Monday 18 August 2025
خارج الحدود

كريم مولاي: السلطة تتهرب والشعب يغلي.. هل تعيد الانتخابات الأمل للجزائريين؟

 
 
كريم مولاي: السلطة تتهرب والشعب يغلي.. هل تعيد الانتخابات الأمل للجزائريين؟ كريم مولاي وعبد المجيد تبون، والسعيد شنقريحة

في ظل الأزمات المتراكمة التي تعصف بالجزائر، من انهيار اقتصادي إلى احتقان اجتماعي خطير وانعدام الثقة بين الشعب والسلطة، يبرز مطلب الانتخابات الرئاسية المسبقة كخيار لا مفر منه لتفادي انفجار شعبي وشيك.

النظام الحالي في الجزائر، حسب كريم مولاي الخبير الأمني الجزائري، المقيم في لندن، فقد شرعيته في نظر الكثيرين، ولم يعد قادرًا على إدارة مرحلة حساسة تستوجب قيادة حقيقية ومشروعًا وطنيًا جامعًا. في هذا الورقة يُسلّط، كريم مولاي، الضوء على ملامح الأزمة، ويطرح الانتخابات المسبقة كضرورة وطنية قبل فوات الأوان:

 

تمر الجزائر اليوم بمنعطف حاسم يستوجب تدخلًا سياسيًا عاجلًا قبل أن تنفلت الأمور نحو المجهول. أمام انسداد الأفق وتراكم الأزمات، بات من الواضح أن الحل الوحيد الممكن لتفادي انفجار شعبي وشيك هو تنظيم انتخابات رئاسية مسبقة وشفافة تُعيد للشعب ثقته في المسار السياسي وتفتح بابًا نحو التغيير الحقيقي.

انسداد سياسي واجتماعي خانق

الوضع الراهن لم يعد يحتمل مزيدًا من التسويف. الاحتقان الاجتماعي يتزايد يومًا بعد يوم، وسط تصاعد الغضب الشعبي وانعدام الثقة في مؤسسات الدولة. الشعب الجزائري، الذي طالما تحلى بالصبر، يواجه اليوم واقعًا صعبًا أفقده الأمل في إمكانية الإصلاح من داخل المنظومة الحالية.

الرئيس الحالي عبد المجيد تبون، الذي يُنظر إليه من طرف شريحة واسعة على أنه رمز للسلطة الصورية، لا يبدو قادرًا على اتخاذ قرارات سيادية حقيقية. فمراكز النفوذ الفعلية، كما يُشاع، باتت في يد قادة عسكريين ومستشارين يحيطون به ويُغرقونه بتقارير تجميلية لا تعكس الواقع المتدهور.

أزمة شاملة تمس كل القطاعات

الجزائر تعاني من أزمة اقتصادية خانقة تتجلى في انهيار قيمة الدينار، ارتفاع جنوني للأسعار، وتآكل القدرة الشرائية للمواطن. آلاف العائلات تكافح يوميًا من أجل تلبية حاجاتها الأساسية.

على الصعيد السياسي، تعيش البلاد حالة من الجمود الكامل: برلمان بلا دور حقيقي، معارضة مغيّبة أو مقموعة، ومساحة ضيّقة للغاية لحرية التعبير. أما العدالة، فقد فقدت مصداقيتها في نظر الكثيرين، حيث تبدو عاجزة أمام الفاسدين الحقيقيين، في حين تُطبّق بقسوة على البسطاء.

البنية التحتية هي الأخرى تعاني من تدهور مقلق، من طرق محفرة إلى مستشفيات تعاني من نقص حاد في التجهيزات، بينما لا تزال حوادث النقل الجماعي تحصد الأرواح في مشاهد تكرس الإهمال والفساد الإداري.

هجرة العقول والشباب: ناقوس خطر

لا يمكن تجاهل موجة الهجرة المتصاعدة، خاصة بين فئة الشباب والكفاءات. "قوارب الموت" لم تعد مجرّد ظاهرة، بل تحوّلت إلى تعبير صريح عن فقدان الثقة في الدولة وعجزها عن توفير الحد الأدنى من الأمل لجيل كامل.

الانتخابات المسبقة: ضرورة لا تحتمل التأجيل

في ظل هذا المشهد المعقّد، تبدو الانتخابات الرئاسية المسبقة ضرورة وطنية ملحّة، لا مجرد خيار سياسي. هي السبيل الوحيد لإعادة الشرعية للمؤسسات، وبناء قيادة جديدة تستمد قوتها من الإرادة الشعبية، لا من التوازنات غير المعلنة داخل أروقة السلطة.

الجزائر اليوم أمام مفترق طرق حقيقي:

  • إما أن تسلك طريق التغيير السلمي المنظم عبر انتخابات شفافة تُعيد ثقة المواطن في دولته،
  • أو أن تنزلق إلى مرحلة من الانفجار الاجتماعي قد تكون عواقبه وخيمة، حيث لا تنفع بعدها لا الحلول الترقيعية ولا القبضة الأمنية.

ختامًا: الجزائر تستحق الأفضل

الجزائر، بتاريخها وثرواتها وشعبها، لا تستحق أن تُدار بعقلية الارتجال أو بمنطق الخوف من الشعب. حان الوقت لعودة القرار إلى الصندوق، ولتمكين الشعب من اختيار من يحكمه، لا أن يُفرض عليه رئيس بلا صلاحيات ومستشارون بلا رؤية.

الشعب الجزائري لا يطلب المعجزات، بل يطالب بدولة قانون، بعدالة نزيهة، واقتصاد منتج، وقيادة تتحمل المسؤولية أمامه. والانتخابات الرئاسية المسبقة هي الخطوة الأولى في هذا المسار.