الجمعة 17 مايو 2024
ضيف

سلوى بدوي.. المحاربة بجبال الريف دفاعا عن النساء

 
 
سلوى بدوي.. المحاربة بجبال الريف دفاعا عن النساء

 

سلوى بدوي، منسقة مشاريع بجمعية ملتقى المرأة بالريف واحدة من الناشطات الجمعويات بمدينة الحسيمة، تسير بخطوات ثابتة نحو النجومية والتألق بفضل التراكم النضالي الذي راكمته خلال زمن قياسي، إشعاعها الجمعوي يمتد إلى كل مناطق الريف سواء في المجال الحضري أو في العالم القروي...

 

إعداد: طارق الشعرة

 

حملت سلوى بدوي هموم النساء ومشاكلهن ومعاناتهن منذ سنوات طويلة إذا كان الريف يعيش عزلة جغرافيا واقتصاديا يعاني من ضعف الموارد المالية، فإن سلوى ورفيقاتها استطعن أن يكسرن جزءا من هذه العزلة عن العديد من النساء في الدواوير والمداشر القروية بفضل المشاريع والبرامج التي أنجزناها في زمن قياسي، ولم تكن سلوى تستطيع تحقيق هذا النجاح والإشعاع لولا دعم ومساندة رفيقاتها اللواتي يسيرن هذه الجمعية على رأسهن الزهرة قوبيع ورفيقاتها، حيث حولن هذه الجمعية إلى نموذجا في حسن التسيير والتدبير والبحث عن المشاريع التي تهم النساء، بالإضافة إلى الدفاع عن حقوق المرأة وكرامتها، إنهن مجندات في الخفاء استطعن رغم صعوبات العمل أن يحققن النجاح والتألق.

نشأت سلوى وتلقت تعليمها الأولي والإبتدائي بمدينة إمزورن معقل النضال والمناضلين، ثم ساهمت في نضالات الحركة الطلابية بجامعة محمد الأول بوجدة، ونضالها وتشبعها بالفكر اليساري والتقدمي دفعها للإنخراط مبكرا في الحركة النسائية المطالبة بالكرامة وبإقرار المساواة والعدالة الإجتماعية، ساهمت في تأطير العديد من الندوات الفكرية والأيام الدراسية التي تهم حقوق المرأة والنساء، وقادت العديد من المعارك النضالية ومن الوقفات الاحتجاجية والمسيرات التي تدافع عن حقوق النساء. 

حملت سلوى على عاتقها هموم النساء القرويات، فهي تجوب بشكل يومي مختلف القرى والبوادي، تتسلق قمم جبال الريف،ء فهي تعشق الخبز الحافي لهؤلاء النساء المطبوخ في الفرن التقليدي يسمونه بأينور والبيصارة المرفوقة بزيت الزيتون والكامون، وهي أيضا عاشقة للغطس وصيد الأسماك، وتقطع سلوى مسافات طويلة مشيا على الأقدام تعمل مثل العسكرية المجندة التي تخوض يوميا الحرب ضد الفقر والعنف والإهانة الموجهة للمرأة، مستعدة لكل طارئ تحمل بين يديها أجندة الإجتماعات وحاسوبها الشخصي، وهاتفها لا ينقطع عن الرنين، ونسجت سلوى علاقات حميمية مع النساء القرويات فهي أمازيغية الأصل وهذا ما يسهل لها عملية التواصل مع الساكنة، وهي تمثل تلاقح الثقافة الأمازيغية والعربية إنها تجسد الوحدة الوطنية، وسلوى هي أيضا تحمل جذور الثقافة الأندلسية الموريسكية التي ورثتها عن أجدادها في الضفة الأخرى لمضيق جبل طارق إنها مازالت تحمل على وجهها إرث وسحر الجمال الأندلسي.

وعلى قمم جبال الريف تتفقد سلوى أوضاع النساء والمشاريع التي تشرف عليها جمعية ملتقى المرأة ونادرا ما تجد سلوى وقتا للراحة، فهي دائبة الحركة، إشعاعها لا يتوقف في منطقة الريف فقط، بل هي تساهم في نضالات الحركة النسائية على المستوى الوطني تشارك في الندوات واللقاءات والمسيرات والوقفات الإحتجاجية التي تعقد في مختلف ربوع المملكة.

لا ينحصر نشاط وإشعاع سلوى داخل الوطن فقط، بل نسجت علاقات متينة مع عدد من الشركاء الأجانب في أوروبا خاصة في إسبانيا وفي مناطق كطالونيا والأندلس، حيث شاركت في العديد من الندوات واللقاءات التي تهم التنمية وحقوق المرأة، واستطاعت سلوى بحكم تمكنها من اللغة الإسبانية ومصداقيها في العمل أن تقنع شركاء أجانب منهم منظمات غير حكومية بعقد اتفاقيات شراكة لتمويل برامج مختلفة تهم النساء بالريف، وسلوى تتقن أيضا اللغة الفرنسية والإنجليزية وهذا ما يساعدنا على نسج علاقات مع جمعيات ومنظمات وشركاء على المستوى الدولي، حيث توظف وتستثمر امكانياتها وطاقاتها رفقة رفيقاتها في الجمعية للبحث عن الشراكات والمشاريع التنموية لتحسين أوضاع المرأة الريفية.

وبفضل نشاطها ودعم رفيقاتها ساهمت سلوى في ضمان الاستمرارية لجمعية «ملتقى المرأة بالريف» التي تأسست سنة 1998 من طرف عدد من المناضلات على أساس تقدمي إنساني شامل ومستمد من منظومة قيم حداثية ومن المواثيق والأعراف الدولية التي تضع الإنسان الفرد وحقوقه، بصرف النظر عن النوع الاجتماعي، محوراً للعملية الاجتماعية؛ فيما تكون الموارد المادية والسياسية والمؤسسات كلها مكرسة لخدمته وتحقيق رفاهيته.

لتحقيق أهدافها تنطلق سلوى بدوي من الأفكار والمبادئ الإنسانية التقدمية في ما يتعلق بالمرأة وحقوقها، بما في ذلك المواثيق والمرجعيات الدولية لحقوق الإنسان، حيث ترى أن الجمعية من غير الممكن التأثير والتغيير بما يتفق مع أهدافها دون أن يأتي عملها في إطار مشروع التغيير المجتمعي الشامل في كل ما يتعلق بالمرأة، ومن خلال التنسيق، وبالتعاون، مع كل الهيئات والمؤسسات ذات العلاقة، مثل المؤسسات التربوية والإعلامية وغيرها، بحيث يتم حشد كل الطاقات والموارد لإحداث التغيير المنشود.

وتسعى سلوى ورفيقاتها للوصول إلى النساء كافة، لاسيما وأنهن أكثر الفئات تهميشاً بالعالم القروي، وذلك بغية تمكينهن من التكافل في ما بينهن، والتنسيق مع كل الفعاليات الناشطة في المجال. وترى أنه رغم خصوصية جمعية نسائية أمازيغية، إلا أنه من الضروري العمل والتنسيق مع الحركات والفعاليات النسائية المحلية الوطنية والعالمية كافة، ومع المنظمات الناشطة في حقوق الإنسان، والتعاون أيضا مع أطر ورجال يؤمنون ويعملون على رفع مكانة المرأة، لأنها ترى في الرجل شريكاً متساوياً في عملية التغيير المجتمعي. ومن أهداف سلوى ورفيقاتها في الجمعية هي تفعيل مشاركة النساء في عملية بناء مجتمع ديمقراطي مدني تسوده العدالة الاجتماعية والمساواة والتساوي في الفرص بين النساء والرجال في كافة المجالات، ونشر الوعي بين النساء بحقوقهن التشريعية في كافة المجالات، وتقديم خدمات الدعم الاجتماعي للنساء، وخاصة المستضعفات منهن، وتمكين المرأة من المشاركة في عملية صنع القرار، والمشاركة الفاعلة في الحياة العامة على المستويات الاقتصادية، الاجتماعية والسياسية، والعمل على رفع جميع التحفظات عن الاتفاقية الدولية لإلغاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة، والتنسيق مع القوى النسائية والديمقراطية لتحقيق التقدم والحداثة، ونشر ثقافة بديلة، وسط النساء والشباب والأطفال، تنسجم وتطلعات المرأة المغربية في التحرر والتقدم والمساواة، والمحافظة والدفاع عن الثقافة والهوية الأمازيغية.