الخميس 25 إبريل 2024
كتاب الرأي

يوسف لهلالي: المواجهة تطغى على العلاقة بين ماكرون والنقابات

يوسف لهلالي: المواجهة تطغى على العلاقة بين ماكرون والنقابات يوسف لهلالي

الدعوة إلى الهدنة  في عطلة نهاية السنة لم تتلق  جوابا إيجابيا من طرف النقابات الفرنسية حتى الان والاضاربات مازالت تشل جزئيا وسائل النقل خاصة بالعاصمة.

هذه الوضعية جعلت رئيس الحكومة يصرح ان " عيد الميلاد مناسبة مهمة وعلى كل شخص تحمل مسؤولياته، لآ اعتقد أن الفرنسيين سيقبلون أن يحرمهم البعض  من هذه المناسبة.

"وهو تحذير من رئيس الحكومة الى النقابات، ويشهد عليهم الرايالعام، الذي مازالت اغلبيته 54 في المائة حسب اخر استطلاع تدعم الإضرابات ضد إصلاح نظام التقاعد.

النقابات مازالت مستمرة في التعبئة للإضراب   لليوم 12 عشر على التوالي والى يوم للاحتجاج الثلاثاء المقبل.

وهي الأخرى واعية بمعركة  الرأي العام بين الرئيس الفرنسي وحكومته وبين النقابات العمالية التي مازالت متحدة في هذه المواجهة.

حركة الاضراب ما زالت تشل حركة النقل بالعاصمة باريس على الخصوص حيث تبقى أغلب خطوط  ميترو الانفاق معطلة، بالإضافة الى القطارات الجهوية والقطارات السريعة بين المدن ومختلف العواصم الاوربية.

قدمت الحكومة  لمقترحاتها حول اصلاح نظام التقاعد موضع الخلاف الكبير مع النقابات، فإن هذا المشروع زاد من حدة التوتر الاجتماعي، واعتبرت النقابات  ان الاصلاح مجحفا في حق الأجراء بل حتى النقابة الإصلاحية سيايفديتي  التي دعت الى هذا الإصلاح وأيدته، عارضت بعض مقتضياته والتحقت بالحركة الاحتجاجية المستمرة بفرنسا حتى الان، دون أن يعرف أي احد متى تنتهي خاصة أن أغلب نقابات النقل تدعوا إلى  إضراب مفتوح ما لم تتراجع الحكومة عن اصلاحاتها  لنظام التقاعد وبالشكل الذي قدمه رئيس الحكومة ايدوارد فيليب وسط الأسبوع الماضي.

وقد توالت الاجتماعات المكثفة سواء على صعيد الحكومة والوزارات المعنية وكذلك  الاجتماعات مع قصر الاليزيه من اجل إيجاد مخرج لهذه الأزمة الاجتماعية وتقديم مقترحات من أجل إطفاء هذا التوتر وسط النقابات، التي ارتفعت شعبيتها وسط الرأي العام الفرنسي وبينت اغلب استطلاعات الرأي  أن الفرنسيين يدعمون  احتجاجات النقابات وإضراباتها ضد  مشروع اصلاح نظام التقاعد.

من الصعوبات التي تعترض الرئيس في هذا الملف، الشكوك حول مهندس هذا الإصلاح، المفوض الأعلى  لانظمة التقاعد جون بول  دولوفوا بعد ان اغفل في بيات التصريحات الذي يقدمه أعضاء الحكومة  وهو يشغل 13 منصبا  إداريا  كمدير أو رئيس  من بينها 11  كمتطوع  في هيئات متعددة . "نسي " التصريح بها وكشفتها الصحافة الفرنسية  خاصة أن القانون يمنعه من مزاولة مهنة أخرى عند تحمله لمسؤولية حكومية، وهو ما جعل العديد من أحزاب المعارضة تطالب باستقالته. 

وهي صعوبة إضافية لفريق الرئيس الفرنسي ايمانييل ماكرون في تدبير هذه الازمة، وذلك بعد السهولة التي رافقت الإصلاحات التي قام بها الرئيس ايمانييل ماكرون  في بداية ولايته، حيث قام بإصلاح نظام الشغل سنة 2016  دون ان يطرح ذلك أي مشكل رغم صعوبة وتعقد هذا الملف  الذي يمس اغلب الفرنسيين الذين كانوا يتمتعون بقانون شغل  يوفر حماية كبيرة للعاملين. ومر اصلاح قانون الشغل دون اثارة  أية مشاكل  رغم  المعارضة الشديدة التي أبرزتها النقابات  ضده.

ونظمت السيجيتي  ونقابة سوليدير عدة احتجاجات ضده  لكنها لم تلقى النجاح المنشود. وحتى الطلبات التي قدمت للقضاء لم تعطي أية نتيجة.

التوتر الذي يطبع العلاقة بين النقابات  والأغلبية السياسية  الحالية بدأ مند انتخاب الرئيس ايمانييلماكرون، الذي اعتبر  ان النقابات والأحزاب السياسية الكلاسيكية لم يعد لها دور في  المجتمع الفرنسي أو أن دورها تراجع مقارنة مع العقود السابقة.

لكن تصاعد التطرف والمواجهات داخل المجتمع الفرنسي والذي تجلى في السنة الماضية والذي مثلته حركة السترات الصفراء  وقامت باحتجاجات  طيلة السنة، وأدت الى مواجهات عنيفة مع  عناصر الشرطة والى عمليات تخريب كبيرة خاصة في باريس العاصمة، بينت الدور الأساسي والكبير لدور هذه الوسائط  الاجتماعية وهي النقابات من أجل التفاوض وتجاوز الازمات من خلال الحوار. وهو الحوار التي تقول النقاباتانه غائب مع حكومة ماكرون التي تقرر دون مشاورة النقابات. وهو ما جعل  فليب مارتنيز  الأمين العام لنقابة السيجيتي وهي احد النقابات الأكثر تمثلية بفرنسا يقول  حول الرئيس  "ان ماكرون يلعب بالنار"، وفي نفس الاتجاه يقول  لورونبيرجيه  امين العام نقابة سيايفديتي  وهي نقابة معروفة لميلها نحو الحوار في احد تصريحاته لصحافة " مع ايمانييل ماكرون أما أن  نوافق على كل شيء  أو لا يحق لنا التدخل."

وهو ما جعل هذا النقابي يتكهن بتصاعد التطرف في فرنسا. وهو ما مثلته حركة السترات الصفراء الاحتجاجية، وتزايد قوة اليمين المتطرف. واعتبرأن تصرفات ماكرون تؤدي الى تعزيز الشعبوية بفرنسا.

هذا التوثر في علاقة  الحكومة والرئيس الفرنسي مع النقابات هو الذي جعلها تتوحد  فيما بينها  في كل الاحتجاجات الأخيرة، وتقوم بتنسيق حركتها الاحتجاجية.

الرئيس الفرنسي ايمانييل ماكرون بدوره ينتقد  هذه النقابات ويعتبرها "عاجزة عن اتخاذ قرارات رغم سياسة اليد الممدوة"، فان النقابات  "عندما نقدم لها اقتراحات تقول أن هذا الامر صعب لا يمكن تحقيقه." هذه التصريحات لرئيس اتجاهها  اثارت  النقابات وهيئات اراباب العمل.

اليوم نجح الرئيس الفرنسي ايمانييل ماكرون في توحيد كل النقابات ضد إصلاحاته، بما فيها نقابة  (السيايفديتي) التي كانت تطالب بإصلاح نظام التقاعد  بنظام شامل بدل 42 نظام تعرفها فرنسا اليوم، لكن نقابة لورونبيرجي الإصلاحية  التحقت بالتظاهرات والإضرابات التي تعرفها فرنسا اليوم والتي  استمرت12 يوما ولا احد يعرف اين ومتى سوف تتوقف والتي يمكن ان تلحق اضرارا كبيرة بالاقتصاد الفرنسي  الذي كان بدا يتعافى في الشهور الأخيرة بعد ان تجاوز ازمة السترات الصفراء التي اثرت على اداءه في  السنة الماضية. ويمكن ان تضعف الرئيس وحكومته.