لم يعد الحديث عن أزمة في قطاع العقار نوعاً من التهويل ؛ بل أصبح واقعاً ملموساً يُجمع عليه الفاعلون والمراقبون على حد سواء. القطاع الذي ظل لسنوات طويلة قاطرةً للاستثمار ومصدراً رئيسياً لفرص الشغل، يمر اليوم بأكثر مراحله هشاشة منذ مطلع الألفية الجديدة، في ظل مؤشرات متسارعة تنذر بتحول الأزمة إلى اختلال هيكلي عميق، يتجاوز بكثير مسألة الأسعار أو تقلبات الطلب الموسمية.
تراجع المعاملات العقارية
تكشف الإحصاءات الرسمية عن تراجع مقلق في المعاملات العقارية يتراوح بين 20% و30%، فيما تشير شهادات ميدانية إلى أن الوضع ربما أسوأ من ذلك بكثير. حتى العوامل الموسمية التي كانت تمثل متنفساً للقطاع، مثل عودة مغاربة العالم خلال فصل الصيف، لم تنجح هذه السنة في إنعاش السوق، نظراً لتأثر الجالية بأزمات التضخم وتراجع القدرة الشرائية في بلدان الإقامة.
تكشف الإحصاءات الرسمية عن تراجع مقلق في المعاملات العقارية يتراوح بين 20% و30%، فيما تشير شهادات ميدانية إلى أن الوضع ربما أسوأ من ذلك بكثير. حتى العوامل الموسمية التي كانت تمثل متنفساً للقطاع، مثل عودة مغاربة العالم خلال فصل الصيف، لم تنجح هذه السنة في إنعاش السوق، نظراً لتأثر الجالية بأزمات التضخم وتراجع القدرة الشرائية في بلدان الإقامة.
أزمة بنيوية تتجاوز العرض والطلب
ما نعيشه اليوم ليس مجرد أزمة ظرفية، بل هو نتاج تراكمات واختلالات متعددة طالت مختلف مفاصل المنظومة العقارية، من أبرزها:
* ندرة الأراضي المجهزة داخل المجال الحضري، مما يرفع الكلفة ويقلّص جاذبية المشاريع.
* امتداد المشاريع نحو مناطق هامشية تفتقر للبنية التحتية الأساسية، ما يفقدها الجدوى الاقتصادية.
* غياب التنوع في العرض العقاري، مع تركيز شبه حصري على الفئات الاجتماعية الدنيا وغياب شبه تام لمشاريع موجهة للطبقة الوسطى ذات تطلعات نوعية.
* بطء وتعقيد المساطر الإدارية، مما يرهق المستثمرين ويطيل آجال التسليم.
* تفشي الممارسات غير المهيكلة، التي تقوّض الثقة وتؤثر سلباً على شفافية السوق.
ما نعيشه اليوم ليس مجرد أزمة ظرفية، بل هو نتاج تراكمات واختلالات متعددة طالت مختلف مفاصل المنظومة العقارية، من أبرزها:
* ندرة الأراضي المجهزة داخل المجال الحضري، مما يرفع الكلفة ويقلّص جاذبية المشاريع.
* امتداد المشاريع نحو مناطق هامشية تفتقر للبنية التحتية الأساسية، ما يفقدها الجدوى الاقتصادية.
* غياب التنوع في العرض العقاري، مع تركيز شبه حصري على الفئات الاجتماعية الدنيا وغياب شبه تام لمشاريع موجهة للطبقة الوسطى ذات تطلعات نوعية.
* بطء وتعقيد المساطر الإدارية، مما يرهق المستثمرين ويطيل آجال التسليم.
* تفشي الممارسات غير المهيكلة، التي تقوّض الثقة وتؤثر سلباً على شفافية السوق.
الهجوم السيبراني على منصة “توثيق”
جاء الهجوم السيبراني الذي استهدف منصة “توثيق” ليفاقم الأزمة، حيث تسبب في شلل شبه تام للمعاملات العقارية لأسابيع متتالية. هذا الحدث لم يكشف فقط عن هشاشة البنية الرقمية التي يفترض أن تشكل عماد التحول الرقمي في القطاع، بل طرح أيضاً أسئلة جوهرية حول مدى جاهزية الإدارة العقارية لمواكبة رهانات العصر.
جاء الهجوم السيبراني الذي استهدف منصة “توثيق” ليفاقم الأزمة، حيث تسبب في شلل شبه تام للمعاملات العقارية لأسابيع متتالية. هذا الحدث لم يكشف فقط عن هشاشة البنية الرقمية التي يفترض أن تشكل عماد التحول الرقمي في القطاع، بل طرح أيضاً أسئلة جوهرية حول مدى جاهزية الإدارة العقارية لمواكبة رهانات العصر.
مونديال 2030: فرصة ذهبية للقطاع
في ظل هذا الوضع، تبرز محطة تنظيم كأس العالم 2030 كمناسبة تاريخية يمكن أن تضخ نفساً جديداً في القطاع، خصوصاً من خلال تحفيز الاستثمار في السكن السياحي والوحدات الذكية المتكاملة. إلا أن المؤشرات الحالية لا تعكس وجود أي دينامية عقارية تُواكب هذا التحدي الوطني، ما ينذر بإضاعة فرصة استراتيجية قلّ نظيرها.
في ظل هذا الوضع، تبرز محطة تنظيم كأس العالم 2030 كمناسبة تاريخية يمكن أن تضخ نفساً جديداً في القطاع، خصوصاً من خلال تحفيز الاستثمار في السكن السياحي والوحدات الذكية المتكاملة. إلا أن المؤشرات الحالية لا تعكس وجود أي دينامية عقارية تُواكب هذا التحدي الوطني، ما ينذر بإضاعة فرصة استراتيجية قلّ نظيرها.
نحو مبادرة وطنية عاجلة لتحريك القطاع
إن تشخيص هذه الوضعية لا يمكن أن يظل حبيس التحاليل الأكاديمية أو تصريحات المناسبات. نحن بحاجة ماسة إلى إطلاق ورش وطني عاجل يعيد النظر في موقع العقار ضمن النموذج التنموي للمغرب، ويعطي لهذا القطاع بعده الاستراتيجي ضمن رؤية 2030.
إن تشخيص هذه الوضعية لا يمكن أن يظل حبيس التحاليل الأكاديمية أو تصريحات المناسبات. نحن بحاجة ماسة إلى إطلاق ورش وطني عاجل يعيد النظر في موقع العقار ضمن النموذج التنموي للمغرب، ويعطي لهذا القطاع بعده الاستراتيجي ضمن رؤية 2030.
وفي هذا السياق، فان السيد رئيس الحكومة عزيز أخنوش، مطالب بعقد اجتماع وطني استثنائي يضم كافة الفاعلين والمتدخلين في المنظومة العقارية، بهدف صياغة خارطة طريق عملية، قابلة للتنزيل، تُعيد الثقة لقطاع بدأ يفقد مبررات الاستثمار والجدوى الاقتصادية.
إن مستقبل العقار المغربي اليوم لم يعد يحتمل الانتظار أو المعالجات الجزئية. فإما أن نفتح ورشاً شجاعاً وشاملاً للإصلاح، وإما أن نُسلم بمزيد من الانكماش، ونخسر أحد أهم أعمدة الاقتصاد الوطني.
د. إدريس الفينة – خبير اقتصادي