الأحد 28 إبريل 2024
كتاب الرأي

محمود التكني: اكتمال بدر استهداف وتشويه رجال التعليم 

محمود التكني: اكتمال بدر استهداف وتشويه رجال التعليم  محمود التكني
إن أول آية أنزلت على خير البرية عليه الصلاة والسلام هي "اقرأ"، ومن هنا تتأكد لنا أهمية القراءة التي هي أساس المعرفة والعلم وسمو الفرد والمجتمع على حد السواء، وبالقراءة يتكون العلماء الذين قال في حقهم سبحانه وتعالى: (إنما يخشى الله من عباده العلماء).
وأساس التعليم والتعلم هو الأستاذ، وقبله كان الفقيه ولازال. إلا أننا نعاني في زمننا هذا من اندثار الكتاتيب القرآنية وكان في سالف الزمن كل من الفقيه والمعلم مكرمين من باقي عامة الناس بالاحترام و التقدير، وفي الأثر "من علمني حرفا صرت له عبدا". إلا أننا هنا في المغرب نجد قصصا وروايات تقلل من قيمة الأستاذ وتجعله مضرب المثل في البخل وضيق ذات اليد من بين باقي موظفي الدولة. ولرفع لبس هذا الاتهام أقول إن رجل التعليم سالفا كان هو الوحيد الذي لا يتلقى إكرامية أو هدية كما عرفها فقيد الأمة الحسن الثاني طيب الله ثراه، وبهذا كان رجل وامرأة التعليم آنذاك حريصين على صرف مرتبهما بشكل دقيق لأنه ليس لهما أي دخل إضافي وإن لم يحسنا التصرف فيه فسيضطران إلى الاقتراض من احد الأقارب في غياب مؤسسات القروض آنداك وإن وجدت كانت المساطر جد معقدة. غير أن أنفة رجل التعليم لم تكن تسمح له بالسلف وهذا ما يفسر سبب اتهام الاستاذ بالبخل، لكن الأنفة وعزة النفس هي التي جعلته يقيس إنفاقه بعين الشرف، بهذا فرجل التعليم لم ولن يكون بخيلا لأنه إنسان مثقف و واعي.
ونجد أنه منذ ثمانيات القرن الماضي وفوهات المدافع مصوبة للنيل من سمعة رجال ونساء التعليم حيث نجد أحيانا كلاما يتحدث عن تعنيف أو اغتصاب تلاميذ أو تلميذات وهنا لا أبرىء أي أحد أقدم على هذه الأفعال المشينة. فيتم تضخيم وتهويل الفعل حتى قبل إدانة المتهم من طرف المحكمة المختصة في أكبر عملية تشويه لسمعة حاملي الرسالة النبيلة، وحين نجد على سبيل المثال أن مستوى الأولى والثانية اعدادي يكون فيهما النجاح عبر الخريطة المدرسية لا الاستحقاق الدراسي إذن هنا يتم تقزيم السلطة التقديرية للأستاذ، بمعنى آخر يمكن للتلميذ أن يكون قد حصل مثلا على نقطة اثنين من عشرين في مادة ما وهذه هي النقطة التي يستحقها إلا أن معدله العام وصل إلى عتبة الخريطة المدرسية و هذه العملية تعتمد فقط من اجل الحفاظ على الخريطة التربوية  أي عدد أقسام المستويات و ذلك لمواجهة ظاهرة الاكتظاظ. وهنا تساؤل يطرح نفسه كيف سينظر التلميذ الي الأستاذ صاحب المادة في الشارع حال تصادفهما، فالتلميذ سينعت ويسب الأستاذ بكلمات يندى لها الجبين حيث سيقول في قرارة نفسه او لأصدقائه ها أنا نجحت رغم أنف الاستاذ ونقطه المحبطة. هذه واحدة من الوضعيات التي يستهدف فيها  رجال التعليم الابتدائي والتأهيلي وتشوه صورتهم. وعندما تطل الوزارة الوصية بمذكرات مفادها منع ضرب التلميذ وعدم إخراجه من القسم خوفا عليه من الشارع وعند عرضه على المجلس التأديبي لا يسمح للأخير بتوقيف التلميذ أو التلميذة مؤقتا عن الدراسة بل هناك عقوبات بديلة التي هي من قبيل القيام بتنظيف  طالمؤسسة او ترتيب الكتب بالخزانة في وقت غير حصصه، أليس هذا ضحكا على الذقون فإذا كان التلميذ يتغيب عن حصصه الدراسية هل سيحضر في غير وقتها لتنفيذ قرار المجلس هذا بهتان جلي. وإن كان العالم يتجه نحو خوصصة عدة قطاعات والمغرب لا يشذ عن دول العالم، لكن تشجيع القطاع الخاص بالتعليم لا يمكن أن يكون على حساب المدرسة والجامعة العموميتين. 
ومرورا إلى استهداف الأستاذ الجامعي وبالأخص في السنوات الأخيرة، حيث ما فتئ الإعلام يكتب كل صغيرة بخصوص المسار الدراسي للأستاذ والطالب ومحاولة اظهار هذا الأخير  في صورة الجاني، فقد تمت الإشارة على سبيل المثال لا حصر إلى أستاذ بأكادير وآخر بوجدة لرفضهما تسليم النقط للإدارة أو إعطاء نقطة لطالب أو طالبة في تدخل سافر في اختصاص الاستاذ الجامعي، فكيف يقبل استهداف أستاذ التعليم عبر مختلف أسلاك التدريس؟ ففي أكبر استهداف للاستاذ بالجامعة المغربية  ـ ولا غنزه أو أبرئ أحداـ  فقانون الطبيعة الإنسانية يجمع الصالح إلى جنب الطالح لكن تبقى هذه السلوكات شاذة ودخيلة على الفضاء الجامعي وقد اشتد وطيس حرب استهداف رجل التعليم العالي بزوبعة الجنس مقابل النقط، وكما أسلفت سابقا فالإدانة من اختصاص محاكم المملكة لكن الشاذ لا يقاس عليه و بالأحرى محاكمة متهمي الجنس مقابل النقط مع التشهير، والجنس مقابل النقط في قول أي أستاذ تحرش بطالبة أو بأخرى أغرته أو تحرشت به حال زليخة مع سيدنا يوسف.  فالأستاذ كإنسان ليس له ايمان بن يعقوب . وهنا لن أتدخل في مسطرة التحقيق لأنه ينجز من طرف ضباط الشرطة القضائية أولا وقاضي التحقيق في مرحلة أخرى، لأن أغلب الطالبات موضع  هذه الظاهر ة يتحملن جزءا كبيرا من المسؤولية، وإن كان عكس ذلك فسيعم الجنس مقابل النقط ليشمل أكبر عدد من الطالبات، لكن أشيد بطالباتنا لوقارهن وعفتهن وحشمتهن بالحرم الجامعي. والتحرش والاستغلال الجنسي ظاهرة شاذة ترتكب في جميع القطاعات والمهن والأعمال. لكن لم نسمع قط بتشهير هذا الفعل كما حدث مع أساتذة التعليم العالي في أكبر عملية تشهير واستهداف بقصد بحيث أزمة الجنس مقابل النقط تفجرت بجامعة السطات والمستهدف بالتشهير كان له علاقة بالانتخابات فلعل من أثار الفضيحة كانت له حسابات سياسية.  اكتمل بدر استهداف وتشويه المعلم الذي هو قاعدة هرم التدريس بحيث يلقن كل شي جميل و مفيد للناشئة، حين امتدت أصابع الإهانة الإعلامية لتمثله في سلسلة رمضانية على القناة الأولى بشكل يبعث على الشفقة والإذلال. وهذه كانت سابقة تسائل المسؤولين عن هيئة السمعي البصري عموما، و لو أنني هنا لا أهدف إلى جلد او تبخيس مخرج السلسلة.
وللختم، أقول أنه ما من إنسان على وجه الارض وبلغ شأنا كبيرا لا بد أن يكون ثمرة نضجت على أيادي رجال التعليم حاملي الرسالة النبيلة التي كانت موضوع أول آية أنزلت على الرسول صلى الله عليه وسلم .