Saturday 28 June 2025
خارج الحدود

قضاة تونس: الرئيس حول تونس لنموذج للتفرد بالحكم والظلم وقمع السلطات

قضاة تونس: الرئيس حول تونس لنموذج للتفرد بالحكم والظلم وقمع السلطات قيس سعيد
نددت الجمعية التونسية للقضاة الشبان بانتهاج السلطة التنفيذية لأساليب التهديد والتشويه في مواجهة المسؤولين القضائيين بمحاكم العاصمة تونس، وخصوصا وكيل الجمهورية بالمحكمة الإبتدائية بتونس والوكيل العام بمحكمة الاستئناف عبر حملات التفقد المتواترة الرامية لاقتناص الأخطاء وتكوين ملف سلبي ملفّق لتبرير إزاحتهم عن خططهم الوظيفية وتغيير بقية الماسكين غير المنسجمين للخطط القضائية العليا،  وقد بدت بوادر تلك الخطة مكشوفة منذ  إقصاء القضاة السامين من الإشراف على مناظرة الدخول للمعهد الأعلى للقضاء، رغم استقرار العمل على مشاركتهم فيها، وتغييرهم بقضاة مختارين أقل رتبة وخبرة.

جاء ذلك في بلاغ تتوفر جريدة "أنفاس بريس" على نسخة منه، حيث أكدت الجمعية أن القضاة بمختلف تشكيلاتهم (نيابة وتحقيقا ومجلسا) هم درع للقضاء المهني المستقل ويقفون على نفس المسافة من كافة الخصوم مهما كانت مراكزهم الإجتماعية أو توجهاتهم الفكرية والسياسية، وأن القضاء التونسي رمز لقضاء الدولة المستقل المحايد ولن يكون قضاء للرئيس أو قضاء تابعا للسلطة التنفيذية، وهو ضمانة  لكافة المتنازعين على حد السواء وأنه - رغم رفع الضمانة الهيكلية لاستقلالية السلطة القضائية بحل المجلس الأعلى للقضاء - فإن القضاة التونسيين كانوا وسيظلون متمسكين باستقلالية قراراتهم إزاء السلطة  السياسية القائمة الساعية دون جدوى إلى تطويعهم واستخدامهم  لضرب خصومها السياسيين.

واعتبرت جمعية القضاة الشباب في تونس أن الصراع القائم بين رئيس الجمهورية والبرلمان المنتخب هو صراع سياسي بين السلط محسوم بالدستور، وأن محاولة الزج بالقضاء الجزائي واستغلاله في المعارك السياسية والخلافات الفردية إنما هو اعتداء صارخ على الشرعية واستقلال السلطة القضائية، وتعتبر أن إصدار التعليمات لوزيرة العدل لرفع قضايا جزائية ضد أعضاء مجلس نواب الشعب، والتنديد بالنيابة العمومية وتشويهها إعلاميا وإطلاق صفحات الفتنة والعار على ممثليها لرفضهم الإنصياع لتنفيذ جملة من الايقافات الجائرة والتعسفية خارج الأطر القانونية هو سعي ممنهج من رئيس الدولة لاغتصاب العدالة قصد استبعاد معارضيه والتفرد بالحكم وإسقاط مشاريعه وتصوراته الشخصية على الشعب التونسي، وتؤكد أنه كان من الأجدى أن تكون هذه الخلافات السياسية والدستورية معروضة أمام الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين المنحلة أوغيرها من وسائل حل النزاعات القانونية المتاحة أو أن يتم حلها بالحوار  البنّاء وليس أمام القضاء العدلي، وتطالب على ذلك الأساس كافة القضاة وخاصة أعضاء النيابة العمومية وقضاة التحقيق بكافة محاكم الجمهورية بالتمسك باستقلالهم وحيادهم وعدم الإنخراط في القضايا السياسية المفتعلة واتخاذ قرارات بالحفظ والتخلي عن تلك القضايا لعدم الاختصاص.

وندد قضاة تونس في المقابل ببعض القضاة المحسوبين على السلطة والمتمعشين من الحكومات المتعاقبة قبل الثورة وبعدها والذين لا يتورعون عن الإرتماء بين أحضان النظام القائم وخدمته وتمجيد الرئيس وتبييض قراراته عبر وسائل الإعلام وشبكات التواصل الإجتماعي طمعا في الحصول على مناصب قضائية أو سياسية هامة وتشويه زملائهم عبر كشف معطياتهم الشخصية للصفحات المشبوهة المساندة لرئيس الجمهورية بما يشكل ترويجا لصورة مشوهة للقضاء التونسي، وتنبههم بالتخلي عن هذه الممارسات قبل فضحهم والتنديد بممارساتهم أمام الرأي العام الوطني والدولي.

ودعت جمعية القضاة في تونس كافة المنظمات الوطنية والقوى الحية بالبلاد إلى القيام بدور أكثر إيجابية في سبيل إنهاء حالة العبث الدستوري التي تعيشها الدولة وإرجاع الأمور إلى نصابها ومقاطعة "حوار الطرشان" الذي يدعو إليه  رئيس الجمهورية متبعيه ويستبعد منه معارضيه على أساس الاستشارة الفاشلة بما شوّه صورة تونس في العالم لتصبح نموذجا للتفرد بالحكم والظلم وقمع السلطات بعد أن كانت نموذجا يحتذى به في الديمقراطية والتحرر من الديكتاتورية والإستبداد..