الاثنين 25 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

أنور الشرقاوي: "القطة".. عندما تتلاشى مواءاتي

أنور الشرقاوي: "القطة".. عندما تتلاشى مواءاتي الدكتور أنور الشرقاوي
حكايات وذكريات وتخيلات الناجين من "الاكتئاب"
نظرتها تدعوني.. قطتي. إنها رابطي الوحيد مع الوجود.
قضمها يؤلمني.. القطة.. إنه شعور يعيدنا الى الحياة. 
أنا أداعبها، قطتي.. إنها تتفاعل مع حرارة يدي. الحرارة تكمن بداخلي، لكن لا أقدر على إيقادها.
أرمي قطعة من الورق.. تعيدها لي.. القطة.. إنها تريد أن تلعب.
بالنسبة لي، فهي فقط لفتة ميكانيكية بدون حماس، ومع ذلك أتتبعها بعيني.
الشعلة كامنة، خجولة ولكن يغطيها الرماد،  الوقود غير كاف..
آكل بدون شهية.. أفكاري متناثرة ومشتتة...  أتحرك دون أي حافز.
المرحاض، الدش، الحمام .... تخطر ببالي هذه المتطلبات ولكن ليس أكثر... يظل الوسخ عالقا بجلدي.
الاحتياجات الطبيعية الحيوية، لقاء أنتظره على أحر من الجمر... هو  أمل. سأفعل شيئا... سأتحرك..
تسترخي فتحة الشرج، وتشعرني بالفراغ الداخلي الذي يعجز عن الانفتاح على العالم الخارجي.
مواء القطة.. دعوة للحرية... ذيلها يهتز. القطة... حركاتها هي الحياة.
 رشيقة القطة في طريقة تنظيف جسدها وأطرافها.
الجمال في تعبيره الحيواني.
قطتي تقترب من عتبة النافذة... هي تبحث عن شعاع الشمس للاسترخاء والتثاءب... أنا، أبحث عن بصيص من الأمل.. انقيادها، وثقتها في سيرها وصعودها الدرج. القطة... مسالك مشتعلة ومضيئة لكن للآخرين. 
تنزلق القطة تحت الملاءات.  نلتقط خرخرتها. إنها تدفئنا. أنا وشريكتي. هذا الدفء تحتاجه رفيقتي أكثر مني، هذا الخيط المشترك ومصدر الطاقة والمودة. رفيق دربها نفد وقوده.  أمر لا يقلقه... عقله في فضاء آخر.
الألم النفسي يفوق العجز الجسدي... يتوقف الجسم عند الرقبة ومؤخرة العنق، وكل شيء آخر لا لزوم له.
حالة مؤقتة بالتأكيد. ننتظر  صفارة الانعتاق. ولكن متى ستحدث؟
يتجول عقرب الساعة.  على أي رقم سوف يستقر؟ مسألة وقت... قد يكون بعيد المنال وربما مستحيل. نحاول ترويض الوقت عبثا.
الوقت يسخر منا. إنه يتبع إيقاعه الخاص. نراه يمر، لكنه يفلت منا دائمًا. وعلى الرغم من ساعاتنا المضبوطة، إلا أننا تحت رحمته. أبينا ام كرهنا. 
في الأخير العتق متروك لنا لاغتنام الفرصة عندما تتاح، وإلا سوف نضطر إلى الانتظار لاجل غير مسمى.
كأنها في كوكب مختلف، تستلقي القطة في الشمس. صباحًا في الشرق، وبعد الظهر في الغرب.
أتطلع من النافذة يتلقفني العدم أو ما هو أسوأ.  خوف بلا سبب.
 متى سيأتي الخلاص؟