السبت 23 نوفمبر 2024
اقتصاد

ارتفاع الحوادث المدرسية في المغرب... ظاهرة مُقلقة تتطلّب تدخلاً عاجلاً لحماية 8 ملايين تلميذ

ارتفاع الحوادث المدرسية في المغرب... ظاهرة مُقلقة تتطلّب تدخلاً عاجلاً لحماية 8 ملايين تلميذ تبقى سلامة التلاميذ أولوية قصوى يجب على الجميع التعاون لضمانها
تشهد المؤسسات التعليمية في المغرب زيادة ملحوظة في عدد الحوادث المدرسية، مما يثير قلق الأسر والجهات المعنية. هذه الحوادث تتنوع بين الإصابات البدنية الناتجة عن الأنشطة الرياضية أو التنقل داخل المدرسة، وحوادث العنف بين التلاميذ، وصولاً إلى حوادث السير التي تحدث أثناء تنقلهم من وإلى المدرسة أو ظاخل المدرسة تنتج عنها وفاة. هذه الحوادث تطرح تساؤلات حول مدى تأمين محيط المؤسسات التعليمية والاحتياطات التي يجب اتخاذها من قبل الأسر والجهات المسؤولة داخل المدارس.

أرقام مُثيرة للقلق
تشير إحصائيات وزارة التربية الوطنية إلى تسجيل آلاف الحوادث المدرسية سنويًا، حيث سُجلت خلال العام الدراسي 2022-2023 أكثر من 6000 حادثة مدرسية على مستوى المؤسسات التعليمية بالمغرب، تشمل الإصابات الجسدية البسيطة والمتوسطة، بالإضافة إلى حالات أكثر خطورة تطلبت تدخلاً طبياً عاجلاً. مما يثير القلق بشكل خاص هو ارتفاع حوادث العنف بين التلاميذ، إذ أظهرت دراسات ميدانية أن 30% من التلاميذ تعرضوا لشكل من أشكال العنف المدرسي.

أسباب تزايد الحوادث المدرسية
يرى فاعلون داخل منظومة التربية والتكوين في توضيحات لـ"أنفاس بريس"، ان هناك عدة عوامل تساهم في زيادة الحوادث المدرسية في المغرب، منها الاكتظاظ في المدارس، حيث تشهد المدارس المغربية اكتظاظًا كبيرًا في الفصول الدراسية والمرافق العامة، مما يزيد من فرص وقوع الحوادث، وكذا نقص الرقابة، ففي بعض الحالات، يُلاحظ غياب الرقابة الكافية من طرف الأطر التربوية أو الحراس، مما يسمح بوقوع حوادث، خاصة في الأوقات التي لا يتم فيها تنظيم الأنشطة، إلى جانب غياب و سوء تجهيز البنية التحتية، ففي العديد من المدارس، تعاني المرافق الرياضية وساحات اللعب من نقص الصيانة أو التجهيزات، مما يزيد من خطورة الحوادث.
وعلاوة على ذلك، يرصد ضعف الوعي الأمني، حيث ضعف التكوين لدى بعض التلاميذ في التعامل مع المخاطر والتزامهم بإجراءات السلامة يعزز من فرص وقوع الحوادث.

ما المطلوب فعله داخل المؤسسات التعليمية؟
للحد من الحوادث المدرسية، يقترح هؤلاء الفاعلون حزمة إجراءات ملحّة يجب على المؤسسات التعليمية اتخاذها، أبرزها تحسين البنية التحتية، مما يتطلب ضرورة توفير مرافق رياضية وساحات لعب آمنة، مع صيانة دورية للتجهيزات، إلى جانب تعزيز الرقابة، حيث يتعين تخصيص عدد كافٍ من الأطر التربوية والحراس لمراقبة الأنشطة داخل المؤسسات، خاصة خلال الفترات التي يزيد فيها التلاميذ من تحركاتهم، مثل أوقات الاستراحة، فضلا عن تنظيم دورات تدريبية، حيث على المؤسسات تنظيم ورش عمل للتوعية حول السلامة المدرسية وطرق التعامل مع المخاطر، بمشاركة متخصصين في الإسعافات الأولية، إضافة إلى تفعيل دور الأطر الطبية عبر توفير مراكز صحية مدرسية أو تخصيص أطر طبية متخصصة في التعامل مع الحالات الطارئة.

دور الأسر في الوقاية من الحوادث المدرسية
ولا يقتصر دور الوقاية من الحوادث على المؤسسات التعليمية فقط، بل يمتد ليشمل الأسر التي يجب أن تتخذ احتياطات معينة لحماية أبنائها، ومنها، التوعية المنزلية، حيث على الأسر توعية أبنائها بضرورة اتباع إجراءات السلامة داخل المدرسة وخارجها، مثل الانتباه أثناء التنقل وعدم الانخراط في أنشطة عنيفة، وكذا توفير وسائل نقل آمنة، حيث يجب على الآباء الحرص على اختيار وسائل نقل آمنة وموثوقة لنقل أبنائهم من وإلى المدرسة، خاصة في ظل ارتفاع حوادث السير المتعلقة بالتنقل المدرسي، بالإضافة إلى التواصل المستمر مع المدرسة، إذ يتعين على الأسر التواصل بانتظام مع إدارة المدرسة لمتابعة حالة أبنائهم، والتأكد من توفير بيئة آمنة لهم.

مؤشرات ودعوات للتدخل العاجل
على الرغم من الجهود التي تبذلها بعض المؤسسات التعليمية، فإن ارتفاع عدد الحوادث المدرسية يشير إلى ضرورة تدخل عاجل من الجهات الوصية على القطاع. ويُطالب العديد من الخبراء بتفعيل برامج حكومية لتعزيز السلامة في المدارس، مع تخصيص ميزانيات إضافية لتحسين البنية التحتية، وتطوير برامج تدريبية مكثفة للأطر التربوية والتلاميذ على حد سواء.

وتبقى سلامة التلاميذ أولوية قصوى يجب على الجميع - من أسر ومدارس وجهات رسمية - التعاون لضمانها، بما يحقق بيئة تعليمية آمنة تُتيح للتلاميذ التركيز على تحصيلهم الدراسي بعيدًا عن هذه المخاطر.