Saturday 18 October 2025
Advertisement
مجتمع

محمد الطيار: زاوية الشيخ سيدي أحمد الرقيبي.. جذور روحية ودور  استراتيجي في التوازنات الأمنية والاقليمية

محمد الطيار: زاوية الشيخ سيدي أحمد الرقيبي.. جذور روحية ودور  استراتيجي في التوازنات الأمنية والاقليمية محمد الطيار ومشهد لزاوية الشيخ سيدي أحمد الرقيبي
لفت انتباهي مؤخرا تدخل عامل إقليم السمارة، إبراهيم بوتوميلات، الذي دعا إلى العمل على تأهيل زاوية الشيخ سيدي أحمد الرقيبي. وهي دعوة بالغة الأهمية، تكتسي أبعادا استراتيجية تتجاوز الإطار المحلي، لأنها تمس صميم الأمن الروحي والهوية الجماعية في الصحراء المغربية وفي محيطها.
وتأتي هذه الدعوة منسجمة مع التوجهات الملكية ، التي تجعل من تثمين الموروث الديني والزاووي أحد ركائز الأمن الوطني الشامل، خاصة في الأقاليم الجنوبية.
تعد زاوية الوالي الصالح  الشيخ سيدي أحمد الرقيبي من أعرق الزوايا في الصحراء المغربية، إذ اضطلعت عبر التاريخ بأدوار روحية واجتماعية بارزة، وجعلت من القيم المالكية الأشعرية الصوفية إطارا مرجعيا لبناء التوازن والاستقرار . فقد شكلت هذه الزاوية مرجعية بارزة  في محيط قبلي متنوع، وأسهمت في تكريس ثقافة الصلح والوحدة، مما جعلها أحد الأعمدة الرمزية في تاريخ الصحراء المغربية.
منذ نشأتها، لعبت الزاوية الرقيبية دورا محوريا في توحيد فروع قبيلة الرقيبات المنتشرة في فضاء  واسع يمتد من  منطقة الرحامنة  ومراكش  ووادي نون والساقية الحمراء ووادي الذهب  إلى موريتانيا والجزائر وشمال مالي والنيجر. كانت فضاء جامعا للتآخي والمصاهرة والتواصل الروحي، وأسهمت في الحفاظ على الهوية المشتركة رغم التحولات السياسية والجغرافية.
واليوم، ومع التطورات الحاسمة التي تعرفها قضية الصحراء المغربية، يمكن ان  يكتسي هذا الدور،  بعدا أمنيا واجتماعيا بالغ الأهمية، ويجعل هذه  الزاوية  حصنا  معنويا  في مواجهة الاختراق الإيديولوجي، من خلال  تعزيز  دورها  في ترسيخ منظومة القيم الأصيلة والانتماء الوطني المشترك.
فالأمن الروحي يشكل  أحد الأبعاد الجوهرية في المنظور المغربي للأمن الوطني الشامل، بحكم ان  الزوايا الصحراوية  تعد من ركائزه الأساسية لأنها تؤطر التدين المحلي وتمنحه طابعا أصيلا معتدلا. فالزاوية الرقيبية بما لها من مكانة في قلوب الصحراويين، يمكن أن تكون رافعة استراتيجية لترسيخ النموذج الديني المغربي في الصحراء ومحيطها الإفريقي، ولمواجهة المخططات المعادية  الذي تسعى إلى استغلال هشاشة الفضاءات الصحراوية. كما يمكنها أن تكون فاعلا رئيسيا في ترسيخ المصالحة وطي صفحة الماضي الذي صاغته مخططات الاستعمار والنظام العسكري الجزائري.
تمثل زاوية الشيخ سيدي أحمد الرقيبي رصيدا وطنيا واستراتيجيا  في غاية الاهمية ، يعكس قدرة المغرب على توظيف موروثه الديني في خدمة الأمن والوحدة الترابية. إن تأهيلها وإبراز بعدها التاريخي والروحي لا يخدم فقط الذاكرة الجماعية، بل يسهم في تحصين المجتمع وتقوية اللحمة الوطنية، ويعزز الحضور المغربي في إفريقيا عبر الدبلوماسية الدينية الهادئة.
وهكذا،  يتم تعزيز دور   هذه  الزاوية  العريقة  ،  لتقوم بدور  فاعل استراتيجي  في الحفاظ على الأمن الروحي  والوحدة الوطنية  والاستقرار الإقليمي.