الجمعة 18 أكتوبر 2024
مجتمع

أريري: فاجعة بني ملال.. أحسن عزاء يجب تقديمه للمغاربة بمدن "شريط الجحيم" !

أريري: فاجعة بني ملال.. أحسن عزاء يجب تقديمه للمغاربة بمدن "شريط الجحيم" ! فاجعة بني ملال خلفت وفاة مجموعة من الأشخاص بسبب الحرارة
"للي بغا الكراب ( بائع الماء) في الصيف، خاصو يتصاحب معه في الليالي"

هذا المثل الشعبي ينطبق بامتياز على السلطات العمومية التي تتباكى اليوم على الأرواح البشرية والخسارات الفلاحية والغابوية والحيوانية بالبلاد، الناجمة عن ارتفاع الحرارة في مختلف مناطق المغرب، وآخرها فاجعة بني ملال التي مات فيها 21 مواطنا بسبب الحرارة المرتفعة، حسب بيان رسمي. والقادم أسوأ، مع استمرار تهاون المسؤولين في التفاعل مع هذا المتغير.
 
صحيح أن موجة الحرارة ليست حكرا على المغرب، بحكم أنها موجة تعم عدة مناطق في العالم.
صحيح أن موجة الحرارة ليست ظرفية بل هي موجة دورية، تحدث كل صيف بالمغرب وغيره من الدول.
صحيح أن الفئات الهشة ( من كبار السن والمرضى المزمنين والرضع)، هم الأكثر عرضة للضرر كلما لفحت الشمس المغرب والمغاربة.
 
لكن الصحيح والمنطقي أيضا، هو أن تحول الدولة هذه النكبة إلى فرصة. والأسلم كذلك، هو أن تتعلم الدولة من الفواجع القاتمة التي عرفها المغرب في السنوات الماضية خلال فترات الحر القائض، لكي تسطر التدابير المواتية وتتبنى الإجراءات الملائمة لتخفيف حدة الفاجعة والخسارات ( البشرية والمادية)، كلما حل الصيف واشتدت درجات الحرارة.
 
شريط المدن والأقاليم المعروفة بحدة الحرارة المفرطة واضح في الخريطة ( من فكيك بالشمال الشرقي إلى أسا الزاك بالجنوب الشرقي مرورا بميدلت والراشيدية والنيف وزاكورة وفم زكيد وطاطا)، ومن فاس شمالا إلى وارزازات جنوبا مرورا بمكناس ووالماس والخميسات وبني ملال وخريبكة وبنجرير ومراكش جنوبا). 
 
إن أبسط مهندس طوبوغرافي أو مهندس بالأرصاد الجوية أو مهندس بوزارة إعداد التراب الوطني، قادر على تفصيل حدود هاته الأقاليم ورسمها وتبيانها لصناع القرار مركزيا ومحليا، ليضعوا الاستراتيجيات الاستباقية.
 
تحضرني هنا، الحاجة إلى وجوب وضع خطة ومونطاج مالي لإنجاز الأوارش التالية:
1. تكثيف تشجير المدن المعنية لتلطيف الجو بمدن "شريط الجحيم" على المدى القريب والمتوسط.
2. إحداث المنتزهات والمسابح العمومية بوفرة بهذا الشريط، لضمان حق أبناء هاته المناطق في الترفيه وتزجية الوقت.
3. ترحيل الماء من الأحواض ذات الفائض المائي إلى "شريط الجحيم"، أو خلق محطات تحلية المياه بالسواحل لتصدير  الماء للمناطق الجافة للشرب ولسقي الواحات والحقول.
4. اقتناء طائرات الكنادير بمعدل طائرتين لكل جهة للتدخل السريع كلما نشب حريق بواحة أو بغابة.
5. عدم نسيان التنسيق مع الجمعيات المحلية الجادة لإحصاء العجزة والمسنين وكل الفئات المحتمل أن تتعرض للضرر بفعل الحر الشديد لمواكبتها وتوعية الأسر بالمخاطر.
6. تفعيل غرفة القيادة ( على غرار لجن اليقظة في الفيضانات والبرد القارص) لإدارة الأزمة حتى يمر الصيف بأقل خسارة ممكنة.
 
طبعا يستحيل اعتماد هذه المقاربة إن ظلت الدولة تعتمد على "مجالس مخدومة انتخابيا" بالجماعات الترابية وبغرفتي البرلمان وبالغرف المهنية ومؤثثة بنخب مزورة تدور في فلك "تاشفارت"، بدل أن تكون مجالس تضم نخبا مهووسة بهاجس جر المدن والقرى بالمغرب نحو الأجود ونحو الأرقى.
 
إن الجحيم الحقيقي بالمناطق الني تشهد حرا خطيرا، هو ذاك التواطؤ بين المسؤولين ( مركزيا وجهويا ومحليا)، لترك أزيد من ثلث المغاربة يصلون "سعير الحكرة" و" عذاب الإهمال" كلما حل الصيف، أما "شمس مولانا" فالمغاربة "قابلين بها" مثلما يقبلون ويتقبلون القدر "خيره وشره" ! 
والله أعلم !