Sunday 8 June 2025
مجتمع

شباب وزان بين الفراغ القاتل والمستقبل المجهول!

شباب وزان بين الفراغ القاتل والمستقبل المجهول! هيئة المساواة في لقاء استشاري برئيس المنطقة الإقليمية للأمن بوزان يوم 19 يناير 2019
عشية عيد الأضحى ، تناقلت بشكل واسع ، شبكات التواصل الاجتماعي ، خبرا يفيد بأن حي فلسطين بدار الضمانة ، كان مسرحا لرعب أحدثه شابا كان في حالة هيستيرية ، مما استدعى تدخلا عاجلا لفرقة من عناصر الأمن الوطني، مصحوبة برجال الوقاية المدنية ، والسلطة المحلية ، لتنتهي العملية باعتقال الشاب المذكور ، الذي يُجمع كل من يعرفه عن قرب،  بأنه يعاني من " اضطرابات نفسية حادة " .

  الحادث المؤلم الذي كان الحي مسرحا له، أعاد لواجهة النقاش من جديد واقع البيئة الحاضنة لشباب دار الضمانة ، التي لا عنوان يعلو على وصفها ، كونها بيئة طاردة للحق في الحياة في أدنى مستوياته لهذه الفئة من المواطنات والمواطنين... حادث مأسوي صادف وقوعه كذلك تخليد بلادنا للنسخة 20 لإطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي احتفت بها بدورها عمالة إقليم وزان ، في علاقة هذه الأخيرة بالعدالة المجالية على مستوى تراب جماعة وزان . في كلمات معدودة لماذا الحي المذكور يعيش أقصى درجات التهميش والإقصاء ؟
 
الحالة التي ظهر بها الشاب بحي فلسطين الذي يشكل نموذجا للأحياء التي هي عرضة للإقصاء من مختلف البرامج الاجتماعية التي يتم تنزيلها بالمدينة، ما هي إلا تعبير من تعبيرات الاحتقان النفسي الذي يتعايش معه غالبية شباب المدينة الهارب من واقع اجتماعي صعب للغاية ، وجد نفسه يكتوي بلهيب ألسنة نيرانه .... التعايش مع الهزائم النفسية المشار إليها ،لن يصمد للأبد، بل انفجاره قضية وقت إن لم يتدارك الأمر وبدرجات متفاوتة، الفاعل السياسي والفاعل الإداري ، والفاعل المدني ... ليتذكر هؤلاء جميعا بأن من يحب وزان  ويحترم مسؤوليها ، ليس من يجاملهم/ن في الجلسات الرسمية ، و يصفق لهم/ن وهو يستمع لتقارير جافة تفندها تفاصيل الواقع المعاش ، بل هو/هي من يواجههم/ن بالحقيقة ، بعيدا عن المساحيق ، وبعيدا عن ضجيج التصفيق للركوب على الأحداث لتحقيق مكاسب سياسوية ونفعية !
 
 ونحن نتحدث عن الحالة النفسية للشاب كما نقلت تفاصيلها منصات مواقع التواصل الاجتماعي ، وجب التذكير - ما دامت الذكرى تنفع المومنيين -  بأن هيئة المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع لجماعة وزان في نسختها التأسيسية ، وفي إطار تفعيلها لأدوارها ، كانت قد أعدت رأيا استشاريا حول واقع الصحة النفسية والعقلية على مستوى تراب الإقليم ، وذلك مطلع سنة 2019 .
 
آلية الديمقراطية التشاركية لجماعة وزان التي شكلت منهجية اشتغالها ممارسة فضلى على الصعيد الوطني ، وقبل المصادقة في دورة عادية على الرأي الاستشاري الذي أعدته ، عقدت سلسة من اللقاءات التشاورية مع مختلف القطاعات الحكومية التي توجد في احتكاك مباشر بموضوع الصحة النفسية والعقلية . دورة الهيئة الاستشارية انتهت بالمصادقة بإجماع عضواتها وأعضائها على رأي استشاري يدعو إلى احداث "مركز طب الإدمان " بوزان .
 
 الرأي الاستشاري تمت إحالته على مجلس الجماعة طبقا للمساطر المعمول بها ، إلا أن الهيئة لم تقف عند عتبة هذا الاجراء الاداري الصرف ، بل اختارت تعزيز المجهود الذي قام به فريقها بآلية الترافع،  فكان ان وضعت الملف فوق طاولات مؤسساتية ، منها اللجنة الاقليمية للمبادرة الوطنية ، وفريق وزان بمجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة ……
الرأي الاستشاري الذي حضي بإجماع المتدخلين ظل يراوح مكانه ، رغم أن واقع الصحة العقلية والنفسية بالإقليم كان يستدعي التعجيل بإحداث " مركز طب الادمان " بالإقليم ، قبل أن يستفحل الوضع الذي تؤكد مؤشرات اليوم كم هو كارثي.

خلاصة القول بعيدا عن الهروب في سياسة التأثيث التي لا داعي للتفصيل فيها ، هو أن شباب وزان تائه بين دروب قسوة الحياة ، وبالتالي فإن هروبه من الواقع المرير بركوبه كل موجات الألم ، تحصيل حاصل ،لذلك لا مفر من تنزيل سياسة عمومية ترابية عمودها الفقري الحق في الكرامة .
 
العلاج من الأمراض العقلية والنفسية حق من حقوق الإنسان، لذلك فإن من حق إقليم وزان عاجلا وليس آجلا ، أن تتعزز شبكة مؤسساته الاستشفائية ب " مركز طب الادمان "  وفريق طبي مختص ( لا وجود لطبيب(ة) مختص(ة) بالمستشفى الإقليمي ) .