اعرف، وتعرفون جميعاً، أن المَثَل المغربي الساخر، في العنوان اعلاه، يتحدث عن عضو آخر في الديك قريبٍ من ظهره (!!!) ولكن أدبيات الكتابة تقتضي التغاضي عن المفضحات والاكتفاء بالإشارة إليها من بعيد!!
مناسبة استحضار هذا المثل العامّي الهجين، لم تكن سوى شطحات بعض المسؤولين الأسبان، الذين لم يستطيعوا التجاوز عن التوجه المغربي، "السيادي"، نحو تحديث الترسانة العسكرية المغربية، وتطوير القدرات القتالية الذاتية، المغربية، كما تفعل كل الدول ذات السيادة في العالم المتحضر، خصوصاً وأن المغرب يقع على مرمى حجر من جارٍ عَدائيٍّ وعُدوانيِّ يتصيد الفرص لجرّه إلى حرب مباشرة، بل قد أعلنها من جانب واحد منذ سنين خلت، وشرع في ممارستها بالوكالة أحيانا بواسطة سِقْطِ مَتاع مرتزقة المنطقة المغاربية، الحاملين لاسم البوليخاريو (حرف الخاء هنا ليس بفعل الخطأ!!)، ويقترفها في أحيان أخرى مباشرةً عن طريق تقتيل شباب مغربي في عرض البحر، كل ذنبهم أنهم جنحت بهم مركباتهم، أو دراجاتهم المائية، بفعل التيار البحري الخارج عن الإرادة، فاجتازوا خط الحدود البحرية بين البلدين عن غير قصد، وما زالت تقتنص الفرص للتمادي في ذلك، لعل المغرب يَعِيلُ صبرُه، ويفقد صوابَه، ويتنازل عن حكمتِه واتّزانِه، فينساق معهم في صراع، إذا قُدِّر له ان يبدأ فلن ينتهي إلا برجوع البلدين الجارين معا إلى أكثر من نصف قرن إلى الوراء!!
وبطبيعة الحال، فالجزائر تموت شوقا إلى وقوع هذه الكارثة البشرية، لأنها فقدت الأمل في اللحاق بمغرب يهرب عنها إلى الأمام بسنوات ضوئية، ولا يزال يفعل، حتى أن ذلك الجار اكترى أقلاماً لِمرتزقةٍ ألمانيين، في أحد مراكز الدراسات الإستراتيجية، ليخرجوا بتقرير باسم هذا المركز يستنكرون فيه تَقَدُّمَ المغرب على كل من الجزائر وتونس وليبيا، ويطالبون فيه الاتحاد الأوروبي بعمل أي شيء يمكنه أن يَحُدَّ من التفوّق المغربي، ويُوازِنَ بالتالي بين المغرب وهذه الدول الفاشلة، في حين كان عليه أن يوجّه النصح والعون لهذه الأخيرة لكي تتخلص من أنظمتها الفاسدة، وتنتبه إلى متطلبات تنميتها، وإلى الاحتياجات العاجلة والحيوية لشعوبها، بدلاً من الاكتفاء بمتابعة المغرب بعيون ملؤها الغيرة العمياء والحسَد الأسود!!
كل هذا لم يشفع للمغرب في عيون بعض المسؤولين الإسبان، المدنيين والعسكريين، ليتحركوا فيما يشبه رقصات بهلوانات السيرك، أو رَقّاصي الأفاعي والقِرَدة في ساحتِنا المراكشية الشهيرة، مستعملين كلاماً جارحاً يستحضر ذكريات الحروب المغربية الإسبانية القديمة، التي عفا عنها زمن الحضارة الحديثة، ويتوعّد الشعب الإسباني البسيط بهجمات مغربية محتملة، بل ومتوقَّعة، على سبتة ومليلية والجزر المغربية المحتلة، حتى أن بعض هؤلاء ذكر تواريخَ مُستقبَلِيَّةً قال إنها ستشهد الاكتساح المغربي المتوقّع، وكل ذلك، لا لشيء سوى لأن المغرب منخرطٌ بجد في الحفاظ على "توازن الرعب" كما يقال في الأدبيات الحربية، بينه وبين جزائر لا تنام ولا تصحو إلا على صفقاتِ تَسَلُّحٍ محمومةٍ تُقدَّر قيمتها في كل سنةٍ ماليةٍ بعشرات المليارات من اليوروهات، نكايةً في المغرب، وليس في أي عدو محتمل آخر غير المغرب!!
"دجاجات" الجزائر والمغربِ، إذَنْ، تَبيض فيما بينها، تحت ضغط سباقِ تَسَلُّحٍ محمومٍ ينذر بصدام قد لا يُبقي ولا يَذَر، و"الديك" الإسباني يصيح من الوجع وكأن البيض يخرج من مؤخّرته هو، وليس من مؤخرات الدجاج الجزائري/المغربي، رغم علم جهابذة السياسة والشؤون العسكرية والأمنية، في إسبانيا بالذات، بأن مسألة استرجاع سبتة ومليلية قد ارتبطت منطقياً منذ عهد الملك الراحل الحسن الثاني باسترجاع إسبانيا لصخرة أو شبه جزيرة جبل طارق، لأن المنطق الدولي لن يقبل أن تستفرد إسبانيا وحدها بمراقبة ضفتَيْ المضيق دون شريك مقابل، حفاظاً على التوازن العسكري والأمني والمخابراتي بالمنطقة الإستراتيجية الواصلة بين الأطلسي والمتوسط؟!
رحم الله صاحب ذلك المثل الشعبي... الحكيم والواقعي بكل المعايير!!!
محمد عزيز الوكيلي، إطار تربوي متقاعد.
محمد عزيز الوكيلي، إطار تربوي متقاعد.
