الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

 صافي الدين البدالي: شركة "ريان إير" و الريع

 صافي الدين البدالي: شركة "ريان إير" و الريع  صافي الدين البدالي
دخلت شركة نقل جوية على الخط لتمارس نشاطها الجوي داخل التراب الوطني  بتنظيم رحلات للمسافرين بين المدن المغربية  و هي شركة "ريان اير"  هي شركة طيران ايرلندية  يقع مقرها الرئيسي في دبلن، ومراكز عملياتها الرئيسية في مطار دبلن، ومطار لندن ستانستد. في عام 2016 أصبحت رايان إير أكبر شركة طيران في أوروبا من حيث عدد المسافرين.  
لكن التساؤل المطروح ،هو كيف حصلت هذه الشركة على الترخيص من أجل ممارسة نشاطها في سماء المغرب؟ أم هي الأخرى ستستفيد من الريع الذي توفره الدولة لعدة شركات أجنبية من أجل تراكم الثروة و تهريبها إلى البلد الأصل ؟ ام جاءت هذه الشركة مستغلة الظرفية الإقتصادية   والإجتماعية التي تمر بها البلاد ؟ وما هو موقع شركة الخطوط الملكية للطيران ؟
   
 إنه حسب وزارة الصناعة   التقليدية والإقتصاد الإجتماعي والتضامني، لم يتم منح أي دعم مالي أو مساعدة مالية لشركة "ريان إير"  لكن هل الوزارة المعنية و من ورائها الحكومة قدروا هذه الخطوة حق تقديرها  ؟ أم هي استجابة لشركة عالمية  تمتلك قوة المنافسة على الصعيد الأوروبي حيث بلغ عدد مسافريها سنة 2017 إلى أزيد من مليار مسافر مما جعلها  توفر أثمنة بأقل بكثير من الشركات الأخرى؟.
إنه كيفما كان الحال فإن  الإقدام على مثل هذه الخطوة لا يجب أن تكون دون  الإرتكاز على دراسة علمية تحدد ضرورة فتح الباب أمام شركات طيران أجنبية لتقوم برحلات جوية داخل البلاد .ثم إن ثبت ذلك فلا بد من  فتح الباب عن طريق مناقشة  شريفة وشفافة من أجل مصلحة البلاد، وليس من أجل مصلحة شركة معينة .لكن المنطق يتطلب النظر إلى العملية بشكل شمولي وليس فقط  من أجل ضمان رحلات جوية داخلية كما ترى ذلك الوزارة المعنية حيث جاء في بلاغ لها " أن الرحلات الجوية التي تقدمها ريان إير(مثل طنجة-الصويرة، وجدة-مراكش، فاس- أكادير) تسهم في تعزيز الربط بين جهات المغرب، وتعزيز السياحة الداخلية، و تمكين السياح الأجانب من تجديد إقاماتهم من خلال زيارة المناطق التي كان من الصعب الوصول إليها حتى الآن."لكن الوزارة لم تر بأن الرحلات المرجوة ستتسبب في ضرب السياحة الداخلية ، لأن عددا من القرى والمدن سوف تتضرر من هذه العملية، لأنها تعيش على السياحة والسفر البري، ثم إن عدة منشآت سياحية بين المدن المذكورة في برنامج رحلات الشركة سوف تتعرض  للإفلاس، وفي ضياع آلاف فرص الشغل.
فهل فكرت الحكومة بشكل عام وفي إطار التنمية البشرية المستدامة إلى خطورة هذه الشركة على البلاد ؟ ذلك بأنه بين مراكش وورزازات مثلا، توجد مئات المواقع السياحية و مئات المعارض للمنتجات التقليدية ومئات المقاهي و المطاعم تشغل آلاف الشباب والشابات ونفس الشيء بالنسبة لما بين مراكش و الصويرة .وهل الحكومة فكرت مليا في مفهوم السياحة بالمغرب ؟ أم أنها تستأنس بالأرقام وبالنسب فقط ؟ لأن السائح الأجنبي لم تعد تستفيد من قدومه البلاد مادام سيختصر من إقامته بفعل الرحلات الجوية بين المدن المقترحة، ثم إن الإكتشاف لثروة المغرب السياحية والمجالية لم تعد ممكنة، مما سيؤثرعلى استقطاب السياح الأجانب .
إن الدول المتقدمة في أوروبا والتي تتقدم على مستوى السياحة لا تفكر في السياحة في معزل عن مغزاها الإقتصادي و الإجتماعي و التنموي حتى لا يكون هناك ارتباك في  البنية التنموية المندمجة .و للتذكيرفإن السياحة في المغرب تظل مغرية على الأرض وليس في السماء و هي تتطلب التفكير في أشكال أخرى بديلة، مثل تأهيل الطرق لتكون آمنة و مريحة وخلق سكك حديدية خاصة بالسياحة كما كان الشأن في عهد الحماية بالنسبة لقطارالصحراء  الرابط بين وجدة و بوعرفة، و ما يحتاج إلا إلى  شركة استثمار في هذا الجانب.  وهو الأمر الذي تعتمد عليه دول في آسيا حيث حسب  (CNN)  " يُعتبر السفر بالقطار، إحدى الوسائل الأكثر حضارة للتجول والتعرف جيدًا إلى بلد جديد."وتشمل الدول التي يمربها القطار الدولي الأوروبي مجموعة واسعة من الدول، ويتمتع بميزات عديدة كالرحلات المباشرة والمريحة والمناظر الطبيعية الخلابة. إن مفهوم السياحة يختلف عن مفهوم التجارة أو الرحلات التجارية المرتبطة بالزمان والمكان .ثم أين هو دور شركة الخطوط الجوية الملكية المغربية ؟ إن عليها أن تحظى بأولوية في الاختيار وفي تقوية  أسطولها لتكون في خدمة السياحة الإيجابية بين المدن المغربية مع الأخذ بعين الاعتبار مصير القطارات الفائقة السرعة  TGV .
 فعلى الحكومة أن  تفكر بذكاء و ليس بالتقليد أو بالمنفعة الخاصة  أو من أجل  إرضاء  الشركات الأجنبية، لغاية في نفس يعقوب، على حساب تنمية دور الشركات الوطنية و ضمان رأس مال وطني يضمن الإستقرار الإجتماعي والإقتصادي.