تعتبر مؤسسة التعاون بين الجماعات ومجموعة الجماعات الترابية، وكذا مجموعات الجهات ومجموعات العمالات والأقاليم آليات للتعاون اللامركزي.
وإذ يسجل تسارع وثيرة الإقدام على هذا الشكل التعاوني. فهو مصدر قوة - ذاتية - للمجالس التداولية، لتظافر الجهود وتكثيف الإرادات وتعبئة الموارد والتعاضد في الوسائل والبرامج للانخراط في التضامن المجالي بغية تجويد الخدمة المقدمة والعرض المشترك، وهو فرصة في الآن ذاته للتفاوض والتعاقد مع الشركات الجهوية متعددة الخدمات (موضوع القانون رقم 83.21). ولكن هذا لا يعدم تجنب بعض المخاطر أو التهديدات. وسيتم الاكتفاء في هاته الورقة على المقتضيات الناظمة، المثيرة أو "المستفزة لبعض الملاحظات أو التساؤلات.
أولا: تأطير وتنظيم مؤسسة التعاون ومجموعة الجماعات الترابية
حرص المشرع من خلال القوانين التنظيمية للجماعات الترابية، على كيفية تأسيس هاته الوحدات والاتحاديات التعاونية وأجهزتها التسييرية ومجالات تدخلها
التأسيس المسطري لهاته الاتحاديات التعاونية
يمكن للجماعات -القاعدية- أن تؤسس فيما بينها، بمبادرة منها مؤسسات للتعاون بين جماعات متصلة ترابيا، تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي (المادة 133 من القانون التنظيمي رقم 14-113 المتعلق بالجماعات). ونفس الإمكانية متاحة لمجالس العمالات والأقاليم من أجل تأسيس مجموعات فيما بينها، بموجب اتفاقيات (المادة 125من القا نون التنظيمي رقم 112.14)، وهو ما يسري على مجموعات الجهات (المادة 148 من القانون رقم 14-111 يتعلق بالجهات) وكذا مجموعة الجماعات الترابية، المؤسسة بواسطة جماعة أو أكثر مع جهة أو أكثر أو عمالة أو إقليم أو أكثر؛ بهدف إنجاز عمل مشترك أو تدبير مرفق ذي فائدة عامة للمجموعة. و تتبع الخطوات التالية في هذا التأسيس:
- تحدث هذه الوحدات بموجب اتفاقيات، تصادق عليها مجالس الجماعات المعنية، وتحدد موضوع المؤسسة أو المجموعة وتسميتها ومقرها وطبيعة المساهمة أو مبلغها والمدة الزمنية للمؤسسة أو المجموعة.
- تحدث هذه الوحدات بموجب اتفاقيات، تصادق عليها مجالس الجماعات المعنية، وتحدد موضوع المؤسسة أو المجموعة وتسميتها ومقرها وطبيعة المساهمة أو مبلغها والمدة الزمنية للمؤسسة أو المجموعة.
- يعلن عن تكوينها أو انضمام جماعة أو جماعات ترابية إليها أو الانسحاب منها بقرار للسلطة الحكومية المكلفة بالداخلية بعد الاطلاع على المداولات المتطابقة لمجالس الجماعات - الترابية - المعنية.
تأليف مؤسسة التعاون ومجموعة الجماعة الترابية ومكوناتها
تتألف الأجهزة المنتخبة لمؤسسة التعاون ومجموعة الجماعات المتجانسة أو المختلطة (الترابية) من مجلس ومكتب وكاتب للمجلس كلا فيما يخصه.
تتألف الأجهزة المنتخبة لمؤسسة التعاون ومجموعة الجماعات المتجانسة أو المختلطة (الترابية) من مجلس ومكتب وكاتب للمجلس كلا فيما يخصه.
• مجالس مؤسسات التعاون والمجموعات: يتألف مجلس مؤسسة التعاون، من المنتخبين المنحدرين من الجماعات -القاعدية- المعنية بمؤسسة التعاون، وبأسلوب مختلف، يوفق بين العضوية الأوتوماتيكية، (التحكمية) وبالانتخاب : فرؤساء مجالس الجماعات المعنية بالتعاون، يكتسبون العضوية في مجلس مؤسسة التعاون، إضافة إلى منتدبين، ينتخبون من لدن وبواسطة المجالس الأم. يحدد عدد المنتدبين بقرار للسلطة الحكومية المكلفة بالداخلية بالتناسب مع عدد سكان كل جماعة. وتمثل كل جماعة بمنتدب واحد على الأقل. وهو ذات القرار الذي يحكم عدد أعضاء مجالس مجموعات العمالات والاقاليم، مجموعة الجهات ومجموعة الجماعات الترابية.
- الجهاز التنفيذي والمساعد: يتألف مكتب مؤسسة التعاون بين الجماعات من رؤساء مجالس الجماعات المعنية. وينتخب المكتب من بين أعضائه رئيسا لمجلس المؤسسة بالاقتراع العلني وبالأغلبية المطلقة للأعضاء المزاولين مهامهم . وفي حالة اللجوء إلى دور ثان، تحتسب فيه الأصوات بالأغلبية النسبية للأعضاء الحاضرين. ويعتبر باقي رؤساء مجالس الجماعات المعنية نوابا لرئيس مجلس مؤسسة التعاون. ويرتبون بالتناسب مع عدد المقاعد التي تتوفر عليها الجماعة التي يمثلونها.
وينتخب مجلس مجموعة الجماعات الترابية من بين أعضائه رئيسا ونائبين اثنين (2) على الأقل وأربعة (4) نواب على الأكثر، يشكلون مكتب المجموعة، طبقا لشروط الاقتراع والتصويت المنصوص عليها بالنسبة لانتخاب أعضاء مكاتب مجالس الجماعات.
وينتخب أعضاء مجالس الوحدات المذكورة، كاتبا ونائبا له، وتضم مؤسسات التعاون بين الجماعات والمجموعات المذكورة، وحسب ما يستشف من المقتضيات الناظمة لها، والمحيلة على هياكل وآليات التدبير، وفقا للأنظمة العامة، أنها تضم لجانا ،وتعقد دورات إلخ
ثانيا:سؤال التطابق على مستوى التشريع وإكراهات الواقع
تثير النصوص والمقتضيات المندرجة في إطار القوانين التنظيمية للجماعات الترابية، ذات الصلة ملاحظات أو تباينات حد انعدام التظابق بينها.
ملاحظات بخصوص التأسيس والتنظيم
تبتدئ المقتضيات المؤطرة لمؤسسات التعاون بين الجماعات، وتلك التي تماثلها بخصوص مجموعات العمالات والأقاليم ومجموعات الجهات ومجموعات الجماعات الترابية بكلمة "يمكن أن تؤسس..." لكن هل هاته الإمكانية تعكس المبادرة الحرة للمجالس التداولية المعنية، وتجسد بالتالي الإرادة التعاونية للمنتخبين، أم أن هناك إيعاز من السلطة الوصية؟ خاصة أن الإعلان عن تكوين مؤسسة التعاون أو انضمام جماعة إليها يتم بقرار للسلطة الحكومية المكلفة بالداخلية بعد الاطلاع على المداولات المتطابقة لمجالس الجماعات المعنية، وهو ذات القرار الذي يحكم الانسحاب في كل الأشكال التعاونية المذكورة. كما أن عدد أعضاء (منتدبين) .
تبتدئ المقتضيات المؤطرة لمؤسسات التعاون بين الجماعات، وتلك التي تماثلها بخصوص مجموعات العمالات والأقاليم ومجموعات الجهات ومجموعات الجماعات الترابية بكلمة "يمكن أن تؤسس..." لكن هل هاته الإمكانية تعكس المبادرة الحرة للمجالس التداولية المعنية، وتجسد بالتالي الإرادة التعاونية للمنتخبين، أم أن هناك إيعاز من السلطة الوصية؟ خاصة أن الإعلان عن تكوين مؤسسة التعاون أو انضمام جماعة إليها يتم بقرار للسلطة الحكومية المكلفة بالداخلية بعد الاطلاع على المداولات المتطابقة لمجالس الجماعات المعنية، وهو ذات القرار الذي يحكم الانسحاب في كل الأشكال التعاونية المذكورة. كما أن عدد أعضاء (منتدبين) .
مجالسها يحدد بقرار للسلطة الحكومية المكلفة بالداخلية بالتناسب مع عدد سكان كل جماعة (المادة 133 من القانون التنظيمي رقم 14-113) أو باقتراح من الجهات المكونة لمجموعة الجهات (المادة 148 من القانون التنظيمي رقم 14-111) أو حسب حصة مساهمتها في مجلس مجموعة العمالات أو الأقاليم (المادة 126 من القانون التنظيمي رقم 112.14...) وهكذا يتبين حضور السلطة الوصية في تأسيس هاته الوحدات وتشكيلة مجالسها. والقرار الوزاري المذكور لا يشكل مرجعا ضمن بناءات قرارات وزير الداخلية بالإعلان عن تكوين هاته المؤسسات والمجموعات، وبالتالي فهو يتناول كل حالة حالة ولا يحدد المعايير. ويتجلى حضور المركز بدليل صريح عبارة المادة 125 من القانون التنظيمي رقم 112.14 المتعلق بالعمالات والأقاليم، التي تقضي بإمكانية الدولة في إطار التعاضد بين العمالات أو الأقاليم، أن تحفز هذه الأخيرة على تأسيس مجموعات عمالات أو أقاليم. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فقد يبرر ذلك بالتصدي لنزوع المجالس التداولية نحو التقوقع على الذات وعدم الحماسة للتعاون (النأي بذوبان المجالس في مجلس موحد ، وما يستتبع ذلك من شخصية معنوية واستقلال مالي، دورات، لجان...). وهذا ما سجل في ظل نقابات ظهير 1976، وهو ما كان دافعا للمشرع، بموجب المادة 80من القانون رقم 00-78 المتعلق بالميثاق الجماعي، بأن خول للوزير الأول، كلما اقتضت المصلحة العامة ذلك، أن يقرر بمقتضى مرسوم معلل باقتراح من وزير الداخلية الانضمام التلقائي لجماعة أو عدة جماعات إلى مجموعة محدثة أو سيتم إحداثها، وذلك بعد استشارة المجلس أو المجالس الجماعية المعنية.
والراجح عملا كذلك أن المساهمة المالية للمجالس المعنية في ميزانيات هاته الاتحاديات تتم باقتراح من السلطة الوصية. كما يعقد المجلس المعني دورتين: الأولى خاصة بالإعلان عن التأسيس أو الاتفاقية، والثانية إثر تحديد القرار الوزيري لعدد الأعضاء -المنتدبين-، وغالبا ما تنعقد هاته الدورات بدعوة من السلطة الوصية اللاتمركزية).
انتخابات المجاس ومكاتبها ومسألة المناصفة
أ– انتخاب أم تعيين المنتدبين: تجدر الإشارة بداية إلى ذلك الخلط أو التشويش التشريعي في عدم دقة المصطلح المستعمل، ذلك أن المادة 135 من القانون التنظيمي رقم 14-113 المتعلق بالجماعات، اكتفت بالإشارة إلى تأليف مجلس مؤسسة التعاون من رؤساء مجالس الجماعات المعنية ومن أعضاء منتدبين من طرف هذه المجالس، في حين تداركت المادة 143 من نفس القانون ذلك، وأشارت إلى انتخاب المنتدبين لدى مجموعة الجماعات الترابية، وأحالت على أحكام المادة 45 التي تبتدئ بـ:" يتم تعيين أعضاء المجلس... تم تضيف:"... بالأغلبية النسبية للأصوات المعبر عنها..." فهل هذا تعيين أم انتخاب. وهذا الخلط لم تسلم منه المواد المؤطرة لمجموعة العمالات والأقاليم والجهات ومجموعات الجماعات الترابية (126-134- 143—149- 156) بينما المواد المحال عليها (45-46-48) التي استعملت كلمة "تعيين" أما المادة 82 من القانون رقم 00-78 فكانت تنص على انتخاب المناديب بمجلس المجموعة بالاقتراع السري وبالأغلبية النسبية للأصوات المعبر عنها. وفي حالة تعادل الأصوات ينتخب المترشح الأكبر سنا.
• نوع وأسلوب التصويت على المنتدبين بين التنصيص والإغفال: فالملاحظ كذلك أن المادة 135 من القانون التنظيمي رقم 14-113 المتعلق بالجماعات، بخصوص مجلس مؤسسة التعاون بين الجماعات أنها أغفلت نوع وأسلوب التصويت على المنتدبين بواسطة المجالس الجماعية المعنية بذلك، في حين تداركت الأمر أحكام المادة 143 التي أحالت على انتخاب المنتدبين بالتصويت العلني لدى مجلس مجموعة الجماعات الترابية (المادة 6 من نفس القانون) ،كما أن مقتضيات القانونين التنظيمين الإقليمي والجهوي ذات الصلة، أغفلت الإشارة أو الإحالة على التصويت العلني سواء فيما يتعلق بمجموعات العمالات أو الأقاليم (المادة 126) ومجموعة الجهات (المادة 149) أو مجموعات الجماعات الترابية.
ج- تباين العناصر المؤطرة لتشكيلة وعدد أعضاء المكاتب ومسألة المناصفة
يبدو أن تشكيلة وعدد أعضاء مكاتب مؤسسات التعاون بين الجماعات ومجموعات العمالات والأقاليم وتلك الخاصة بالجهات ومجموعات الجماعات الترابية هي متباينة المقتضيات ومختلفة العناصر:
يبدو أن تشكيلة وعدد أعضاء مكاتب مؤسسات التعاون بين الجماعات ومجموعات العمالات والأقاليم وتلك الخاصة بالجهات ومجموعات الجماعات الترابية هي متباينة المقتضيات ومختلفة العناصر:
- فعلى مستوى تأليف مكاتب هاته المجالس، فهي أوتوماتيكية -تحكمية- بالنسبة لمكتب مؤسسة التعاون بين الجماعات، الذي يتكون من رؤساء مجالس الجماعات المعنية. ويعتبر باقي رؤساء هاته المجالس نوابا للرئيس، المنتخب بواسطة أعضاء مكتب مجلس المؤسسة، بيد أن أعضاء مكتب مجموعة العمالات أو الأقاليم وذلك الخاص بالجهات، وكذا أعضاء مجلس مجموعة الجماعات الترابية فينتخبون بواسطة مجالس هاته المجموعات.
- بخصوص العدد، فهو غير محدد بالنسبة لمكتب مجلس المؤسسة المكون من رؤساء المجالس المعنية بالتعاون ،بيد أن مكاتب مجالس المجموعات الأخرى فحددها المشرع في الرئيس ونائبين اثنين (2) على الأقل وأربعة (4) نواب على الأكثر. كما أنه لا اعتداد بعدد سكان العمالات أو الأقاليم والجهات بخصوص مكاتب مجالس مجموعاتها.
فمجموعة الجماعات الترابية الدار البيضاء سطات للتوزيع، التي أحدثت مؤخرا، تضم 9 عمالات وأقاليم وحوالي 153جماعة، تمثل بمكتب يضم رئيسة و4 نواب، بيد أن مؤسسة التعاون بين الجماعات البيضاء، التي التئم مجلسها بتاريخ 29 نونبر 2021، لانتخاب الرئيسة، والتي تضم 18 جماعة، يتكون مكتبها من رئيسة و17 نائب، كما أن مكتب مؤسسة التعاون بين الجماعات "ارتقاء" الذي يضم 7 جماعات – قاعدية – تابعة لإقليم بنسليمان، يتكون من 7 أعضاء (رئيس و6 نواب).
ومن جانب الممارسة، فالملاحظ أن بعض المجالس قد عاكست إرادة المشرع ، بتجاهل مراعاة المناصفة بتضمين لائحة ترشيحات نواب الرئيس عددا من المترشحات لا يقل عن ثلث نواب الرئيس (المواد 17- 18- 19) من القوانين التنظيمية للجماعات الترابية (جماعية - إقليمية - جهوية). وإذا لم تكن هناك إحالة صريحة على هاته المقتضيات فروح النص وإرادة المشرع تجعل هاته المقتضيات العامة ليست في حاجة للتخصيص. وكما سبق الذكر فالمادة 135 من القانون التنظيمي رقم 14-113 المتعلق بالجماعات أغفلت الإشارة إلى التصويت على المنتدبين لدى مجلس مؤسسة التعاون بين الجماعات بالاقتراع العلني، فمن غير الممكن، وإلى حد الاستحالة عدم إعماله. وإضافة إلى هذا وذاك فسعى الدولة إلى تحقيق مبدا المناصفة بين الرجال والنساء ، كما تقضي بذلك القاعدة الدستورية السامية (الفصل 19) لا يعلى عليها. والأمثلة التالية هي خارج هذا السياق: فمكتب مجلس مؤسسة التعاون بين الجماعات البيضاء، يتكون من رئيسة، إضافة إلى 17 نائب وكلهم ذكور باعتبارهم رؤساء جماعات، وعضويتهم تحكمية، والنتيجة هي غياب تمثيلية النوع، كما أن مكتب مجلس مجموعة الجماعات الترابية الدار البيضاء - سطات للتوزيع، يتألف من رئيسة، إضافة إلى 4 نواب وكاتب للمجلس ونائب له (كلهم ذكور). وهو ما سقط فيه مكتب مجموعة الجماعات الترابية ”كرت” لإحداث وتدبير مرافق الوقاية وحفظ الصحة ونقل المرضى والجرحى ونقل الأموات، المنتخب في 28 دجنبر 2023 .وكان من نتائج عملية انتخاب مكتب مجموعة الجماعات الترابية "أكادير الكبير للنقل والتنقلات الحضرية" المجراة في 30 يناير 2024 بقاعة الاجتماعات بمقر عمالة أكادير- إداوتنان، فضلا عن الكاتب ونائب لا يضم ولو امرأة واحدة.
على سبيل الختم
لقد عمل المشرع على تأطير المجالات ،موضوع تدخل مؤسسة التعاون بين الجماعات، بصورة محددة (النقل الجماعي، معالجة النفايات، التطهير السائل والصلب ،توزيع الماء الصالح للشرب والكهرباء والإنارة العمومية، صيانة الطرق العمومية...) وعامة في الآن ذاته (يمكن أن تناط بالمؤسسة علاوة على ذلك كل مهمة تقرر الجماعات المكونة لها باتفاق مشترك إسنادها إليها)، في حين اكتفى بالنسبة لمجموعات العمالات أو الأقاليم ومجموعات الجهات ومجموعات الجماعات الترابية، برسم هدف إنجاز عمل مشترك أو تدبير مرفق ذي فائدة عامة للمجموعة..
وفي المجمل، وبصرف النظر عن الثغرات التشريعية وتعثرات الممارسة، فيظل التعاون والتضامن من المبادئ الدستورية ومن مرتكزات التنظيم الجهوي والترابي (الفصل 136)، وبإمكان الجماعات الترابية تأسيس مجموعات فيما بينها، من أجل التعاضد في الوسائل والبرامج (الفضل 144)، بغية الحد من الاختلالات المجالية.
وهذا رهان استرتيجي في سقف الجهوية المتقدمة، بالرغم من عدم التئام الجهات لحد الآن ضمن مجموعات ،أو عدم انخراط الجهة المعنية ضمن مجموعة الجماعات الترابية" الدارالبيضاء -سطات للتوزيع" وتلك التي تحتضن مجموعة الجماعات الترابية "سوس - ماسة للتوزيع؛ مما يعني حرمان ميزانية هاته المجموعات بنسبة 50% من المساهمة السنوية المرسومة للجهة، خاصة أن الشركات الجهوية المتعددة الخدمات ستحدث على مستوى هاته الأخيرة ،لتأمين خدمات توزيع الماء الصالح للشرب والكهرباء والتطهيرالسائل، والإنارة العمومية . لتفادي الأساليب القائمة للتدبير، التي يومإ إليها بإصبع الإدانة ولعدم توحد وشفافية المعايير (تجد في مقاطعة الحي الحسني، حي الزوبير أو ليساسفة المكتب الوطني للكهرباء هو الذي يشرف على توزيع الكهرباء خلافا للأحياء الأخرى التي يؤمن توزيع الماء فيها والكهرباء شركة التدبير المفوض (ليديك)، بل يسجل في نفس الدائرة وذات الجماعة في إقليم مجاور الربط بالكهرباء يتم بسرعة فائقة بعد إيداع الطلب بينما تلبية الربط بالماء يمكن أن يمتد إلى ثلاث أشهر. وتبعا لذلك فإن مد ودينامية الاتحادات التعاونية والمجموعاتية هو "تكريس للبعد الديمقراطي"؛ للتحكم في قطاعات استراتيجية، وكمذخل للانخراط في الشركة الجهوية المذكورة. وهل في ذلك "مغربة للتراب"؟.
د. أحمد حضراني/ رئيس مركز الدراسات في الحكامة والتنمية الترابية