توصلنا من مركز أوميغا للأبحاث الإقتصادية والجيوسياسية بورقة سوسيواقتصادية حول مؤشر جودة الحياة بقلم الدكتور عبد السلام الصديقي، عضو المركز و الوزير السابق.
بمحض الصدفة، وقفت على موقع أمريكي. يتعلق الأمر بمجلة Magazine CEOWORLD. الموقع ينشر معلومات مفيدة جدا عن بلدان مختلفة وعن سلسلة من المواضيع المتنوعة التي تهم الحياة اليومية والثقافة والتعليم والديموغرافيا والاقتصاد والمالية والسلطة. .. وينشر الموقع أيضا ورقة تقنية محينة عن البلدان، موجهة للمستثمرين ورجال الأعمال، تلخص بشكل شامل نقاط القوة والضعف بالإضافة إلى الآفاق الماكرو اقتصادية على المدى القصير. وبطبيعة الحال، حتى لو لم يتم تحديد مصادر المعطيات، يتم الحرص، مع ذلك، على شرح المنهجية المتبعة لكل سؤال تمت دراسته. ويتيح الترتيب الموضوع لمختلف البلدان، وفق كل مجال من المجالات التي تمت دراستها، إجراء المقارنات واستخلاص الدروس اللازمة.
لنرى تموقع بلادنا على مستوى "جودة الحياة". يستند التصنيف إلى تصورات أكثر من 258 ألف شخص حول العالم، طُلب منهم تقديم تقييم حول 199 دولة على أساس عشرة معايير انطلاقا من الاستقرار إلى الشفافية مرورا بالمساواة.
يقيس التصنيف التصور العام للدول الأكثر مساهمة في الناتج الداخلي الخام العالمي.
وبالتالي، مع استثناءات قليلة، فإن البلدان الصغيرة ومتوسطة الحجم هي التي توفر جودة حياة أفضل.
وضمن الدول العشر الأوائل، تحتل الولايات المتحدة وحدها، كدولة كبيرة، المركز التاسع.
ويعود احتلال موناكو للمرتبة الأولى إلى ما تنعم به من أمن وإلى استقرارها السياسي ونظامها الصحي العمومي المتطور.
وتحتل قطر المركز الثامن. فيما يمكن اعتبار احتلال كوبا للمركز 17 مفاجئا، متفوقة بفارق كبير على فرنسا التي تراجعت إلى المركز 29. أما المغرب الذي حل في الصف 130، فيمكن القول إنه يحتل مكانا لا يحسد عليه.
علاوة على ذلك، فإن هذا الترتيب لا يختلف كثيرا عن التصنيف الذي يعده بانتظام "تقرير السعادة العالمية" « world Hapiness Report » الذي أحدثته الأمم المتحدة لقياس القدرة على السعادة من خلال تطوير "مؤشر السعادة البشرية"IBH) الذي يعتبر مكملا لمؤشر التنمية البشرية (IDH).
المعايير التي تم أخذها بعين الاعتبار هي: الثروة، الأمل في حياة بصحة جيدة، والتضامن، واحترام الحريات الفردية، والسخاء، والثقة في المؤسسات أخذا بعين الاعتبار مستوى الفساد.
وتحتل فلندا، وفق هذه المعايير، المرتبة الأولى وذلك للمرة السابعة على التوالي. وقد يطرح سؤال: لماذا هذا البلد بالذات؟ والجواب بسيط:" "إن جوهر طمأنينتهم يكمن في ثقة المجتمع"، كتب مؤلفو التقرير، على سبيل المثال، يسترجع الشخص حقيبة نقوده بعد مضي وقت وجيز على ضياعها!
ولا يعتبر التصنيف الأخير الذي يهم متوسط سنوات 2020 -2022 مفاجئا البتة: فدول فنلندا والدنمارك وآيسلاندا تحتل المراكز الثلاثة الأولى.
وتحتل الإمارات العربية المتحدة، كأول دولة عربية في الترتيب، المرتبة 26، وتأتي بعدها المملكة العربية السعودية في المرتبة 30. ويأتي المغرب، بفارق كبير، عن هاتين الدولتين، في المركز 100، على بعد مركز واحد من فلسطين (الصف 99) متبوعا عن قرب بجارنا الجنوبي الذي يحتل المرتبة 103. مع الإشارة إلى أن عدد الدول المختارة لهذا التصنيف هو 137 بلدا، تتذيله أفغانستان القابعة في المؤخرة.
بالحديث عن ترتيب أفضل 500 مؤسسة جامعية للتعليم العالي، فالوضعية تبدو مقلقة بكل صراحة، ليس فقط بالنسبة للمغرب، بل أيضا على مستوى الدول العربية ودول الجنوب عموما. وأهم المعايير التي تم أخذها بعين الاعتبار هنا تتلخص في سبع نقاط: التأثير العالمي الملحوظ (20%)، إجابات المشغلين (20%)، تعليقات مدراء العمل (10%)، نسبة الإدماج في سوق الشغل (10%)، القبول والاستحقاق (10%)، التخصص (10%)، والسمعة الأكاديمية (20%).
بناء على هذه المعايير، احتلت الولايات المتحدة الأمريكية الصدارة، بست جامعات ضمن العشر الأوائل عالميا، تليها المملكة المتحدة بثلاث جامعات، ثم سويسرا بجامعة واحدة. فيما جاءت أفضل جامعة صينية في الرتبة 29، وأفضل جامعة ألمانية في الرتبة 47. أما فرنسا، فحصلت على الرتبة 52 بفضل المدرسة الوطنية للإدارة (ENA). ولا تتضمن قائمة أفضل 100 جامعة أي دولة من جنوب الكرة الأرضية، فقد احتلت الهند الرتبة 129، متبوعة بروسيا في الرتبة 134، والبرازيل في الرتبة 150. أما أول دولة عربية في الترتيب فقد جاءت في الرتبة 213، وهي المملكة العربية السعودية بجامعة الملك عبد العزيز، تليها الجامعة الأمريكية في لبنان، ثم جامعة قطر في الرتبة 418، وجامعة الإمارات العربية المتحدة في الرتبة 494.
المغرب المعروف تاريخيا باحتضانه لأقدم جامعة في العالم، وهي جامعة القرويين التي شيدت في سنة 859م وما زالت الدراسة مستمرة بها إلى يومنا هذا، يغيب للأسف عن القائمة، كما هو الحال بالنسبة لأغلب الدول العربية. وأول جامعة مغربية في الترتيب تلوح من بعيد بعد الرتبة 1000، حسب تصنيف المجلة البريطانية "التايمز للدراسات العليا" (Times Higher Education). ولذلك فليس هناك أمامنا أي مجال للحديث عن التنافسية والتموقع في سلاسل القيمة العالمية، فبالخيل الأصيلة يربح السباق!
المطلع بصفة عامة على القوائم المختلفة التي نشرتها مجلة "سيوورلد ماغازين" (Ceoworld Magazine)، يصطدم بالحصيلة المتواضعة لبلادنا التي تأتي في الرتبة 140 ضمن قائمة 194 أفضل دولة من حيث عدد الأشجار، والرتبة 65 من ضمن 192 أفضل دولة لعيش الأشخاص المسنين (أكثر من 60 سنة)، والرتبة 60 من بين 142 دولة "الأكثر تأثيرا" على المستوى العالمي. هذا التصنيف الأخير جاء ضمن دراسة عالمية استطلعت آراء حوالي 320 ألف خبير بشأن ترتيب الدول حسب 11 معيارا على رأسها: القوة العسكرية، التحالفات الدولية، القوة الاقتصادية، القيادة الوطنية، ثقافة البلد، التجارة والسياحة، التأثير الدبلوماسي، الجالية في الخارج، التأثير الإعلامي، المساعدة المقدمة للدول المحتاجة، ومستوى العلاقات والتواصل مع باقي العالم.
وفيما يشبه المحاباة، حصل المغرب على معدل جد مشرف (97/100)، تزاحمه عليه دولة مصر، فيما يتعلق بترتيب الدول الأكثر (أو الأقل) تدينا، محتلا بذلك الرتبة 14، ومتقدما بشكل كبير على المملكة العربية السعودية التي تأتي في المرتبة 43 بمعدل 93 نقطة.