الثلاثاء 19 مارس 2024
كتاب الرأي

إدريس المغلشي: هزمتنا صورة

إدريس المغلشي: هزمتنا صورة إدريس المغلشي
صورة استطاعت أن تهزم كل المخططات والبرامج والنظريات مهما تفنن البعض في تجميل الصورة فالواقع شيء آخر. دعونا من حرب الصور من هنا وهناك في مواجهة بليدة والتي أصبحت رائجة في وقتنا الحاضر في سباق محموم لكنه لا يعكس إشكالاتنا العميقة وساد تبني التقارير المغشوشة التي سماها أحد الظرفاء " تدراح التصاور" بمعنى انها مزيفة ولا تنقل الواقع كما هو ولأنها تكشف حقيقة تدبيرنا لقطاع حيوي كالتعليم الذي راهنا عليه كثيرا واستنزف منا مقدرات بالقياس إلى النتائج.
والآن يسائلنا جميعا دون أن نتمكن من محاسبة الفاعلين الحقيقيين. والبعض منهم لازال يدبر أفقا استراتيجيا بعقلية متخلفة وأدوات فاسدة من رواسب الماضي. نحن أمام سؤال مهم لم نجب عليه لحد الساعة.
هل فعلا نمتلك إرادة حقيقية لإصلاح التعليم؟
المشهد الذي بين أيدينا يلخص الحكاية.
في إحدى جنبات شارع محمد الخامس الشريان الرئيسي لمراكش، حيث يمر زوار المدينة ذهابا وإيابا.
استفزتني صورة لفتاة صغيرة تبيع بعض علب "كلينيكس" وهي جالسة تفترش بعض الحصير. غالبها النوم من شدة الجلوس على قارعة الطريق، فتوسدت ركبتها وهي تضع خدها على كتاب قراءة للمستوى الابتدائي.
لم تعد تعبأ بالمارة من سياح ولا بزبناء مفترضين. توقفت متابعتها لعملية البيع المفروضة عليها وهي في سن الطفولة والتي اعتبرها فترة حرجة تحتاج فيها للعناية والراحة كما توقف نبض متابعتها للواجبات المنزلية في ظروف صعبة وأليمة. فعلا مشهد مؤلم يسائلنا جميعا.
أين مسؤولية الأسرة الأب والأم؟
أين مسؤولية جمعية حماية الطفولة؟
أين هي وزارة التعليم التي لا تتواني في رفع الشعارات دون أن نجدها خلف هذه الوضعيات لتقويم اعوجاجها وتصحيح مسارها؟
هنا في مكان ومنطقة جلوس التلميذة على الرصيف غابت كل الاستراتيجيات والمقولات والنظريات، فشلت كل البرامج والشعارات التي رفعت ولم تعد تجدي نفعا ولم يصمد انتقاء المفردات الرنانة التي لم تعد ذات جدوى أمام واقع مر يحتاج منا لكثير من التعبئة والإرادة والمسؤولية.
سقط شعار الموسم الدراسي إصلاح المنظومة وجودة التعليم مع هذه الصورة التي اعتبرها نموذجا لكل اعطاب منظومتنا التي نجترها كل سنة وكل مرحلة، دون أن نجد لها حل.