Monday 11 August 2025
في الصميم

أريري: 400 "همزة" لم يـسـل لها لعاب مسؤولي الدارالبيضاء !!

 
 
أريري: 400 "همزة" لم يـسـل لها لعاب مسؤولي الدارالبيضاء !! عبد الرحيم أريري
حين كان المغرب يتهيأ لنظام وحدة المدينة في عام 2003، شحذ كل المسؤولين أسلحتهم لإقناع الرأي العام بصواب اعتماد هذا النظام في الدار البيضاء والمدن الخمس الكبرى الأخرى.

ومن ضمن المبررات التي صاغها آنذاك كلا من العمدة محمد ساجد والوالي إدريس بنهيمة، أن الدار البيضاء تتميز بفوضى في تسمية الشوارع والأزقة، بحكم أن ولاية الدارالبيضاء كانت آنذاك مقسمة إلى 27 جماعة محلية تضاف لها مجموعة حضرية، وكل جماعة كانت "سيدة قرارها" في اختيار الاسم الذي يناسبها أو ترغب في إطلاقه على ساحة أو على شارع أو على زنقة، بشكل جعل الأسماء تتكرر في عدة أحياء بمدينة واحدة.
 
تأسيسا على ذلك تم إيهام المواطنين في مطلع 2003، أن الدار البيضاء ستستعيد سيادتها في توحيد أسماء الأزقة والشوارع والساحات العامة، وتحقق تناغما بين مكونات كل حوض سكاني: مثلا في الحي الفلاني سيتم إطلاق أسماء الشعراء والكتاب والمثقفين المغاربة على الأزقة والشوارع، وفي الحي الفلاني سيتم اختيار أسماء الشوارع والساحات من حقل دلالي مرتبط بالورود والأزهار، وفي حي ثالث سيتم الاقتصار على إطلاق أسماء الرياضيين والفنانين المغاربة على الفضاءات العامة، وفي الحي الرابع سيتم انتقاء الأسماء من خانة الشهداء والمقاومين والأئمة المتنورين، وهكذا دواليك.
 
لكن للأسف الشديد بدل منح الدارالبيضاء هوية خاصة بشوارعها، رأينا تسابقا محموما ومذموما بين المقاطعات ومجلس المدينة لإطلاق الأسماء على الشوارع بدون بوصلة وبدون شبكة مرجعية أو خيط ناظم.
 
والدليل هاهي الدار البيضاء الآن تضم أزيد من 400 زنقة وشارع تتكرر فيها  الأسماء في أحيائها ثلاث أو أربع مرات وكأن "البيت ليس فيه رب يحميه": لا عمدة  يخاف الله ولا والي يرتعد من يوم الحساب. هناك447 منتخبا بمجلس المدينة وبمقاطعات البيضاء "يشرقون" والوالي وثمانية عمال "يغربون" !
 
المثير "للفقصة"، أن السلطة(منتخبة وترابية)، مازالت ماضية في هذا العبث والاستهتار. بدليل أن الجماعة تطلق اسما على شارع بسيدي معروف، وفي نفس الوقت تطلق نفس الاسم بتراب عمالة الحي الحسني، علما أن العمالتين متجاورتين ولا يفصل بينهما سوى ممر السكك الحديدية !
 
ليس هذا وكفى، بل نجد جماعة الدارالبيضاء تقوم بإطلاق اسم عبد الله باها على الطريق1077 بالحي الصناعي ليساسفة( وهو الشارع المار بجوار حي إيسلان بالنسيم)، وفي نفس الوقت تم إطلاق نفس الاسم (عبد الله باها) على شارع بمقاطعة مولاي رشيد بالمنطقة الحاضنة لإعادة إسكان دور الصفيح بدوار  الحفرة في اتجاه قنطرة أوطورت المدار الجنوبي.
 
نفس الشيء يصدق على شوارع الخطابي وزفزاف وعبد الله إبراهيم والعبدي وغيرها كثير.
إن استهتار سلطات الدار البيضاء ينهض كحجة على أن آخر شيء يمكن أن يفكر فيه المسؤولون هو التشوير وأسماء الشوارع والأزقة، هذا القطاع الذي يعد بمثابة "الطفل اليتيم" بالجماعات الترابية وبالعمالات والولايات بالمغرب.
ربما لأنه قطاع ليس فيه "همزة عقارية " أو "همزة مالية" أو همزة سياسية" أو همزة إدارية" أو "همزة انتخابية" !