السبت 20 إبريل 2024
كتاب الرأي

اسمهان عمور: أنامل طبيب جراح من سلالة ذوي الجينات الرافعة للتحدي

اسمهان عمور: أنامل طبيب جراح من سلالة ذوي الجينات الرافعة للتحدي اسمهان عمور
اخترقت أصابعه الجرح ليستأصل الألم من ذلك الكاحل الذي قادني إلى المصحة.جراح بأنامل تحسها تضخ مورفينا ليستكين الجسد الملقى على طاولة الجراحة،منصتا الى اغاني فيروز التي اختارها ليصاحبك صوتها في المكان وتذوب معه الانات وتضيع مع همسه أصوات المعدات لاستئصال العلة.....
يلتئم الجرح وفي القلب تزهر أحواض المحبة .تشابكت اغصان شجرة القلب فامتدت لتشكل جسرا عبرنا منه الى نقطة العدم!
كان موج المحيط،وهلال ذو الحجة المنبئ باقتراب العيد،والاجساد المكتنزة والرفيعة في لغط لا يكسر ايقاعه الا رشفة من الكأس في مطعم ميرامار.
من أقصى جغرافية الهامش،من منطقة الواحات وتمور المجهول ،ومن سلالة ذوي الجينات الرافضة للكسل والفشل انطلق الطبيب الجراح في نبش اكوام الذاكرة لتسقط مشاهد الطفولة وتصطف في العدم......ذلك الطفل الذي سبقت خطاه الى الحرف مبكرا حاضنا للقصص الرائجة آنذاك ..لطفي المنفلوطي. عطية الابراشي ..جورجي زيدان...وليخلو الى ركن المكتبة كلما دقت ساعة اشباع نهم القراءة.
تواقا للأدب كان.كتب إشعارا هي اليوم في ركن قصي من الذاكرة.
في حكيه المتلاطم كما الموج الذي نتلقف رذاذه في ذلك المطعم تحسه ذلك الفتى وامثاله كثير في الهوامش ...لم يتأففوا من الحياة التي كانت شحيحة وبخيلة. بعيدا عن حضن الام وجلباب الاب والوصايا العشر للنجاح اقتفى خطوات ابن سينا واقتعد كراسي الطب والجراحة،وخبر دهاليز ذلك المستشفى الذي شهد تفوقه هو الآتي من العدم.
انفجر ينبوع الذاكرة فكان الصبيب قويا، بدءا من نقطة المجهول إلى حقيقة الأنامل الماسكة لمشرط الجراحة ،هو الطبيب المعالج من سلالة ذوي الجينات الرافعة للتحدي والرافضة للفشل .هم كثر أمثاله من الهوامش القصية الذين ركبوا أمواج الحياة تحديا ونضالا..
استكنت الى الجرح في الكاحل واحسست بدبيب المخدر يسري في النصف الاسفل من الجسد،وبدأت تتثاقل الاعضاء لتستسلم الى انامل الجراح الماسكة للمشرط،واغاني فيروز بالكاد التقطها بعد ان انسدلت الجفون وغفوت تحت إضاءة غرفة العمليات .
تحية وتقدير الى الطبيب الجراح مولاي رشيد مستعين..