الملك محمد السادس ينقذ فرس وأسرته من الضياع
في سنة 2008، سيمر الحاج أحمد فرس بأزمة نفسية عانى منها في صمت دون أن يبوح لأحد بها، حتى أقرب الأصدقاء لاحظوا ذلك ولكن لم يكتشفوا شيئا. فقد كان من عادات المرحوم عدم التشكي وتصدير مشاكله إلى الآخرين..
لكن الصدفة وحدها ستكشف مصدر قلق "مول الكرة"، إذ أن الأستاذ فؤاد بلمير، إبن مدينة المحمدية، إطار كبير في القضاء الإداري وصديق مقرب جدا من فرس، كان جالسا صباح ذات يوم من سنة 2008 بالمقهى المعتادة لاكوفريت la gaufrette إلى جانب العباسي الخازن الإقليمي آنذاك بالمحمدية. ستتصل به القابضة الإقليمية بنفس المدينة لتذكره بالحجز على بيت أحمد فرس وضرورة تنفيذه في أسرع وقت. لكن الخازن الإقليمي الذي يدرك جيدا قيمة فرس الكبيرة، رد على القابضة بأسلوب يميل إلى السخرية لكن رسالته قوية: إذا حجزنا على منزل فرس فعلينا الحجز أيضا على صومعة حسان بالرباط.

فؤاد بلمير إلى جانب صديقه المرحوم أحمد فرس
الأستاذ فؤاد بلمير كان يتابع المكالمة واكتشف في الحين سبب حزن أحمد فرس، بل وهذا ماعرفت منه أنه كان رفقته أكثر من مرة مشيا على الأقدام ولم يعرف لماذا كان المرحوم يتفادي المرور من أمام مقر مديرية الضرائب، خاصة وأن المبلغ وصل إلى 80 مليون سنتيم بفعل تراكم الغرامات والذعائر.
ظل الأمر سرا إلى أن سأل بلمير صديقه الحميم المهدد بالحجز على بيته..صدم فرس وسأل عن مصدر المعلومة، لكن تم تجاوز ذلك بعد إقناعه بضرورة البحث عن حل مع إدارة الضرائب وأداء المبلغ على أقساط..
طلب فؤاد بلمير ملف الحجز من أحمد فرس للاطلاع فقط. بعد أن توصل به، طلب من صديقه أن يرافقه في زيارة المرحوم أحمد حرزني لحل مشكل شخصي له. وكان فرس لا يرفض طلب أحد أصدقائه للتدخل من أجل فك مشكل لأن جميع المسؤولين يكنون له الاحترام والتقدير.
يشار إلى أن بوعلي فتار رافق فرس وبلمير إلى الرباط، وهو شخصية معروفة بمدينة المحمدية خاصة أنه ترأس فريق شباب المحمدية في تسعينيات القرن الماضي، إضافة آلى رئاسته لسنوات للنادي الملكي للتنس.
شيك باسم الملك محمد السادس لرفع الحجز عن بيت فرس
أحمد حرزني المعتقل السياسي والشخصية الحقوقية المشهود لها بدور كبير في مصالحة المغرب مع ماضيه خلال سنوات الرصاص، كان حينها رئيسا للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، وهو أيضا صهر الأستاذ بلمير.
في مكتب المرحوم حرزني الذي توفي في شهر ماي 2023، كان أحمد فرس ينتظر أن يكشف فؤاد بلمير عن طلبه، فإذا بهذا الأخير يخرج ملف الحجز ويضعه أمام حرزني ويشرح له بعض التفاصيل. اختلطت على أحمد فرس المفاجأة بالصدمة وأيضا بالأمل في حل المشكل دون أن يظهر ذلك، إذ يبقى إنسانا ورب أسرة.
بعد يومين فقط كان الملف بالديوان الملكي، بعدها سيتصل الملك محمد السادس شخصيا بمنزل الحاج فرس، ويتكلم معه حول الموضوع؛ معاتبا إياه بلباقة بعدم إبلاغه وهو يعلم محبته وتقديره له كرجل وطني قح.
لم تمر إلا 48 ساعة على الاتصال الهاتفي الملكي، حتى اتصل ممثل من القصر الملكي بالمرحوم ويخبره باللقاء في الغد.
وفعلا، حضر ممثل القصر الملكي إلى مدينة المحمدية ورافق أحمد فرس إلى مديرية الضرائب حيث أدى مبلغ 80 مليون سنتيم بشيك شخصي باسم الملك محمد السادس..
عادت البسمة إلى الحاج أحمد فرس وإلى أسرته الصغيرة والكبيرة وإلى أصدقائه، خاصة وأن الخبر انتشر من خلال مقال مفصل انفردت في نشره جريدة "الاتحاد الاشتراكي" موقع من طرف عزيز بلبودالي، مؤلف كتاب "أحمد فرس سيرة حياة"، وذلك بعد تسريب النبأ السعيد من طرف الأستاذ فؤاد بلمير، الذي قام بعمل نبيل سجله التاريخ، ويؤكد العلاقة التي كانت بينه وبين الحاج فرس منذ فترة طويلة، منذ أن كان موظفا بالبنك العقاري والسياحي، ولما اشتغل معه بمدرسة أشبال الأطلس ككاتب عام وأيضا كنائب للرئيس بجمعية "مدينتنا".
تنبيه: المرحوم أحمد حرزني قضى جزء من طفولته بمدينة المحمدية وكان زميله المرحوم فرس بالمدرسة الابتدائية ولعب معه الكرة بالدرب المعروف "ديور القراعي". وكان اللقاء بالرباط فرصة للنبش في الذكريات الطفولية البريئة الجميلة..

المرحوم أحمد حرزني
يذكر أيضا إلى أن فؤاد بلمير هو شقيق منير بلمير عميد فريق شباب المحمدية في تسعينيات القرن الماضي.
