لم أخطئ حين قلت، منذ ست أو سبع سنوات، إن ما يجري بدار بوعزة بضواحي الدارالبيضاء يعد أبشع "كانيباليزم عقاري" يحدث بالمغرب.
ولم أخطئ حين قلت، منذ ست أو سبع سنوات، إن السلطة العمومية إن استمرت في غيها وخطاياها، فإن دار بوعزة ستتحول إلى مقبرة تدفن فيها ضوابط التعمير والعمران بالمغرب من طرف ديكتاتورية المنعشين بالبيضاء Dictature de la promotion immobilière، علما أن أسلافنا بنوا مدنا زاهية، بعضها اليوم مصنف كثراث للإنسانية (مثلا: فاس العتيق، الصويرة، الرباط، دون الحديث عن مكناس الإسماعيلية وعن وزان وأزمور وتطوان ومراكش ووجدة، وغيرها من الأنسجة العمرانية العتيقة).
ولم أخطئ حين قلت، منذ ست أو سبع سنوات، إن السلطة العمومية إن استمرت في غيها وخطاياها، فإن دار بوعزة ستتحول إلى مقبرة تدفن فيها ضوابط التعمير والعمران بالمغرب من طرف ديكتاتورية المنعشين بالبيضاء Dictature de la promotion immobilière، علما أن أسلافنا بنوا مدنا زاهية، بعضها اليوم مصنف كثراث للإنسانية (مثلا: فاس العتيق، الصويرة، الرباط، دون الحديث عن مكناس الإسماعيلية وعن وزان وأزمور وتطوان ومراكش ووجدة، وغيرها من الأنسجة العمرانية العتيقة).
وها نحن في سنة 2025، حيث تنتصب الوقائع لتزكي التخوفات والتحذيرات السابقة.
لماذا؟
لأنه لأول مرة في تاريخ المغرب وفي تاريخ التعمير والعمران بالمغرب، استقالت الدولة عن مهام الضبط Regulateur، وجعلت كبار المنعشين العقاريين يقتطعون من تراب المغرب إمارة خاصة بهم، سميت "إمارة دار بوعزة"، حيث قام كل منعش كبير بشراء 10 أو 12 أو 20 هكتارا، ليفعل ما يحلو له فوق الأرض، مما جعل دار بوعزة تتحول إلى متتالية من التجزئات الفاخرة والمشاريع العقارية الغالية بدون روح وبدون بعد عمراني أو تعميري.
وبدل أن تكون دار بوعزة قطبا حضريا نموذجيا، مسنودا بدراسة مسبقة تستحضر: كم من وحدة سكنية يتعين توفيرها، وماهو نوع السكن ونوع القاطنين وحاجياتهم ونوعية المرافق العمومية الخاصة بالقطب الحضري وحجم الطرق والأنفاق والقناطر ووسائل النقل العمومي وشبكة الصرف الصحي وشبكة المياه المطرية، وكذا علاقة دار بوعزة ب"الأقطاب الحضرية"المجاورة (البيضاء، الرحمة، الخيايطة، سيدي رحال، لمهارزة، إلخ...)، أضحت دار بوعزة مثل "دار الأزياء" يتسابق فيها المنعشون بشكل متوحش لعرض "أزيائهم السكنية"، وكل منعش يدعي أن منتوجه أحسن من الآخر، فسقطت المنطقة في تضخم الإنتاج.
وبدل أن تكون دار بوعزة قطبا حضريا نموذجيا، مسنودا بدراسة مسبقة تستحضر: كم من وحدة سكنية يتعين توفيرها، وماهو نوع السكن ونوع القاطنين وحاجياتهم ونوعية المرافق العمومية الخاصة بالقطب الحضري وحجم الطرق والأنفاق والقناطر ووسائل النقل العمومي وشبكة الصرف الصحي وشبكة المياه المطرية، وكذا علاقة دار بوعزة ب"الأقطاب الحضرية"المجاورة (البيضاء، الرحمة، الخيايطة، سيدي رحال، لمهارزة، إلخ...)، أضحت دار بوعزة مثل "دار الأزياء" يتسابق فيها المنعشون بشكل متوحش لعرض "أزيائهم السكنية"، وكل منعش يدعي أن منتوجه أحسن من الآخر، فسقطت المنطقة في تضخم الإنتاج.
فحين استفرد المنعشون الكبار ب"إمارة دار بوعزة" بمباركة السلطة العمومية، تم تسويق الوهم للبيضاويين من كون عبور طريق أزمور (الطريق المؤدية الى دار بوعزة) سيصبح بمثابة "إلدورادو" جديد (Eldorado)، يقود البيضاويين نحو الرفاه والثراء. فإذا بالضحايا يكتشفون أنهم دفعوا "دم جوفهم" لشراء فيلا أو "بارطما " بنصف مليار سنتيم وما يزيد يسددونها بالأقساط طوال 15 أو 20 سنة، ليجدوا أنفسهم مدفونين في "مقبرة عقارية" بدون روح وبدون مرافق وبدون فضاء عام. لا بل إن الضحايا هربوا من الاختناق المروري بوسط البيضاء لمدة ساعة أو ساعة ونصف، إلى اختناق أبشع بمحاور طريق أزمور ودار بوعزة والرحمة وأولاد عزوز لثلاث ساعات وما يزيد.
فبدل أن تكون دار بوعزة محطة ساحلية Station Balnéaire، بمواصفات دولية (كورنيش رفيع، فنادق جيدة، مراكز اصطياف تراعي مستوى كل الفئات الاجتماعية، مطاعم نظيفة، مقاهي بهية، مارينا جذابة، إلخ....)، بشكل يرفع من جاذبية تراب ولاية الدارالبيضاء، تحولت دار بوعزة إلى "دوار تقلية لوكس" أو "العشوائي لوكس" (luxe)، يتطلب تصحيح اختلالاته كلفة باهظة جدا، سيدفعها بالتأكيد المواطن، عبر الخزينة العامة.
فمن ذا الذي سيقوى على محاسبة كبار المنعشين لتسديد الحساب، وهم الذين "اختطفوا" صناعة القرار، بعد أن "اختطفوا" الأحزاب والبرلمان والحكومة والجماعات!؟