Thursday 7 August 2025
كتاب الرأي

أيوب محفوظ: حقيقة الهجمة المفتعلة ضد الوكالة الوطنية.. بين صفة حارس جامعي ومطامع الدعم

 
أيوب محفوظ: حقيقة الهجمة المفتعلة ضد الوكالة الوطنية.. بين صفة حارس جامعي ومطامع الدعم أيوب محفوظ
في خضم التحديات البيئية المتنامية التي تعرفها بلادنا، والضغوط المستمرة التي تواجهها الثروة الحيوانية والمنظومة الغابوية، يبرز دور الوكالة الوطنية للمياه والغابات كمؤسسة استراتيجية تتحمل مسؤولية حماية التوازن الطبيعي، وتنظيم قطاع القنص، والتصدي لكافة أشكال الصيد العشوائي والاستغلال غير المشروع للمجال الحيوي.

ورغم المجهودات الكبيرة التي تبذلها الوكالة على مستوى التتبع والمراقبة والتنسيق مع مختلف السلطات، طفت مؤخرًا على السطح بعض الأصوات المأجورة التي تحاول عبثًا التشويش على أداء هذه المؤسسة، من خلال حملات مغرضة ومعلومات مغلوطة، تروج لها صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات المراسلة، بأسلوب يفتقر للمصداقية والمهنية. والغريب في الأمر أن هذه الهجمات لا تستند إلى معطيات موضوعية أو تقييم ميداني واقعي، بل تنطلق من خلفيات شخصية بحتة، وأهداف انتفاعية ضيقة يسعى أصحابها إلى تحقيقها عبر الضغط والتشهير.

ما لا يُقال للرأي العام هو أن من يقودون هذه الحملة، لا يحملون أي همّ بيئي حقيقي، ولا علاقة لهم بالحرص على الثروة الحيوانية، وإنما هم أفراد لم تُلبَّ مطالبهم في الحصول على صفة “حارس جامعي”، أو دعم مالي ولوجستي، أو حق الانتفاع بمحميات دائمة لمشاريع قنص سياحي، ولما اصطدموا بالمساطر القانونية التي تنظم هذه المجالات، انقلبوا على المؤسسة، وشرعوا في استهدافها بشكل ممنهج، متناسين أن الوكالة الوطنية تخضع لقوانين صارمة، وتشتغل تحت إشراف ومراقبة أجهزة الدولة، ولا يمكن إخضاعها لمنطق الابتزاز أو المحسوبية.

ورغم الإكراهات المرتبطة بالمساحة الجغرافية الشاسعة ونقص الموارد، فإن الوكالة، بكافة أطرها ومصالحها، تواصل عملها بمهنية عالية، وتنسق بشكل يومي مع الدرك الملكي والسلطات المحلية لمراقبة المحميات، وضبط المخالفين، والتدخل الفوري عند التبليغ عن أي خرق. كما تدعم الجمعيات الجادة الملتزمة بالقانون، وتواكبها بالتكوين والتأطير، مما يعكس التزامًا صادقًا تجاه قضايا القنص والتنوع البيولوجي.

وإن كانت هناك بعض الحالات المعزولة التي تشهد اختلالًا، فإنها تظل استثناءات لا يمكن تعميمها أو اتخاذها ذريعة للطعن في أداء مؤسسة وطنية تشتغل داخل الإطار المؤسساتي القانوني، بل تتم معالجتها ميدانيًا بتنسيق مشترك بين مختلف الفاعلين.

المؤسف في هذا السياق، أن البعض يحاول خلط الأوراق، وتصوير رفض منحه صفة أو دعم أو محمية، كأنه تقصير من الوكالة، أو تستر على مخالفات، والحقيقة أن هؤلاء لا يقبلون الخضوع للمساطر، ويريدون فرض منطق الامتيازات والمحاباة، وهو ما نرفضه تمامًا كممارسين وغيورين على هذا القطاع الحيوي.

لسنا ضد النقد، بل نؤمن به وندعو إليه، حين يكون نزيهًا ومسؤولًا، ويهدف إلى تطوير الأداء وتحقيق المصلحة العامة، لكننا نرفض بشدة أن يتحول النقد إلى أداة للابتزاز، أو وسيلة لتصفية الحسابات، أو غطاء لتحقيق مصالح غير مشروعة. ومن يهاجم اليوم الوكالة باسم البيئة، قد يكون أول من يخرق القانون في الخفاء، وهو ما لا يمكن السكوت عنه.

إن حماية الثروات الوطنية مسؤولية جماعية، تقتضي احترام المؤسسات والقوانين، لا التشويش عليها لمجرد أن بعض المطالب لم تتحقق. ومن هذا المنطلق، نعبر عن دعمنا الكامل للوكالة الوطنية للمياه والغابات، ولجميع أطرها التي تشتغل في الميدان بإخلاص وتفانٍ، وندعو الرأي العام إلى عدم الانسياق وراء هذه الحملات المشبوهة التي تخفي خلفها مطامع شخصية، ظاهرها بيئي وباطنها انتهازي.

وختامًا، فإننا نناشد كافة المهتمين بالشأن القنصي والبيئي إلى تغليب المصلحة العامة، والاحتكام إلى المؤسسات، والابتعاد عن لغة التشكيك والتشويش التي تسيء لصورة المغرب، وتضر بجهود الدولة في ترسيخ حكامة بيئية مسؤولة.
فالوطن أولًا، والمؤسسات فوق كل اعتبار، والقانون هو الفيصل.