الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
فن وثقافة

الباحث محمد المهدي أهل ميارة  ينال الدكتوراه حول "القبيلة والسلطة وتدبير المجال الصحراوي.."

الباحث محمد المهدي أهل ميارة  ينال الدكتوراه حول "القبيلة والسلطة وتدبير المجال الصحراوي.." الطالب الباحث محمد المهدي أهل ميارة رفقة اللجنة العلمية
شهدت كلية الحقوق بمراكش صباح يوم  السبت 06 يناير 2024  مناقشة أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية تقدم بها الطالب الباحث محمد المهدي أهل ميارة  تحت إشراف الأستاذ محمد بن طلحة الدكالي في موضوع : “ القبيلة والسلطة وتدبير المجال الصحراوي، دراسىة سوسيو أنثروبولوجية للتغيرالاجتماعي في مجتمع الركَيبات”  
 
وقد ناقش الباحث هذه الأطروحة أمام لجنة علمية ضمت الدكتور المهدي الفحصي بصفته رئيسا ومقررا، والدكتور محمد بن طلحة الدكالي مشرفا، و الدكتور حفيظ يونسي عضوا و الدكتور عبد الرحيم العلام عضوا ومقررا و الدكتور حمد منار باسك عضوا ومقررا.
 
وقررت اللجنة العلمية المذكورة  بعد مناقشة الأطروحة اللجنة منح الطالب الباحث درجة مشرف جدا مع التوصية بالنشر.
وبالمناسبة  أوضح  الأستاذ المشرف بنطلحة الدكالي أن هذا البحث هو إضافة علمية في دينامية المجال الصحراوي المغربي وفق آليات وبراديغمات تمتح من علم الإجتماع السياسي والأنثروبولوجيا، حاول من خلالها الباحث تبيان إسهام هذه القبيلة في التاريخ الاجتماعي والسياسي للمغرب قديما وحديثا ،كما إن هذا المجهود العلمي يضيف الدكتور بن طلحة يتعرض بالدراسة لحقبة مهمة من تاريخ الكفاح من أجل وحدة المغرب واستقلاله  والتي أسهمت فيها قبيلة الركَيبات منذ المقاومة الأولى الممتدة من 1905 إلى سنة 1934 ثم المقاومة الثانية التي دشنتها القبيلة بانخراطها في جيش التحرير بالجنوب المغربي ،استجابة لنداء الملك محمد الخامس في محطة أولى ُثم الدور الذي اضطلعت به في مسلسل البناء والتشييد إبان استرجاع الأقاليم الجنوبية.
 
وقد خلص الباحث إلى أن دراسة البنى القبلية - وبالتبعية دراسة المجتمعات التي تحتضن الظاهرة القبلية - أساسي كما أشار الى ذلك جاك بيرك لإكتشاف المبدأ العام الذي تنتظم وفقه هذه التجمعات لاكتشاف القوانين الأساسية التي تتحكم في تنظيم المجتمع المغربي، وعلى هذا الأساس جاءت الدراسة لتجيب عن الإشكالات التي تحيط بمفهوم التغير الإجتماعي  الذي ميزه تفكك القبيلة والإنتقال من التدبير القبلي إلى التدبير الدولاتي   حيث مارست الدولة الوطنية سيادتها على المجال محتفظة للبنيات التقليدية بأدوار وقد ظهر ذلك جليا في اعتماد الخيار الجهوي في أفق الحكم الذاتي الذي احتفظ للقبيلة بموقع متميز داخل هيكلته المقترحة. 
 
ومن الاستنتاجات المتوصل إليها في البحث ما يلي: 
 تقوت روابط المخزن بالقبيلة موضوع الدراسة بفعل العلاقة التي نسجها زعماؤها مع السلاطين، حيث فضل هؤلاء الشيوخ التحالف مع القصر مباشرة. ويتضح ذلك من خلال حرصهم على تجديد الروابط مع السلاطين عبر نظام البيعة الذي يحيل إلى البعد الديني الذي تجله القبائل، كما يحيل على الأصل الجينالوجي المشترك الممتد إلى النسب الشريف الذي تتقاسمه القبائل الصحراوية مع ملوك الدولة العلوية. 
 
 شكلت الزيارات المتبادلة بين زعماء قبيلة الركَيبات للملك محمد الخامس  بالرباط وامحاميد الغزلان أحد وجوه هذه العلاقة منذ الاستقبال التاريخي لزعماء الركَيبات برئاسة محمود ولد محمد ولد الخليل و القائد لحبيب ولد البلال و التي تقوت في عهد الملك الحسن الثاني باستقطاب زعماء تندوف الخمسة برئاسة حبوها ولد لعبيد، وقد شكل التحاق   رئيس الجماعة الصحراوية و رئيس حزب الاتحاد الوطني  الصحراوي المنتميان إلى قبيلة الركَيبات خاتمة لهذه الجهود التي أظهرت دور القبيلة  وحرصها على الوحدة الترابية للمغرب .
 
لعب التحديث بأبعاده المختلفة دورا حاسما في انهيار النظام القبلي، غير أن القبيلة باعتبارها ظاهرة اجتماعية تاريخية مترسخة في أذهان الأفراد ومؤثرة في سلوكاتهم، ماتزال تتعايش عبر تمظهرات عديدة تطال المجالات المجتمعية كافة بما في ذلك السياسية منها. 
 
وظفت الدولة نظامين للوساطة أحدهما تقليدي وأخر عصري؛ فإلى جانب الأعيان والزوايا والشيوخ نجد رجال السلطة والمنتخبين والإدارة المحلية لإدارة المجال بكيفية عقلانية. وترتب عن تدخل الدولة انحسار سلطة القبيلة من سلطة فاعلة ومؤثرة في المجال إلى عصبية منفعلة ومتأثرة وموجهة. فالقبيلة ماتزال حاضرة أيضا من خلال التوظيف السياسي الذي ينهجه أفرادها خلال المحطات الانتخابية. 
 
 
عَوَّضَت العائلة السياسية سلطة القبيلة، غير أنها حافظت على ميكانيزمات الاشتغال ذاتها التي كانت تطبع عمل القبيلة ( سلطة متمحورة حول زعامة عائلية؛ تحالفات محصورة ضمن طبقة الأعيان وفي إطار المصاهرة؛ صراع وتنافس لا يخلو في بعض الأحيان من طابع عنيف خصوصا زمن الانتخابات).
 
على الرغم من أفول القبيلة فإن توظيفها سياسيا لا يزال قائما بسبب غياب ثقافة الديموقراطية والتنشئة السياسية السليمة داخل المجتمع وفي داخل الأحزاب السياسية التي أصبحت تحالفاتها مع فئة الأعيان مجسدة لهيمنة القبلية السياسية.