الثلاثاء 16 إبريل 2024
سياسة

صبري: القاسم الانتخابي والديكتاتورية العددية وراء انسحاب هيئة البيضاء من جمعية المحامين

صبري: القاسم الانتخابي والديكتاتورية العددية وراء انسحاب هيئة البيضاء من جمعية المحامين صبري الحو المحامي بمكناس (يسارا) ونقيب هيئة الدار البيضاء موافق الطاهر
بقرار مجلس هيئة الدار البيضاء  الانسحاب من جمعية هيئات المحامين بالمغرب، تناسلت الأسئلة حول خلفيات هذا القرار الذي يعد سابقة في تاريخ المحاماة..
الأستاذ صبري الحو، المحامي بمكناس، في تصريح خص به
"انفاس بريس"، اعتبر أن رمزية مهنة المحاماة أكبر من كل الاصطفاف المجالية الضيقة، وأنبل من كل تجييش تضبطه نرجسية بغيضة، فإن تقدير النتيجة التي صنعها القرار العمومي للمحامين يشكل منطلقا يضحد كل أشكال الانحراف نحو نقاشات أخرى تحاول تبخيس قدسية المهنة وتجرح صورتها النبيلة.
 
"يبدو لنا من خلال قراءة موضوعية للأحداث إلى حدود هذه اللحظة أن انسحاب هيئة الدار البيضاء من جمعية هيئات المحامين بالمغرب يعتبر شأنا داخليا لهذه الهيئة بما لا يؤثر البتة على مصداقية الفرز الذي استوعب مضمون التمرين الديموقراطي ومنح رئاسة الجمعية للرئيس المنتخب النقيب عبد الواحد الأنصاري.
يشهد محامو المغرب، ومن ضمنهم محامو هيأة الدار البيضاء، أن عملية الانتخاب مرت في أجواء ديمقراطية ولم تشبها شائبة بما قد يخدش مصداقية الفرز والتدافع على قاعدة شرعية الصناديق ووفق منهجية الدمقرطة، حيث لا يمكن مراهنة الجمعية بمواقف هيأة من الهيأت، نظرا لكون مشروعية التنظيم أكبر بكثير من مواقف ظرفية جامحة تولد تحت ضغط انزياحات ذاتية منفلتة عن الرمزية المقدسة للمهنة.
ولأجل ذلك نعتبر انسحاب هيئة الدار البيضاء لا يبخس بشكل من الأشكال مصداقية التجلي ومصداقية النتيجة. والتمثيلية تتم بالانتخاب وفق قناعات المهنيين واختياراتهم، وليس "بالقاسم الانتخابي" كمنطق مقياسي منمط ولا بعدد المسجلين بمنطق الديكتاتورية العددية كما يؤولها العقل المهني الجغرافي الضيق.
ومهما يكن من قرار نهائي تتخذه هيئة الدار البيضاء حسب قناعات أصحابها، فإن الأكيد أن الجمعية بكل أطيافها تنتصر لكلمة الفرز كما حددته السلطة الشعبية للمهنيين، بما دفع الأحداث ايجابيا نحو تشكيلة جديدة مؤسسة على قرار عمومي منتخب.
وهو، لا مراء، ما سيبصم تاريخ العدالة بالمغرب بالتميز، وموازاة مع المسار النضالي الممتد تاريخيا من أجل اثبات الذات، كدفاع قوي بما يشكل ركنا من أركان العدالة، وقوامه قدسية مهنة الدفاع، بشكل يضمن إسهامات نوعية لصالح تجويد القرار القضائي خدمة لحقوق المتقاضين، ضمن جودة مهنة الدفاع ونبل رسالتها. 
وحرصا على صون نبل المهنة لم يتوان المحامون في الدفاع المشروع لصون واحترام الحقوق والحريات في إطار عمل المحامون من داخل منظومة الدفاع كركن أساس ضمن البناء القضائي في نسقيته الدقيقة. 
كما ساهم المحامون دوما في تطوير المسار الديمقراطي وبلورة أفق الممارسة السياسية والفعل الثقافي لصالح نشوء مجتمع القانون في دولة الحقوق بالمغرب المنشود، وبمساهمات نوعية وعبر مشاركات دقيقة من لدن المحامون أفرادا وهيئات بالمغرب عبر محطات تاريخية كثيرة منذ عقود طويلة.
وحسبي أن التاريخ والمسار الصائب لم تصنعه هيئة الدار البيضاء وحيدة، بل يعزى بالأحرى إلى مجهودات كل هيئات الدفاع بالمغرب أفقيا وعموديا، وبمنطق أصلب وأرفع من كل المواقف الذاتية التي تنتصر إلى احتكار الشرعية على حساب سيولة التدوال الديموقراطي كما فهمه المحامون تاريخيا.
إن المحامين بطبعهم أحرار وأسياد قراراتهم، وفي سلوكاتهم هم ديمقراطيون قولا وفعلا، إذ لا يقبلون اكراها ولا ابتزازا في في ممتلكاتهم وفي شرفهم، وفي استقلالية إرادة اختياراتهم الديمقراطية. وهو من شرف ما يميز المهنة عن غيرها من المهن. 
ولأن رمزية المهنة أكبر من كل الإصطفافات المجالية الضيقة وأنبل من كل تجييش تضبطه نرجسية بغيضة، فإن تقدير النتيجة التي صنعها القرار العمومي للمحامين يشكل منطلقا صلبا يضحد كل أشكال الإنحراف نحو نقاشات أخرى تحاول تبخيس قدسية المهنة وتجرح صورتها النبيلة.
وبقناعة مهنية راسخة نعتقد جازمين أن الجسد المهني للمحامين لا ولا يخضع لأية ابتزازات تروم شرعنة احتكار التنويه من خلال الهروب إلى الأمام عبر قراءات منحرفة لسلطة السيادة الشعبية لجسم المحامون، التي يفرزها التداول الديموقراطي المرن من مدخل صناديق الحرية في امتلاك القرار لصالح تشكيلة جديدة تواكب زخم المطالب المهنية الحارقة في زمن التكالب والمؤامرات. 
   وختاما، لعمري أن قدسية المهنة وحدها تكفي سدا منيعا تحاصر كل الانتهاكات المنفلتة من قوة دفوع التمرين الديموقراطي السلمي للسلطة كما قرره الفعل الشعبي للمحامين لصالح سلطة الشرعية كما رست لدى الرئيس والمكتب الجديدين، وعلى الجميع الامتثال لهذا الاختيار ومساندته وليس ضعافه قبل أن يتسلم المشعل".