الاثنين 25 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

جمال العسري: الخطوة غير الاجتماعية بالزيادة في قنينات الغاز دليل على زيف شعارات الحكومة 

جمال العسري: الخطوة غير الاجتماعية بالزيادة في قنينات الغاز دليل على زيف شعارات الحكومة  جمال العسري
في خطوة لم تكن مفاجئة البتة، حيث تم التقديم لها من خلال قانون الميزانية لسنة2024، أقدمت حكومة الپاطرونا رغم تطمينات ناطقها الرسمي على الزيادة في ثمن قنينات الغاز بنسبة ناهزت ال 25% ،  وهي الزيادة التي دخلت حيز التنفيذ خلال أقل من 24 ساعة على إعلانها ، زيادة شكلت في سرعة الإعلان عنها وسرعة تنزيلها صدمة للمواطنات والمواطنين الذين يعانون أصلا من مشكلات التضخم وما صاحبها من ارتفاع كبير في الأسعار، أسعار كافة المواد الإستهلاكية والضرورية ، واليوم ومع هذه الزيادة الجديدة من المنتظر أن تعرف مواد أخرى لها ارتباط بالغاز زيادات أخرى كمادة الخبز والحمامات
 والمطاعم والفنادق وغيرها من القطاعات المرتبطة بالغاز، ولعل أكبر المتضررين من هذه الزيادة هو القطاع الفلاحي حيث جميعنا نعرف ارتباط المواطن الفلاح بالغاز، و هذا سيثقل ظهر الفلاحين و خاصة الصغار منهم وهم المثقلون أصلا بسبب الجفاف المتكرر على المغرب.
إقدام حكومة الپاطرونا على الخطوة اللاجتماعية، والتي تضرب القدرة الشرائية لشريحة واسعة من المواطنين و خاصة المنتمين للطبقات المتوسطة والهشة والفقيرة هو دليل آخر على زيف شعارات الحكومة وكذب قولها بأنها تسعى لبناء الدولة الاجتماعية ، فكيف لها أن تكون حكومة اجتماعية وهي لا تكف البتة عن إعلان الحرب على الطبقات الفقيرة والجماهير الشعبية عبر الزيادات التي لم تتوقف والتي غزت كما قلنا كل المواد الاستهلاكية؟  فيكفي قيام جولة في الأسواق للوقوف على هذه الزيادات الصاروخية في أثمنة اللحوم والخضر والفواكه والأسماك والتطبيب ... و غيرها من المواد الضرورية.
 حكومة عزيز أخنوش بزيادتها هذه، و بزياداتها المتتالية تثبت مرة أخرى صحة موقفنا منها،فمنذ تنصيبها أعلنا عن رفضنا لهذا التنصيب ورفضنا لزواج السلطة والمال ، وقلنا حينها أنه لا يستقيم أن يترأس الحكومة رئيس واحدة من كبار شركات المحروقات تلك الشركات المتهمة رسميا ومن قبل مؤسسات رسمية - مجلس المنافسة - بالإحتكار والتلاعب بالأثمان والتربح غير المشروع وهو ما دفع بمجلس المنافسة إلى اتخاذ العديد من القرارات الزجرية في حق هذه الشركات ، وقلنا أنه لا يستقيم هذا الزواج الذي لن ينتج إلا مزيدا من الاستبداد و الفساد ، وهو الأمرالذي أظهرته الأيام مع هذا العدد المهول من المتابعات في حق برلمانيين بتهم الفساد ، حكومة الپاطرونا همها الأساسي هو مصلحة الپاطرونا، وهو الزيادة في أرباحها، و كل المتتبعين لعالم المال والأعمال يرون كيف تعلن سجلات هذا القطاع عن زيادة أرباح الپاطرونا وارتفاع نسبها في الوقت الذي تزداد الأزمة على المواطنين ، و يكفي النظر للزيادات المتتالية في ثمن المحروقات.
ووصول نسبتها لحوالي 80% حيث انتقل ثمنها من 7 دراهم إلى 13 درهم رغم استفادة هذه الشركات من الحرب الروسية الأوكرانية و إقبالها على السوق الروسية لرخص ثمن البترول الروسي .
قد يقول قائل بأن الزيادة الحالية في ثمن الغاز قد صودق عليها خلال التصويت على ميزانية 2024 ، نعم قد تم التصويت عليها،و لكننا في الحزب الإشتراكي الموحد صوتنا ضدها و نبهنا إبان عملية التصويت إلى خطورة هذا المسار الذي تسير عليه الحكومةو التي لا تبتكر حلولا ولا تبحث عن حلول إبداعية للخروج من الأزمة الاقتصادية التي يعيشها الوطن، ولكنها حكومة كسولة فاشلة غير مجتهدة كل حلولها تتجه نحو جيوب، المواطنين لتزيدهم قهرا على قهر.. و في المقابل تبتعد عن الپاطرونا وعن الطبقة البورجوازية، لا تكتفي بالابتعاد عنهم بل و تبدع الحلول من أجل حماية مصالحهم و تنمية أرباحهم و يكفي النظر لكيفية تعامل الحكومة مع مقترحات نقابة الپاطرونا بالمقارنة مع تعاملها مع مقترحات النقابات.
مرة أخرى و عبرهذه الزيادة تثبت حكومة الپاطرونا أنها تأخذ باليد اليمنى أضعاف أضعاف ما تعطيه باليد اليسرى، وتثبت أن ما تفضلت به من زيادات في الأجور و هي الزيادات التي جاءت بعد معارك و نضالات و تضحيات فئات واسعة من المجتمع المغربي تأخذ أضعافه بفعل هذه الزيادات دون إغفال تلك الاقتطاعات الضريبية المفروضة على هذه الزيادات. 
مرة أخرى نؤكد أن زواج السلطة بالمال لا يمكن أن ينتج عنه إلا الإستبداد والفساد وليس دولة اجتماعية، الدولة الإجتماعية هي أولا و قبل كل شيء دولة ديمقراطية، والديمقراطية تفرض قبل الزيادة في الأسعارالإقدام على محاسبة شركات المحروقات والغاز التي راكمت الملايير من الدراهم باعتراف مجلس المنافسة.
وعليه فالحل لهذا الوضع هو حل أولا و أخيرا سياسي وذلك عبر القطع مع مسألة زواج السلطة بالمال، بحيث لا يمكن للفاعل الاقتصادي أن يٌقدم مصالح المواطنين على مصالحه الشخصية، وفي الوقت نفسه وجب ربط المسؤولية بالمحاسبة، و الحل هو كذلك عبر إصلاح ضريبي حقيقي في المغرب يتمثل في فرض ضريبة على أصحاب الثروة في المغرب، بالإضافة إلى الحاجة الملحة لسياسة اجتماعية تنظر إلى حال المواطن ومصلحته وكذا ترشيد النفقات عبر عدم صرف تلك الأموال في أشياء لا يستفيد منها الوطن والمواطنون
الدكتور جمال العسري، الأمين العام للحزب الاشتراكي الموحد
 رأي