السبت 23 نوفمبر 2024
خارج الحدود

لماذا لم تسحب الجزائر سفيرها في واشنطن؟

لماذا لم تسحب الجزائر سفيرها في واشنطن؟ هل تستسلم الجزائر لقوة التيار الجارف، أم ستستمر في إشعال الحرائق في المنطقة وتعترف للمغرب بعلو الكعب الديبلوماسي
رغم إعلان الولايات المتحدة الأمريكية على نحو لا لبس فيه مساندتها الكاملة لمغربية الصحراء، وتأكيدها على أن الموقف الأمريكي لا رجعة فيه بشأن أن الأراضي الصحراوية جزء لا يتجزأ من التراب المغربي، لم يبادر تبون إلى سحب سفير الجزائر في واشنطن، صبري بوقادوم، ذلك أن الغضب لم يصل بالعسكر الجزائري إلى حد تهديد الأمريكيين ب"العواقب" التي ينجرون إلبها، كما فعل ضد باريس ومدريد. بل اكتفى بالقول إن الإعلان الأمريكي "من شأنه تقويض جهود خفض التصعيد التي بذلت على جميع الأصعدة من أجل تهيئة الطريق لإطلاق مسار سياسي حقيقي وإقناع طرفي النزاع، المملكة المغربية وجبهة البوليساريو، بضرورة الانخراط في الحوار بدون شروط، تحت رعاية الأمم المتحدة وبدعم من الاتحاد الأفريقي".

الموقف الجزائري"البارد" حيال القرار الأمريكي وصفه مراقبون بالجبن، لأن "كابرانات" الجزائر يعرفون جيدا الوزن الديبلوماسي والعسكري والاقتصادي للولايات المتحدة الأمريكية، ولهذا ورغم قوة الضربة الأمريكية، ودورها المفصلي فيي هزائمها الديبلوماسية المتتالية، فإنها قررت التخفيف من "أثر" هذا القرار، على المستوى القانوني، حتى وهي تدرك أن "القانون" تصنعه الديبلوماسية، كما تصنعه واشنطن رفقة الدول دائمة العضوية  في مجلس الأمن.

وتسعى الجزائر إلى الإبقاء على علاقات جيدة مع واشنطن، وتبرير امتناعها عن التصويت على مشاريع القرارات المقدمة إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة لإدانة موسكو بسبب حربها مع أوكرانيا. كما تحاول بكل الطرق تجنب أن تكون "الضحية الجانبية" لمبدأ السياسة الخارجية للولايات المتحدة القائم على مقولة "من ليس معي فهو ضدي"، خاصة أنه في 30 شتنبر 2023، رفع 27 عضوا من الكونغرس الأمريكي رسالة إلى بلينكن طالبوا فيها بفرض عقوبات على الجزائر ووضعها تحت طائلة قانون "خصوم أمريكا"، بسبب ما وصفوه بـ"استمرار العلاقات المتنامية بين الجزائر وروسيا"، خاصة بعد تقارير تحدثت عن "صفقة لتوريد أسلحة (روسية) متطورة إلى الجزائر بقيمة 7 مليارات دولار".

إن جبن العسكر الجزائري هو ما أبقى غضب تبون في حلقومه وبيان خارجيته، دون أن يمتد إلى سحب السفير أو قطع علاقات التعاون أو تجاوز كل الأعراف الديبلوماسية وتهديد الدول والتدخل في قراراتها السيادية. مما يؤكد أن حكام الجزائر انتهازيون وجبتاء وفاشلون وانهزاميون، وما زالوا يؤسسون سياستهم على حرب باردة مستمرة في عقول كبراناتهم.

وإذا كانوا ما زالوا يعولون على أن أمريكا ستتراجع عن موقفها من نزاع الصحراء، فقد أكدت السفيرة الأمريكية في الجزائر، إليزابيث مور أوبين، قبل أسابيع، أن إدارة الرئيس الحالي، الديمقراطي جو بايدن، لم تتراجع عن الاعتراف الأمريكي بالسيادة المغربية على الصحراء، الذي أعلنه سلفه الجمهوري دونالد ترامب، واصفة القرار بأنه أصبح "حقيقة تاريخية"، وفق ما أدلت به في حوار مع صحيفة La Patrie News الجزائرية الناطقة بالفرنسية، حيث سُئلت بخصوص "توتر العلاقات بين البلدين بعد اعتراف دونالد ترامب بمغربية الصحراء، وتخفيف الأمر من قبل إدارة بايدن"، لتُجيب بأن الاعتراف الأمريكي مستمر ولم يتم التراجع عنه، وأنه أصبح "حقيقة تاريخية".

إن حكام الجزائر يعرفون أن المغرب نقطة ارتكاز أساسية لدى صناع القرار بالولايات المتحدة الأمريكية. وها هم الآن يواجهون عاصفة الاعتراف بمغربية الصحراء القادمة من باريس (آخر قلعة يلوذون بها) بذهول تؤكده حدة الانفعال ومنسوب الجنون في الممارسة والخطاب. 

فهل تستسلم الجزائر لقوة التيار الجارف، أم ستستمر في إشعال الحرائق في المنطقة، وتعترف للمغرب بعلو الكعب الديبلوماسي، وبأن عهد الابتزاز والإرشاء قد ولى إلى غير رجعة؟!!