لا شك أن فضيحة الوزيرين تمس مباشرة سمعة الحكومة باعتبارها السلطة التنفيذية والجهة المسؤولة على ضمان تطبيق القانون وحماية الحقوق . وبناء عليه يكون وزير الشغل هو المسؤول عن القطاع والمطالب دستوريا بفرض احترام القانون وتطبيقه على أرباب العمل.
إذ لطالما هدد محمد يتيم ، وزير الشغل السابق، وعضو الأمانة العامة للبيجيدي، أصحاب المقاولات وكل أرباب العمل الذين لم يصرحوا بمستخدميهم بالعقوبات المنصوص عليها في القانون "عدم التصريح بالعمال والعاملات سواء في القطاع الفلاحي أو الصناعي يعتبر إخلالا بالتزام وطني وأصحابه يضعون أنفسهم للمساءلة والمتابعة القانونية حسب مقتضيات القانون .. إن الإخلال بالتصريح أو التأخير يترتب عنه عقوبات طبقا للقانون".
هذه التهديدات لم تطل زميليه في الحزب ولن تطالهما من باب "أنصر أخاك ظالما أو مظلوما".
إن البيجيديين أناس تتناقض أقولهم مع أفعالهم. فجميعهم ساندوا قرار أمينهم العام السابق ورئيس الحكومة السابق عبد الإله بنكيران الإجهاز على الحقوق الاجتماعية للموظفين والأجراء بحجة إصلاح نظام التقاعد وإنقاذه من الإفلاس، إلا أنهم يساهمون في إفلاسه من حيث يدرون أو لا يدرون . ذلك أن حرمان الأجراء من حق الانخراط في صندوق الضمان الاجتماعي لا يخرق فقط حقوق أشخاص بعينهم، بل يشمل حقوق كل الأجراء في التغطية الصحية وفي التقاعد ؛ كما يحرم ذوي حقوق الأجير من منحة الوفاة ومن التقاعد . إذن ، الأمر لا يقتصر على حقوق الأجير، وإنما يتعداه إلى حقوق عموم الأجراء فضلا عن حرمان خزينة الدولة من عائدات الضريبة.
من هنا يكون عدم التصريح بالأجير في صندوق الضمان الاجتماعي جريمة قانونية وأخلاقية قد تكلّف الأجير أو أحد أفراد أسرته حياته بسبب العجز عن توفير تكاليف العلاج لحرمانه في التغطية الصحية التي يوفرها له صندوق الضمان الاجتماعي.
فمن لا يستحضر الظروف الاجتماعية للأجير ويحرمه من حقوقه لا شك أنه شخص عديم الحياء والضمير والكرامة . فذو الكرامة يخشى الإساءة إلى نفسه وإلى غيره.
ومن يفقد الحياء يفقد الوازع الداخلي الذي ينهاه عن إذاية الغير أو هضم حقوقهم.فـ "رأس مكارم الأخلاق الحياء".
وصدق الصحابي الجيل عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين قال: (مَن قَلَّ حَيَاؤُه قَلَّ وَرَعُهُ، ومَنْ قَلَّ وَرَعُهُ مَاتَ قَلْبُهُ) . حين يتعلق الأمر بالمكسب والمنصب يغيب الضمير ويشح الإيمان ( لا إيمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له) . وحقوق المأجورين أمانة في عنق مشغليهم ملزمون بأدائها قانونا ودينا (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا) النساء:58. فالبيجيديون إياهم أخلفوا وعودهم وخالفوا عهودهم وتخلوا عن مسؤولياتهم السياسية والدينية وحتى الدستورية وليس أقلها استهتار وزير الشغل بمؤسسة البرلمان برفضه الحضور للإجابة عن أسئلة ممثلي الكونفيدرالية الديمقراطية للشغل بمجلس المستشارين حول موضوع ظاهرة عدم التصريح بالأجراء لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.