الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

إدريس الفينة: التعديل الحكومي المقبل.. كيف يجب أن يكون

إدريس الفينة: التعديل الحكومي المقبل.. كيف يجب أن يكون إدريس الفينة
ستعرف الحكومة تعديلا خلال الأيام المقبلة بكل تأكيد في ظل الاغلبية الحالية التي حافظت على انسجامها وتعاقداتها. وهو التعديل الذي سيسجل بكل تأكيد مغادرة عدد من الوزراء لمناصبهم ومجيء اخرين جدد. هذه العملية التقنية والروتينية الهدف منها ضخ دماء جديدة من أجل تفعيل العمل الحكومي.
تقييم اولي لحصيلة الحكومة منذ تعيينها يظهر انها واجهت تحديات كبيرة منها أساسا التضخم الغير عادي والجفاف وشح المياه وارتفاع اسعار المواد الطاقية وزلزال الحوز.
وهي التحديات التي نجحت في مواجهتها إلى حد ما. لكن بعض المؤشرات تبقى سلبية وخصوصا ما تعلق بضعف معدل النمو الاقتصادي وارتفاع نسبة البطالة والمديونية العمومية واستمرار الإشكاليات الهيكلية التي تعيق تطور البلاد اجتماعياً واقتصاديا خصوصا الفساد وضعف الانتاجية وضعف الحكامة على أكثر من مستوى وضعف مناخ الأعمال الذي تعتريه عدد من النقائص وارتهان الادارة.
عندما ندقق في الحصيلة الفردية لكل وزير على حدة نجد ان عدد منهم كانت حصيلتهم شبه فارغة. فعدد منهم لا يتوفر لا على التكوين المناسب ولا على الخبرة في المجال الذي عين فيه الأمر الذي أضاع على البلاد كما في السابق فرص كبيرة للنمو والتطور. فعدد منهم لا يعرفون لماذا هم في تلك المناصب بل جاءوا فقط في ظل موجة الاستوزار الحزبية ومنطق ريع المناصب ليس إلا.
رئيس الحكومة بتجربته تمكن من الحفاظ على استقرار وانسجام الحكومة وساهم في ايجاد حلول لعدد من الاشكاليات القطاعية منها تنزيل ورش تعميم التغطية الصحية والدعم الاجتماعي وتدبير إضرابات قطاع التعليم ادارة الحوار الاجتماعي ومشروع تعديل مدونة الاسرة.
المغرب يواجه اليوم تحديات كبيرة. ولا يمكن الاستمرار في اجترار حكومات ضعيفة غير قادرة على مباشرة الملفات الإصلاحية الكبرى في ظل تحولات عالمية متسارعة ترفع من درجة هشاشة الدول الغير قادرة على المسايرة والتحديث لبنياتها ومناهجها.
المغرب يحتاج لمناخ أعمال جيد لرفع حجم الاستمارات ورفع مساهمة القطاع الخاص المحلي والدولي، والضرب على منابع الفساد والريع والاغتناء غير المشروع. المغرب يحتاج لإدارة فعالة تدمج الوسائل الرقمية. المغرب يحتاج لاستراتيجيات قطاعية تسمح من تحقيق معدلات نمو مرتفعة والمغرب يحتاج للقضاء على الفقر وتحسين القدرة الشرائية لطبقته المتوسطة. ويحتاج لقطاع تعليم يساير التحولات العالمية وتعليم عالي يسمح من الرفع من جودة رأسمال البشري المغربي.
هناك إمكانيات للنمو هائلة يتوفر عليها المغرب في عدد من المجالات وهي امكانيات لازالت نائمة لم تستطع مختلف الحكومات المتعاقبة من تفعيلها.
التعديل الحكومي المقبل لا يجب أن يكون عملية تقنية روتينية تعرف مغادرة وجوه ومجيء اخرى باهتة كالعادة غير قادرة على المجيء بقيمة مضافة لقطاعاتها. المغرب يحتاج لكفاءات عالية الاداء قادرة على الإبداع والإتيان بحلول متجددة لرفع معدلات النمو وتسريع التنمية. لا نحتاج لوزراء يشترون من مكاتب الدراسات خططهم وإلا وسائل الإعلام لتلميع صورتهم القاتمة لا يمكن تعيينهم حتى كرؤساء مصالح في إداراتهم. بل نحتاج لكفاءات وطنية مشهود لها بالتجربة والتكوين العالي قادرة على ابداع استراتيجيات فعالة ومسرعة للنمو.