الجمعة 26 إبريل 2024
فن وثقافة

نوستالجيا.. يونس عاشق يحكي عن زمن رواد فن الحلقة بمدينة أسفي

نوستالجيا.. يونس عاشق يحكي عن زمن رواد فن الحلقة بمدينة أسفي يونس عاشق ومشهد من فن الحلقة
في هذه الورقة يستعيد "الرَّامِي" يونس عاشق فترة شغب الطفولة الجميل، وهو مازال تلميذا في الصف الابتدائي، ويحكي من خلالها نوستالجيا الزمن الجميل وهو يتردد على عمالقة فن الحلقة بمدينة أسفي، وتحديدا بساحة "سِيدِي بُو الذْهَبْ"، حيث كان ينهل من قاموس رواد الحلقة الكبار رفقة أقرانه، على مستوى "الضَّحِكْ" و "الْفُكَاهَةْ" و "الْغِنَاءْ" و "الْحَكْيْ" و "التَّقْشَابْ" و "الْمُصَارَعَةْ"...وما إلى ذلك من ألعاب شعبية كانت عبارة عن عروض فنية ومسرحية تقدم للعموم.
 
"تحتفظ ذاكرة مدينة أسفي بأحد أقدم الفنون الشعبية في السّاحة العمومية بجانب قُبَّة الولي الصالح سِيدِي بُو الذْهَبْ، وهو فن الحلقة التي كان روادها، كل من حَمِيدْ الَمِّيسْ عازف الْـﯕَنْبَرِي، وابْرَاهِيمْ الَمِّيسْ عازف الدّف (الْبَنْدِيرْ)، والْحَسْنَاوِي مروض الحيوانات.
 
لقد كان فن الحلقة بساحة سِيدِي بُو الذْهَبْ بحاضرة المحيط، متنفسا لنا بعد حصة المدرسة، حيث الاستمتاع بحلقة "الطْوِيلْ أو الَغْلِيمِي"، و "الْعَوْنِي والَمْسِيَّحْ"، وحلقة "أبَّا ابْرَاهِيمْ"، التي كانت مدرسة للملاكمة بامتياز، وأولاد النْوَاصَرْ (عبيدات الرما أولاد أحمر) وغيرهم.
 
لم نكن نعرف الهاتف النقال، ولا الأنترنت، ولا الفيس بوك، ولا معنى شبكات التواصل الاجتماعي، كانت الحلقة هي وجهتنا أحيانا بعد مغادرة المدرسة في اتجاه ساحة سِيدِي بُو الذْهَبْ التي كانت تعج بـ "لَحْلَاقِي"، شأنها شأن ساحة جامع الفنا بمدينة مراكش.
 
كانت كل "الْحَلْقَاتْ" تشرع في تقديم عروضها بعد صلاة العصر، وربما اختيرت ساحة سِيدِي بُو الذْهَبْ لكونها توجد في موقع استراتيجي وتحديدا بموقع "بَابْ الدِّيوَانَةْ" القديم بالمدينة القديمة بآسفي، والذي يعتبر البوابة الرئيسية لها ولمحلاتها التجارية.
 
لا أستطيع وصف ذلك الشعور، ونحن ننتقل من حلقة إلى أخرى، بعضهم كان كوميديا، وبعضهم عشّابا، وبعضهم راويا لقصص العنترية والأزلية والسيرة الهلالية، وبعضهم موسيقيا، والآخر مروضا للحيوانات أو الأفاعي...كل يدلي بدلوه في هذا الفضاء العجيب.
 
أحيانا كنا نتيه بأرواحنا بين متاهات هذا الفضاء العجيب، حتى ندرك أن الوقت قد تأخر، لنبدأ بالركض صوب بيوتنا التي كانت تبعد عن هذه الساحة بحوالي أربع كيلومترات.
ونحن عائدون إلى الديار، كنا نردد بعض المستملحات التي التقطناها من هذه الحلقة وتلك، وسط ضحك صاخب كان يسقط البعض على إثره أرضا.
 
في سنة 2010 / 2011 ، وبعد أن تمرست على هواية الصيد/القنص، التقيت برائد الحلقة "ابْرَاهِيمْ الَمِّيسْ" عازف الدّف، بالمقطع في إحدى رحلات الصيد، وأصبح مرافقا (حَيَّاحْ) لي أينما ذهبت للقنص، لأكتشف أنه يعشق الصيد حتى النّخاع، وكان الجميل في الأمر أن خرجاتنا كانت حَلْقَةْ متنقلة، كنا لا نتورع عن الضحك ذهابا وإيابا، كنا نضحك ملء صدورنا حتى نعجز عن الضحك من شدة ما تؤلمنا بطوننا وخدودنا".