الخميس 4 يوليو 2024
مجتمع

تطوان.. خطيب صلاة عيد الأضحى بترتيب وتلغيم علاقة المغرب بإسبانيا!

تطوان.. خطيب صلاة عيد الأضحى بترتيب وتلغيم علاقة المغرب بإسبانيا! الوزير أحمد التوفيق والخطيب محمد المشكوري
بعد عيد الأضحى في 17 يونيو 2024، وفي متمه في 30 منه، نشر موقع "بريس تطوان"، مادة تحت عنوان:"دلالات خطبة وصلاة عيد الأضحى المبارك لجلالة الملك بتطوان ".
 
وإذا استثنينا مدخل المادة،وما شابتها من أخطاء في الرصد التاريخي ،فإن محتواها لا علاقة له بالعنوان،وهو يمرر إشهارا ذاتيا ل"الشباب"؛ الخطيب محمد المشكوري ونائبه الإمام المرشد مصطفى الرباطي،في وقت يعيش فيه المغاربة ،بجميع روافدهم الأمازيغية وغيرها ،لحظة وجدانية جماعية في تعاطفهم الإنساني مع رمز الأمة .
 
وحيث إن هذا العنوان يتعلق بمشترك المغاربة الديني والمؤسساتي،فإنه لا يمكن السماح أن يتخذه البعض كرافعة لتمرير مصالح شخصية،واستغفال يقظة "تمغربيت"،ومن ثم إحراج الدولة .لذا فإن الجبهة الإديولوجية المشكلة من الخطيب ونائبه وحاضنة النشر،في انزلاقها هذا ،تستوجب بعض التوقف ،على الأقل عند الخطيب لوضع الأمور في نصابها.
 
إن السكوت/التغافل عن الخطيب ،لما تبلور اختياره،والسكوت عن مضمون الخطبة، والارتباك الذي خلفته خاتمة الخطبة الأولى،والتي كادت أن تفرض إيقاعا مغايرا على الصلاة ككل،فهذا السكوت،أملته مراعاة مصلحة عامة تتمثل في سمو لحظة العيد ومنسكه،وصورة وطن ومدينة، بمجهودات مختلف المتدخلين والمواطنين، لإنجاح هذا الاستحقاق الديني الكبير.لذلك ما كان ينبغي من منطلق الحكمة، "خذش" رمزية هذا المنجز في جمالية كليته.لكن في المقابل ،ما كان ينبغي استغلال هذا السكوت بعد ذلك ،باستغفال ذكاء نخبة المدينة والمتتبعين،لتمرير رهانات شخصية.أما وقد وقع المحظور، فوجب رد عقارب الساعة إلى الوراء، على محك النظر.
 
1-لقد سعى رئيس المجلس العلمي المحلي الأستاذ محمد الشنتوف، في ظل الغياب المتنامي لثقافة التعفف في الحقل الديني ،لتحفيظ صلاة العيد بالمقام في اسمه.لكنه لما فهم أنه غير مرغوب فيه،وقد أبطل من قبل، صلاة أهل تطوان في عيد الفطر ،اقترح حوارييه لاحتكار "الريع" في مقربيه.هذا ببساطة أصل الاختيار.ولا يحتمل أي تجريد للتدليس على الناس.لكن مع ذلك يجب مساءلة هذا الاختيار على أي أساس مهني تم،وفي تطوان من هو أكفأ لذاك؟
 
وإذا استحضرنا بُعد الصفة ،فالأستاذ المشكوري هو إمام راتب بتطوان ،وعضو المجلس العلمي المحلي، حديث العهد بالمجلس،وخطيب بسبتة.فما هي صفة اعتماده كخطيب في تطوان،وخطيب العيد يُختار على أساس أنه خطيب في محله، وليس لأنه إمام راتب أو عضو المجلس العلمي؟ فالاختيار الذي تم، يضعنا أمام نازلة استقدام خطيب من سبتة، تابع لمندوبية الشؤون الإسلامية بعمالة المضيق الفنيدق، للصلاة في تطوان،وكأن تطوان عقيمة لهذا الحد.
 
أما محاولة إخفاء طابع ثقافة 'التسول"، بإضفاء مغزى معين على هذا الاستقدام من سبتة، فهذا من التدليس الذي لا يخفى ضرره على صورة البلاد والمؤسسات بإدخال علاقة المغرب بإسبانيا في حساسية نحن في غنى عنها.وهذا البعد يقتضي بعض البيان لإدراك الفرق بين الأمس واليوم.
 
لقد سبق للزميل عبد الرحيم أريري، أن كتب في "أنفاس بريس": "الملك يطوق خطة إسبانية لتجفيف منابع إمارة المؤمنين"،في بداية يوليوز 2014،عقب صلاة الجمعة،لأمير المؤمنين، بمسجد محمد الخامس بالفنيدق، في 27 يونيه 2014.وقد تولى الخطابة يومئذ، الأستاذ أحمد بنحمو ،خطيب مسجد الأمير بحي «بريسيبي» بسبتة .فهذا الرجل البركة، مالكي أشعري ومقدم الزاوية التجانية بذات المدينة،وعضو المجلس العلمي بالمضيق- الفنيدق.فكونه من "مسلمي سبتة" (إذا استعملنا بتحفظ القاموس الإسباني) .وإذا علمنا السياق آنذاك المتمثل في استعمال إسبانيا للورقة الدينية لفصل مغاربة سبتة ومليلية دينيا عن مرجعية إمارة المؤمنين بالمغرب،أدركنا رمزية المناداة على سي بنحمو للإمامة بأمير المؤمنين في الفنيدق.وقد أدت هذه "الرسالة" وظيفتها.
 
الآن الوضع مختلف،في ظل تفاهمات المغرب مع إسبانيا في هذا الجانب.ناهيك عن كون الخطيب المشكوري وهابي في هيأة صلاته المعتادة، وفي توقيتها فجرا،وفي خطاباته في ميثاق العلماء لتأطير الأئمة..صحيح من جانب آخر،أن الخطيب محمد الفزازي صلى الجمعة في حضرة أمير المؤمنين في مسجد طارق بن زياد بطنجة.
 
لكن الأمر كان مرتبطا بشأن داخلي بخصوص مسألتي المراجعة والمصالحة. ومن ثم بيان قدرة المغاربة على التجاوز.وقد تحقق الهدف من هذه "الرسالة" كذلك.
 
أما محاولة إعطاء صلاة العيد،وراء وهابي شاب،يمارس الخطابة بسبتة ،رسالة معينة لإسبانيا، فهذا من الفتنة والتضليل .في حين أن الأمر في مبتدئه ومنتهاه، مرتبط بمنظومة التهافت على "الريع" ،يتحمل مسؤوليته كاملة، من هم في موقع تدبير "تفاصيل" الشأن الديني في تطوان، من رئيس المجلس العلمي المحلي ،ومندوب الشؤون الإسلامية..لكن هذه الخرجة للتهريب الديني، تستوجب بلا شك تدخل الساهرين على "كليات" السياسة الدينية في البلاد،وإلا ستنعدم البركة في هذا الحقل،وقد طالته هو الآخر "الطوطوة".
 
2-أما فيما يخص صلاة العيد والخطبة-والخطيب يروج في وسطه ،بأنها أحسن صلاة على الإطلاق في تطوان،في تعريض مباشر برئيسه الذي اختاره،مما يبين رسوخ العقلية الإنقلابية في الحقل الديني- فسنزجي له التحية التالية:
 
-أولا، في مسألة التكبير ،فقد خالف به القواعد المعمول بها. لقد رقق الراء منه في موضع التفخيم، مما انقلب الأمر على الباء.
 
-ثانيا، أثناء سورة الفاتحة، وقف أربع وقفات .فلا هو اعتمد فيها على الوقف التام، كما درج عليه المغاربة في قراءة الفاتحة في غير الصلاة. حيث يقفون ثلاث وقفات. ولا هو اعتمد الوقف الحسن المعمول به في قراءة الفاتحة أثناء الصلاة ،حيث يقفون على رؤوس الٱيات. وبذلك يكون قد ابتدع في وقف الفاتحة ،ما ليس معروفا عند المغاربة المالكيين.
 
-ثالثا، بخصوص مضمون الخطبة ،فيلاحظ مسحة التشدد فيها.وفي هذا جرأة كبيرة على المقام.ذلك أنه في وقت يعيش فيه المغاربة غلاء الأضاحي وعزوف معظم المساكين والفقهاء عن شراء أضحية العيد ،حتى لا يسقطوا في الإجحاف والتكلف المنهي عنه شرعا، اعتمد الخطيب(بسرد خطبة التوفيق) أسلوب التضييق بدل التوسعة، فحث وألح في الحث على ذبح الأضحية ،من غير التماس الرخصة لمن لم يضح من الأمة و لغير القادرين، علما أن أضحية الإمام الأعظم/أمير المؤمنين، تنوب عن من لم يضح من فقراء ومساكين الأمة.وهذا أمر في الدين، في باب اليسر ، ومقام صاحب الأمر في رفع الحرج عن المستضعفين، ينبغي بيانه للناس.لكن مع الأسف، اجتمع في دعوة الخطيب التي رددت خطابا أصوليا متشددا ، ظلم غلاء السوق والشناقة من جهة، وظلم غفلة الأستاذ التوفيق من جهة ثانية.
 
فلو كان هذا الخطيب نبيها،ومنتظما في التاريخ المذهبي للبلاد، لكان قد أثار انتباه وزير الأوقاف في جلسة "المذاكرة"،إلى هذا الجانب.ولا شك أن الوزير سيتذوق المعنى.
 
أما بعد،فهذا ما جاء في باب مزالق تهافت الريع،و في إرضاء الأصولية في شخص الخطيب والخطبة.وما جاء في ضرر عماء المصالح الشخصية على مصلحة البلاد.وما جاء من جرأة على يسر الدين،في حضرة المقام. كل هذا ما كان ينبغي التغافل عنه، وقد حصل تضليل الرأي العام ."فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ مَا ٱسْتَطَعْتُمْ وَٱسْمَعُواْ وَأَطِيعُواْ.."!