشيطاني المتشكِّل من الجزائر وقطر وإيران"، وبالمواكبة مع دعوات مسؤولين جزائريين حملتهم الوقاحة والغباء السياسي إلى مخاطبة الشعب المغربي مباشرةً، في سابقة سياسية لم يسمع بها أحد في أي بقعة أخرى من بقاع المعمور، داعين إياه إلى الخروج في مظاهرات عارمة، من أجل تطويق القصر الملكي، والسعي من وراء ذلك إلى تغيير الواقع المغربي وقلبه رأساً على عقب، ومن أراد التيقّن من هذا المَسخ فليكتب اسم الغبيّ الجزائري "بن قرينة" في خانة البحث عبر اليوتيوب!!
كل ذلك، فضلاً عن التحرشات السياسوية المدعومة بكل تأكيد من لدن مخابرات عبلة، ولا أشك شخصيا في أن هذه الأخيرة دفعت وتدفع بسخاء من أجل تجنيد هؤلاء الخونة المارقين، الذيم ما زالوا بكل جرأة ووقاحة يتقاسمون معنا العيش تحت سقف الوطن!!
بالمناسبة، أؤكّد هاهنا بأنني أعجب لكون "النيابة العامة" لم تحرك إلى غاية هذه الساعة ساكناً، أمام هذا "التهديد المباشر والصريح للأمن العام"، موازاةً مع ما فعله قبل أيام معدودة الشماكرية الفلسطينيون في العاصمة الفرنسية باريس، وكأننا أمام حَبكة محبوكة، وخطة شيطانية جهنمية مدروسة ومُبَيَّتة، ترمي إلى زعزعة الاستقرار في وطن لا يوجد في كل المناطق المغاربية والعربية والإفريقية بلد واحد يضاهيه في استقراره وأمنه وأمانه!!
نهايتُه، ولحسن الحظ، أنني شخصياً لستُ من دُعاة الرد على العنف بأعنف منه، وإلاً لكان لي أسلوب آخر في القول والتعبير!!
لذلك، أكتفي بأن أسأل الله السلامة والعافية في هذا الوطن الغفور الرحيم، الذي يلتزم لحد هذه اللحظات ببرودة دمه، وحكمته ورزانته، وبتَبَصُّرِه وهدوئه حفاظاً على الدم والكرامة والأنفس!!
تُرَى، هل يتّعظ خونة الداخل هؤلاء، أم أنهم سيظلون على غِوايتهم سائرين، وعلى تَنَكُّرهم لوطنهم وأهليهم محافظين، إلى أن يقع الفأس في الرأس، ويَعيل الصبر، وتخرج ردّات فعل قوانا الحية والغيورة والمواطِنة عن الطَّوْع في مواجهة "كلاب الكَُرنة" هؤلاء؟!!
اللّهم إني قد بلّغتُ... اللهم فاشْهَد!!!
محمد عزيز الوكيلي/ إطار تربوي
