الجمعة 22 نوفمبر 2024
سياسة

"الوسيط من أجل الديموقراطية وحقوق الإنسان" يدخل مؤسسات الحكامة إلى المشرحة

"الوسيط من أجل الديموقراطية وحقوق الإنسان" يدخل مؤسسات الحكامة إلى المشرحة

في استحضار للمكانة التي خصها دستور 2011 لفئة المؤسسات متعددة الطبيعة، سواء منها مؤسسات الحكامة والمؤسسات الوطنية أو تلك ذات المهمات الاستشارية، والتي أسندت لها بموجب القانون أدوار هامة بهدف تعزيز الديموقراطية والإسهام في بناء  دولة المؤسسات، سواء فيما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان مثل المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أو ما يخص المجتمع والاقتصاد كمجلس المنافسة والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والهيئة الوطنية للوقاية من الرشوة، أو بقضايا الإعلام كالهيئة العليا للاتصال السمعي البصري إلى جانب مؤسسات أخرى، وفي استحضار أيضا موازاة للدور الذي من المفروض أن تلعبه جمعيات المجتمع المدني في المساهمة لتأسيس دور مواكب ورقابي للسياسات العمومية ولتدخلات وأدوار هذه المؤسسات الوطنية في بلورة هذه السياسات...

 ووعيا منها بهذا الدور المحوري والحاسم ارتأت "جمعية الوسيط من أجل الديموقراطية وحقوق الإنسان"، وهي بهذا لها أجر المجتهد، أن تجمع حول مائدة مستديرة للتداول في الموضوع مجموعة من الفاعلين لتبادل الرأي وطرح وجهات النظر انطلاقا من تنوع مجالات تدخل هؤلاء بخصوص مختلف المؤسسات المتضمنة في الدستور الجديد، وذلك عبر إضاءة مجموعة من التساؤلات من قبيل: - أي تمثل لدى الفاعل السياسي والمدني لأدوار هذه المؤسسات وكيف يتحدد التفاعل بينها وبين باقي السلط؟ ولماذا مايزال هذا النوع من المؤسسات لايجذب الفاعلين لتقييم حصيلتها وأدائها؟ كيف يمكن قراءة منجز هذه المؤسسات من وجهة نظر الفاعلين في غياب وجود تقييمات موازية لعملها وبرامجها؟ وما ماهي مستويات التفاعل البرلماني والحكومي والمدني مع آراء ومقترحات وتقارير مختلف هذه المؤسسات؟

من جهتها أشارت خديجة مروازي عن "الوسيط من أجل الديموقراطية" بداية إلى استمرار ما أسمته "مناطق الظل في ممارسة الفاعل المدني" اتجاه تقييم ومرافقة ومراقبة السياسات العمومية والمؤسسات المنتجة لها، مؤكدة على الفرق الكائن بين المراقبة البرلمانية والمراقبة المدنية بحكم طبيعة مجال تخصص واشتغال كل على حدة، معتبرة أن هذا واقع يجب التأسيس له كذلك، وأشارت مروازي موازاة إلى ضرورة إبقاء مجالس من قبيل المجلس الأعلى للحسابات والمجلس الاقتصادي والاجتماعي في ضوء المساءلة المدنية، قبل أن تختم كلمتها باستفهام عريض حول كيفية قراءة منجز هذه المؤسسات في غياب  التواصل وغياب معرفة بتقاريرها، أوقياس مستويات التفاعل بين البرلماني والحكومي والمدني اتجاه دور فاعلية ونجاعة هذه المؤسسات..

من جانبه نوه الفاعل الجمعوي عبد الرزاق حنوشي بتواجد المغرب في الدينامية الدولية سواء من نطاق الأمم المتحدة أو في مسايرة المواثيق والعهود الدولية، ومنه يقول الحنوشي لايمكن للمغرب كدولة أن يبقى في معزل عن هذه الدينامية، بما أنه تترتب عليه عدد من المسؤوليات، ويشير حنوشي موازاة إلى أن المنتديات الاجتماعية العالمية ساهمت أيضا بدورها في ارتفاع منسوب الطلب على مثل هذه المؤسسات الوطنية في توافق مع تنامي وحضور أدوار فاعلين جدد وعدد من التعبيرات الاجتماعية الأخرى من قبيل الحركات الاحتجاجية مثلا وأعطى هنا مثلا بأبرزها وهي حركة 20 فبراير، وهو يرى أيضا ضرورة أن تبقى أدوار الفاعلين بهذه المؤسسات بعيدة عن التقاطبات السياسية وبعيدة عن صناديق الانتخابات، ويخلص إلى نقطة الإقرار بوجود تشابه في بعض الاختصاصات وتنازع الشرعيات بين بعض المؤسسات الاستشارية الحالية (10 مؤسسات تتوزع حقول " الحقوق والحريات"، " الحكامة والتقنين" و" التنمية البشرية"..

وفي عرض كلمته طرح ممثل عن الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها بعض الإكراهات التي تواجهها المؤسسة التي يتمثل دورها في اقتراح سياسات وقائية لمحاربة الرشوة والفساد من هذه الإكراهات غموض التوصيف القانوني للهيئة وضعف الاستقلال الإداري وعدم الاستقلال المالي، وعدم تجاوب الحكومة مع توصيات الهيئة ومع تقاريرها الصادرة (2009/ 10/2011)، وهو ما ردت عليه في تدخلها النائبة البرلمانية عن حزب العدالة والتنمية ماء العينين بعبارة بروز علاقة غير متجانسة بين البرلمان وبعض هذه المؤسسات، والإعراب من جهتها عن تخوف من أن تحول بعض هذه الهيئات إلى "أحزاب سياسية" أو "قاعات انتظار لأدوار ما.."، وهو ما قد يخلق بتوصيفها مناخا غير إيجابي في المستقبل..

أما حسن طارق(نائب برلماني عن الاتحاد الاشتراكي) فقد أشار على "الوسيط"(الجهة المنظمة) بضرورة إنتاج شبكة للتقييم و مؤشرات مضبوطة للمهمة، وهو يطرح إلى ذلك إشكال تمفصل هذه المؤسسات مع البرلمان والحكومة ومع القضاء حين يقول على سبيل المثال أن سبعة مؤسسات وطنية من بين 14 التي نص عليها الدستور الجديد(2011) تتقاطع فيما بينها حول المدرسة، ومنه يقول طارق لابد بداية من حل مشكل التسمية لبعض هذه المؤسسات، قبل أن يخلص لما نعته بمخاطر في علاقة بهذه المؤسسات وهو احتمال تحول بعضها إلى "جمعيات غير حكومية"(أوإنجي) كبيرة بميزانيات ضخمة تلعب دور " بيوت الخبرة" لكن من دون أثر في السياسات العمومية، أما الخطر الثاني في قراءة النائب الاشتراكي فهو العمل على تهميش البعد السياسي للبرلمان وللحكومة لفائدة مؤسسات جديدة.