يفتح وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت جولة جديدة من المشاورات مع الأحزاب السياسية لوضع مدوّنة انتخابية جديدة قبل نهاية السنة، في أفق الانتخابات التشريعية لسنة 2026. هذه العملية، التي تأتي بتكليف ملكي مباشر، ليست مجرد تعديل تقني، بل هي محاولة جادة لإعادة بناء الجسر بين المواطن وصندوق الاقتراع، بعد سنوات من فتور المشاركة وتآكل الثقة في العملية السياسية.
إصلاحات تقنية… أم إعادة تعريف للعقد السياسي؟
المطالب الحزبية، من تنقية السجل الانتخابي وتحسين التقسيم الإداري وضمان حياد الإدارة، إلى تعزيز تمثيلية النساء وتجريم المال الفاسد، ليست تفاصيل إجرائية فحسب، بل أدوات لاستعادة المصداقية. فالمغربي الذي يشارك بنسبة ضعيفة في الانتخابات، يحتاج إشارات عملية على أن صوته يُحتسب، وأن العملية الانتخابية نزيهة وذات أثر على حياته اليومية.
نحو مشاركة كثيفة كشرط لإنجاح الإصلاح
أكبر تحدٍّ يواجه العملية الانتخابية ليس قانونها، بل عزوف جزء مهم من المواطنين عن التصويت. لا يكفي إنتاج نصوص متقدمة إن بقيت صناديق الاقتراع فارغة. المطلوب اليوم حملة تعبئة وطنية، تقودها الدولة والأحزاب والمجتمع المدني، لتوضيح رهانات انتخابات 2026 وإقناع المواطن أن الامتناع يفرغ الإصلاح من مضمونه. فكلما ارتفعت نسبة المشاركة، كلما اكتسب البرلمان شرعية أقوى، وكلما تحسّنت قدرة الحكومة على اتخاذ قرارات جريئة.
الشباب والجالية: رأسمال غير مستغل
إدماج الشباب عبر آلية مبتكرة تعيد الثقة وتربط الانتداب بالأداء، ومنح مغاربة العالم حق الترشح والمشاركة الفعلية، يشكلان رافعة أساسية لتوسيع قاعدة المشاركة. هذه الفئات ليست هامشية، بل تمثل قوة حية يجب أن تشعر بأنها معنية بصناعة القرار.
من النصوص إلى الممارسة
نجاح الإصلاح لا يقاس فقط بجودة المواد القانونية، بل بقدرة الإدارة على التطبيق العادل والفوري لها، وبمستوى الثقة الذي تعيده إلى المواطن. الرقمنة، الشفافية المالية، وسرعة البت في الطعون الانتخابية هي عناصر حاسمة في هذا المسار.
خاتمة
المغرب يقف اليوم أمام لحظة سياسية فارقة: إما أن تتحول إصلاحات 2025 إلى عقد ديموقراطي جديد يُعيد الاعتبار لصوت المواطن، أو تبقى مجرد تحديث روتيني. الرهان الحقيقي هو إعادة الثقة في المؤسسات والفعل السياسي، وتحويل انتخابات 2026 إلى موعد وطني جامع يشارك فيه المغاربة بكثافة ليقولوا كلمتهم في مستقبل البلاد. فالديموقراطية لا تزدهر إلا بصناديق اقتراع ممتلئة، ومجتمع مؤمن بأن صوته يحدث فرقاً.