"يُعتبر مرجعا رئيسيا في موضوعات الأنثروبولوجيا الاجتماعية المتعلقة بالثقافة الصحراوية"، هذه شهادة أسلامة أشطوط، الباحث في التاريخ، والتراث والدراسات الصحراوية والافريقية، في حق الدكتور رحال بوبريك، الذي تم تعيينه، الجمعة 18 أكتوبر 2024، مديرا للمعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب، وذلك ضمن عدد من التعيينات التي تم اتخاذها في المجلس الوزاري.
وأضاف أشطوط، أن رحال بوبريك متخصص في مجال الأنثروبولوجيا، ويُعد من أبرز الباحثين في قضايا الصحراء والثقافات البدوية. إذ عمل على دراسة المجتمعات الصحراوية من جوانب متعددة، بما في ذلك التقاليد، الحياة الاجتماعية، والعلاقات الثقافية والتاريخية التي تربط الصحراء بالمغرب وبقية العالم.
رحال بوبريك معروف بإسهاماته في مجال الكتابة الأكاديمية حول المجتمعات البدوية، ولديه دراسات عديدة حول التحولات الاجتماعية والثقافية التي شهدتها هذه المجتمعات مع مرور الزمن.
فمن يكون الدكتور رحال بوبريك الذي تم تعيينه مديرا للمعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب؟
ولد رحال بوبريك، ببادية مدينة طانطان، سنة 1965، وتابع دراسته الابتدائية متنقلا بين مدن (ورزازات والرباط والطنطان)، وتابع دراسته الإعدادية والثانوية بطانطان، إلى حين حصوله على شهادة البكالوريا سنة 1986. لينتقل بعدها إلى كلية الآداب بجامعة محمد الخامس بالرباط، حيث سينال شهادة الإجازة بشعبة علم الاجتماع سنة 1990. ثم تابع بعدها دراسته بفرنسا، حيث سيحصل بجامعة السوربون بباريس، على دبلوم الدراسات المعمقة سنة 1993. الأمر الذي مكنه من مواصلة مشواره الأكاديمي بجامعة إيكس مارسيليا، التي حصل فيها سنة 1997 على شهادة الدكتوراه، في أطروحة بعنوان: "الصلحاء والمجتمع في الإسلام: الطريقة الفاضلية بالغرب الصحراوي (Saints et société en Islam) والتي نشرت سنة 1999، عن منشورات المركز الوطني للبحث العلمي بباريس.
ولد رحال بوبريك، ببادية مدينة طانطان، سنة 1965، وتابع دراسته الابتدائية متنقلا بين مدن (ورزازات والرباط والطنطان)، وتابع دراسته الإعدادية والثانوية بطانطان، إلى حين حصوله على شهادة البكالوريا سنة 1986. لينتقل بعدها إلى كلية الآداب بجامعة محمد الخامس بالرباط، حيث سينال شهادة الإجازة بشعبة علم الاجتماع سنة 1990. ثم تابع بعدها دراسته بفرنسا، حيث سيحصل بجامعة السوربون بباريس، على دبلوم الدراسات المعمقة سنة 1993. الأمر الذي مكنه من مواصلة مشواره الأكاديمي بجامعة إيكس مارسيليا، التي حصل فيها سنة 1997 على شهادة الدكتوراه، في أطروحة بعنوان: "الصلحاء والمجتمع في الإسلام: الطريقة الفاضلية بالغرب الصحراوي (Saints et société en Islam) والتي نشرت سنة 1999، عن منشورات المركز الوطني للبحث العلمي بباريس.
بعد حصوله على شهادة الدكتوراه اشتغل باحثًا لمدة سنة بمعهد تقدم العلوم ببرلين في ألمانيا ضمن برنامج حول الإسلام والحداثة. وفي سنة 2000 التحق بالتدريس كأستاذ التعليم العالي بكلية الآداب/جامعة ابن زهر بأكادير، وقد تنقل في مساره بين ثلاث جامعات مغربية. فبعد جامعة ابن زهر، سيلتحق بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة سنة 2008، وبعدها بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الخامس بالرباط سنة 2011، ليستقر به الأمر أخيرًا بمعهد الدراسات الإفريقية ابتداء من 2017. حيث سيهتم بشكل كبير بقضايا الساحل والصحراء، والمشاكل المرتبطة بالهجرة ومشكلات الأمن والسلم، والتطرف والإرهاب، ودينامية الأقليات، والهويات المتصارعة في منطقة الساحل الإفريقي.
تقلد الأستاذ مهام إدارية ومسؤوليات أكاديمية مختلفة، فإلى جانب كونه أستاذا محاضرًا في جامعات عدة، فإنه مدير (سابق) لمركز الدراسات الصحراوية بجامعة محمد الخامس، ومستشار لرئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان.
ويعتبر رحال بوبريك، من الباحثين والأنثربولوجيين القلائل (إلى جانب بيير بونت، عبد الودود ولد الشيخ، ومصطفى ناعيمي...)، الذين كرسوا حياتهم بشكل كبير، لدراسة مجتمعات الصحراء الأفريقية الكبرى، ومجتمع البيضان الذي يشغله في جل دراساته وكتاباته التي تتميّز بالدقة والعمق والوضوح بشكل متلازم، وهي خصلة قلما توفرت بسهولة للأكاديميين المغاربة الذين يميلون غالبًا إلى التنميق والتزويق، وأساليب المراوغة والتعتيم المُبالغين.
إن هذا الاهتمام الملحوظ من طرف رحال بوبريك بالمجتمع الصحراوي التقليدي، وبنياته ومؤسساته وعاداته، ودينامياتها المتنوعة، تُترجمُه كتبه العديدة التي يطفح بها المشهد الأنثروبولوجي والسوسيولوجي المغربي مند بداياته الأكاديمية. نذكر من ذلك على سبيل المثال: "الأولياء والمجتمع في الإسلام" (بالفرنسية 1999)، "المدينة في المجتمع البدوي (بالفرنسية 2003)، "دراسات صحراوية" (بالعربية2008)، "زمن القبيلة وإشكالية السلطة وتدبير العنف في المجتمع الصحراوي" (بالعربية، في طبعتين2012-2019)، "بين الله والقبيلة: رجل الدين والسلطة السياسية في موريتانيا" (بالفرنسية2011)، و"بركة النساء: الدين بصيغة المؤنث" (بالعربية)، "من الخيمة إلى المدينة: المجتمع الصحراوي ونهاية البدوية" (بالفرنسية2017)، "مدخل إلى الأنثروبولوجيا" (بالعربية 2014)، "الأنثروبولوجيا، نظريات وتجارب" (بالعربية2019). إلى جانب مقالات عديدة منشورة في مجلات علمية وطنية ودولية، من قبيل: "فقهاء الأمير وأمير الفقهاء" (2009 بالفرنسية)، "ظهور مهدي صحراوي" (بالفرنسية 2009)، "حين يؤسس الأولياء القرى" (بالفرنسية2000)، "عودة الهويات الجماعية"(بالعربية 2018)...إلخ. هذا علاوة على أعمال ومنشورات أخرى، سواء التي عمل على تنسيقها أو تأطيرها، أو تلك الأنشطة الأكاديمية التي أشرف عليها كما هو الحال مع ماستر "الإنسان والمجال بالصحراء: الديناميات الاجتماعية" (2013-2015)، وماستر "التراث الصحراوي" (2015-2017)، إلى جانب تأطيره وإشرافه على أطروحات الدكتوراه في إطار مشروعه الطموح لتثمين وإغناء البحث الأكاديمي حول المجالات الصحراوية الحديثة العهد بالاهتمام المغربي.
إن ملاحظة بسيطة، تؤكد للقارئ المُهتم والمتيقظ، أن الأنثروبولوجي رحال بوبريك، من عطاءات الصحراء التي يصعب أن تلد باحثًا آخر من طرازه، إنتاجًا واهتمامًا وتنقيبًا وتأسيسًا، خاصة وأنه يقتحم عوالم متعددة من مجالات الأنثربولوجيا والسوسيولوجيا، مع نهله من مختلف مصادر المعرفة الإنسانية، كالفلسفة والتاريخ والتراث والأركيولوجيا وكتب النوازل.. لذلك تتميّز كتاباته برصانة علمية، وبعمق أنثروبولوجي وتاريخي واضحين. يهتم الأستاذ بمواضيع وظواهر سوسيولوجية وأنثروبولوجية شتّى: السلطة، القبيلة، القرابة، الصلحاء، النساء، التصوف، البداوة، الهوية، العنف، الحرب، المدينة...إلخ. ولأن "العلم ربيب العمران" كما كان يقول ابن خلدون، فإن الأستاذ رحال بوبريك قد عمل جاهدًا على إحداث "مؤسسات عمرانية" بالمعنى الواسع للكلمة، ووحدات بحث جامعية مُولدة ومحتضنَة في الوقت نفسه للدراسات الصحراوية والباحثين الصحراويين وغير الصحراويين، من دول ومناطق مغربية مختلفة.
يأتي هذا السعي في إطار رغبته في تصحيح الكثير من المصادرات التعميمية، الكولونيالية والمغربية على حدّ سواء، فإذا كان الأنثروبولوجي الفرنسي (الجزائري) جاك بيرك(J. Berque) على سبيل المثال، يعتبر بأن الدولة الحديثة بدأت مع السعديين والعلويين (خارج الشرف والدين)، فإن رحـال بوبريك يعتبر بأن "معظم الدول التي حكمت المغرب أسسها رجال الدين بالتحالف مع القبيلة"، هاته الأخيرة التي تدبر العنف داخل المجتمع عبر نُظم عرفية كالخاوة والذبيحة من خلال مؤسسة الجماعة، معتبرًا في جل كتاباته بأن الرابط القبلي، ليس جينيالوجيا، أو حقيقة تاريخية بالضرورة، بل إن الانتماء للجد المشترك الذي يؤسس لوحدة القبيلة، غالبًا ما يكون "مختلقا ومحكومًا بأهداف إيديولوجية". ولأن مجال اهتمامه هو مجال الصحراء، فإنه يعتبر بأن هاته المجالات الصحراوية لم تشهد في تاريخها (إلا بشكل متأخر بواد نون) "نظاما قايديًا"، ولا "شخصيات استبدادية" على شاكلة كبار قواد الأطلس. غير أن الإدارة الكولونيالية ومؤسسات الدولة الوطنية فيما بعد، هما اللتان ستعملان بشكل كبير على زعزعة الأشكال التقليدية للتنظيم الاجتماعي بالمجتمع الصحراوي.