الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

رشيد لبكر: حكومة أخنوش متماسكة لحد الآن.. فما هو المبرر لتقديم ملتمس الرقابة ضدها!؟

رشيد لبكر: حكومة أخنوش متماسكة لحد الآن.. فما هو المبرر لتقديم ملتمس الرقابة ضدها!؟ رشيد لبكر
بداية لابد من الإشارة بأن ملتمس الرقابة هي آلية دستورية معروفة تمارسها البرلمانات من أجل مراقبة عمل الجهاز التنفيذي والضغط عليه، إذا بدا أن عمله يسير في اتجاه لا يرضي ممثلي الأمة، ومن تم إرغام هذا الجهاز على الإستقالة بعد تحقق شروط معينة منصوص عليها في الوثيقة الدستورية، مثلا الدستور المغربي الحالي ينص على أنه لا يقبل ملتمس الرقابة إلا إذا تم التصويت عليه من قبل خمس أعضاء مجلس النواب، ولا تصح الموافقة عليه إلا بتصويت الأغلبية المطلقة من الأعضاء الذين يتكون منهم مجلس النواب، وذلك بعد اتباع إجراءات مسطرية وقانونية دقيقة. والبيان الأخير لحزب الإتحاد الإشتراكي، أشار إلى أن هذا الملتمس مطروح على طاولة النقاش مع حلفائه في المعارضة، وذكر بأنهم قطعوا أشواطا في إمكانية تفعيله، لكن وبالرجوع إلى تاريخ الممارسة الدستورية بالمغرب، نجد أن هذه التقنية الدستورية نادرا ما تم تطبيقها، ربما كانت هناك مناسبتان فقط، الأولى ضد حكومة باحنيني سنة 1964 والثانية ضد حكومة عز الدين العراقي سنة 1990، وكلاهما باءتا بالفشل ولم يؤديا فعلا إلى إسقاط الحكومة لعدم توفر النصاب والقبول من طرف الأغلبية.
 
 إذن، فالقضية ليست مجرد كلام وتصريح بل تتعلق بقرار على غاية من الأهمية، وبالتالي لابد أن تتوفر فيه شروط قانونية وتاريخية تسمح به، وهو الشيء الذي لا أراه متوفرا في الوقت الراهن، على أساس أن المعارضة ذاتها، وهي المعنية الأولى بالملتمس ضعيفة وليست على وفاق تام، وأكاد أقول بأن كل مكون من مكوناتها يمارس معارضته وفق تصوره الخاص الذي يرعى به مصلحته. من جهة اخرى، يبدو أن حكومة أخنوش متماسكة لحد الآن و لا تعاني من تصدعات أوخلافات واضحة، إذن فما المبرر لتقديم ملتمس الرقابة!؟ شخصيا لا يبدو لي أي مبرر موضوعي من الناحية السياسية والدستورية،  فإذا كان لحزب الإتحاد الاشتراكي رأي آخر، فما عليه إلا أن يوضحه للرأي العام مع تبيان الأشواط التي قطعها مع حلفاءه في هذا الشأن..
  
لقد حاول حزب الإتحاد الإشتراكي في بيانه الأخير الدفاع عن وجهة نظره بخصوص ما يسمى  بريع الدراسات..لكني غير مقتنع تماما بما ورد في بيان الحزب ، فضلا عن طغيان البعد الإنفعالي في الطريقة التي حرر بها، وهذا شيء طبيعي جدا بالنظر لقوة الإتهام، فهل يريد بطرحه لقضية ملتمس الرقابة، الإلتفاف عن هذا المشكل والإنعراج به نحو مسار آخر!؟ لا أستطيع تأكيد ذلك وفي نفس الوقت لا أستبعده. 
 
وارى  أن حزب الإتحاد الإشتراكي يوجد الآن في مازق ضيق، ولن يتجاوزه إلا بفتح نقاش موضوعي وصريح بين جميع مكوناته وان يخرج للرأي العام بخطاب واضح يفند من خلاله حقيقة الاتهامات، فليس هناك مشكلا إن كانت عينه على الحكومة، ولكن الطريق نحوها يتأسس بخطاب الوضوح ونقد الذات وليس بتهريب النقاش حول قضايا لا تحظى بالإجماع بل حتى باهتمام مكونات المشهد السياسي معارضة وأغلبية،  ثم إن الحديث عن إمكانية إجراء تعديل حكومي وفي نفس الوقت عن ملتمس رقابة مسألة فيها نقاش ونوع من التناقض غير المفهوم، إذ من المعلوم أن التعديل الحكومي ليس شرطا دستوريا واقفا بل مجرد عرف ولكنه ليس بشرط لازم كذلك، وبالتالي فتقدير إجراءه من عدمه مسألة ترجع للسيد رئيس الحكومة، فهو الذي يمكنه اقتراح التعديل على صاحب الجلالة في حالة إذا ما بدا له أن إيقاع الآداء بين المكونات الوزارية غير متوازن، من هذه الزاوية، يمكن القول، بأن عجلة بعض القطاعات الوزارية عاجزة فعلا عن مسايرة الإيقاع، وبالتالي فالحاجة تدعو إلى تغيير إطاراتها، فإن استشعر حزب الإتحاد الإشتراكي بأن وضعه غير مريح مع مكونات المعارضة الحالية ، فيمكنه التعبير عن ذلك مباشرة، ومن تم نسج تحالفات أخرى تعبد له الطريق نحو الإلتحاق بالفريق الحكومي، هذا إن كان مرغوبا فيه أصلا..
رشيد لبكر، أستاذ القانون العام بكلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية بجامعة شعيب الدكالي