Saturday 26 July 2025
كتاب الرأي

محمد عزيز الوكيلي: إذا كان صمتك دليلاً محتمَلاً على حمقك.. فإن كلامك قد يؤكد أنك فعلاً أحمق!!

محمد عزيز الوكيلي: إذا كان صمتك دليلاً محتمَلاً على حمقك.. فإن كلامك قد يؤكد أنك فعلاً أحمق!! محمد عزيز الوكيلي
هذه الحكمة، في العنوان أعلاه، والتي نعبر عنها في حِكَمِنا الشعبية بمقولة "الهدرة كثيرة والسكات احسن"، طالعتني بالصدفة على إحدى صفحات التيكتوك، فلم أجد أبلغَ منها تعبيراً عن حالة صاحبنا البَشوش، الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، وهو يعقد لقاءه الإعلامي قُبَيْل نحو أربعة أيام. ذلك اللقاء الذي رغم قِصَر مدته، حيث ناهز بالكاد عشرين دقيقة، فقد حفل من الأكاذيب والحماقات ما يكفي لتغذية سنة كاملة ما زالنا في أواسطها!!
 
بيد أن الحقيقة الوحيدة التي فاه بها الرئيس الجزائري فجأة، في ذلك اللقاء، فأثارت اندهاش جميع المتتبعين والملاحظين، هي قوله "إن الجزائر دولة فتية عمرها ثلاث وستون سنة" (!!!) ولا أعلم شخصيا، ولا أظن أحداً يعلم، كيف خرجت هذه الكلمات من عنق قارورة الرئيس المعتّقة والمختومة، وهو الذي كان إلى وقت قريب يدّعي أن الجزائر هي أول دولة اعترفت بأمريكا، وهي التي أدخلت الصين لمجلس الأمن، وهي التي بنت الأهرامات، وبنت بالمناسبة مدينة وجدة المغربية، التي كانت، حسب ادعائهم، جزائريةً قلبا وقالبا قبل بنائها منذ نحو ألف وثلاثين سنة... وأن الجزائر هي التي أدخلت الإسلام إلى إفريقيا والأندلس، وإلى تركيا بقدها وقديدها قبل أن تتحول بفضل الجزائر إلى خلافة عثمانية... ثم بعد ذلك ساهمت الجزائر في الثورة الفرنسية، ودعمت نابليون بونابارت، بدليل عودة الملك الفرنسي شارل العاشر، الملقب بالكونت دارتوا، إلى أحضان أمه الجزائر سنة 1830، ليصل الرحم، ولِيُجدد العهد!!
 
في رأيي المتواضع، لو أن شارل العاشر كان يتوقّع أن يقول الرئيس تبون ما قاله في ذلك اللقاء الصحافي، من كون الجزائر دولة فتية لا يتعدى عمرها بالكاد 63 سنة، لفضّل التنازل عن عرش فرنسا، بمجرد اعتلائه إياه، حتى لا يجرّه الحنين جرّاً إلى الجزائر العريقة والسحيقة فيقع ما وقع من تحويلٍ لأحفاده الفرنسيين إلى شعب يموت عشقا وولهاً بالجزائر!! 
 
السي عبد المجيد، كعادته، لم يَكْتَفِ بزلزلة عشرين دقيقة من الكذب، بل سارع، بمجرد مرور سويعات على عقده لذلك اللقاء، إلى السفر إلى إيطاليا لمُلاقاة رئيسة الحكومة الحسناء جورجيا ميلوني!!
 
 ولأن الكذب يحتبس في عنق قارورَتِه ليلَ نهار، ويحتاج بالتالي إلى تصريفه بأي وسيلة حتى لا ينفجر في حلقومه، فقد اخرج بعضاً منه أثناء الحديث الذي أدلى به صحبة رئيسة الحكومة الإيطالية، فتحدث كالعادة عن تطابق وجهات النظر حول ملفات كثيرة من بينها، كالعادة أيضاً، ملف الصحراء "الغربية"، ("المغربية" رغم أنفه) التي أقر فيها الطرفان دعم الجهد الأممي الرامي إلى إيجاد حل سلمي يرضي جميع الأطراف في إطار قرارات مجلس الأمن، إلاّ أن السي عبد المجيد زاد من عنده تعبير "... وحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير"، وهو التعبير الذي خلت منه نسخة البيان المشترك التي نشرها الجانب الإيطالي، بل راجت أخبار عن صدور نصيحة إيطالية رسمية إليه شخصيا بقبول المقترح المغربي قبل فوات الأوان... وبذلك، يكون كلام الرئيس عبد المجيد تبون قد جر عليه مرة أخرى، بعد مراتٍ كثيرةٍ سابقةٍ لابد أنها ستليها مراتٌ أخرى لاحقة، استهجان المتتبعين، والملاحظين، والمعلقين، عبر مختلف وسائل الإعلام والاتصال والتواصل، والذين صاروا متيقّنين من استفحال الحالة المرضية لرجل يرفض، بوعي أو خارج الوعي، الأمرَ الواقعَ الذي فرضه المغرب إقليمياً وجهوياً ودولياً، وعلى مستوى الهيئات الأممية وفي طليعتها مجلس الأمن، والذي لا يُرَى من خلاله أيُّ حل للنزاع المفتعل حول صحرائنا غير مشروع الحكم الذاتي، الذي عرضه المغرب على المجتمع الدولي منذ أزيد من سبع عشرة سنة، دون أن يقدم الخصم الحقيقي في هذا النزاع أي مقترح بديل، لأنه لا يمتلك أيَّ بديل أساساً، أو بالأحرى، لأنه لا يعلم شيئا عن ثقافة البدائل في دوائر الحوار والتفاوض الدوليَيْن!!
 
نهايته... كان على السي مجيدو أن يكبح لسانه داخل حلقومه حتى يبقى جنونه مجرد احتمال ليس إلاّ... بدلا من إطلاق اللسان من عقاله ليَبُثّ الأدلةَ القاطعةَ يميناً ويساراً على كونه قد ودّع عالم العقلاء إلى غير عودة... عجبي!!!
 


محمد عزيز الوكيلي/ إطار تربوي متقاعد