بدعوة من جمعية موشي بنميمون للتراث اليهودي المغربي والتي يشرف على رئاستها عبد العالي الرحماني، الفاعل والناشط الجمعوي بإقليم الناظور قام دافيد إيال، نائب رئيس القائم بالأعمال بمكتب الإتصال الإسرائيلي بالرباط بزيارة لإقليم الناظور، وعند وصول المسؤول الدبلوماسي إلى الناضور وكعادة المغاربة في إكرام الضيف فقد نزل دافيد إيال ضيفا بمنزل رجل الأعمال شنوف اسماعيل، الذي أعد مأدبة عشاء على شرف الضيف، وقد كانت هذه المناسبة فرصة للتداول حول الحضور المكثف للمكون اليهودي في النسيج الهوياتي المغربي المتنوع والمتعدد، كما قام بجولات سياحية همت أبرز المآثر والمزارات التاريخية.
ولمعرفة المزيد من المعطيات حول الإقليم آثر دافيد ايال، زيارة الثغر المحتل مليلية قصد التواصل مع الطائفة اليهودية، وزيارة المزارات اليهودية كزيارة المعبد المركزي بالمدينة ولقاء الأسر اليهودية، حيث تم استقباله من قبل رئيس الطائفة اليهودية بمليلية "مردخاي غوانيش" و "موشي مرسيانو" و "هارون بيرتيس" حاخام معبد "اور زاروه"، حيث شكل اللقاء مناسبة لتجديد التواصل مع الطائفة اليهودية المقيمة بمليلية، وكذلك فرصة لدعوة هذه الأخيرة التفكير جديا للاستثمار بالناضور في المجالين التجاري والسياحي، سيما مع ما تعرفه المنطقة من ديناميكية خصوصا ما يتعلق بالبنية التحتية المهيكلة وتوسيع شبكة الطرقات والمحاور الاستراتيجية للموانئ والمطارات والطرق السيارة، التي أعدت لاستقبال المشروع الاستراتيجي المهيكل لميناء غرب المتوسط الذي وصلت نسبة الأشغال فيه ما يناهز 85 في المائة مع ما يرمز له هذا المشروع من إمكانيات مهمة خدمة لتنمية المنطقة والجهة ككل.
وقد رافق أفراد الطائفة اليهودية دافيد ايال في زيارته لمجموعة من النقط السياحية بمليلية، قبل أن يعرج على زيارة السياج الحدودي الفاصل بين مليلية المحتلة وبني أنصار لأخذ فكرة عن الحدث المؤسف لاجتياز السياج الحديدي السنة الفارطة من طرف مهاجرين سودانيين، والذي نتج عنه للأسف، وفيات وإصابات متفاوتة الخطورة في صفوف المقتحمين وقوات حفظ النظام في كلا الجانبين المغربي والاسباني.
وأثناء مغادرة الضيف الثغر المحتل لمليلية، تم استقباله مرة أخرى من طرف محمد الصغير النائب الثاني لرئيس المجلس البلدي لجماعة بني انصار وفؤاد سقساق النائب الثالث اللذين كانا مرفوقين بسعيد شرامطي رئيس جمعية الريف الكبير لحقوق الإنسان.
وفي الحين تم دعوة الضيف للقيام بجولة استطلاعية استكشافية للنفوذ الترابي لجماعة بني انصار، سيما وجود شواطئ رائعة بالجماعة تمتد على طول أكثر من 12.5 كيلومتر، بالإضافة إلى مناظر طبيعية خلابة ومآثر تاريخية لم يتم استغلالها لحد الساعة داعين الضيف لدعوة بلاده إلى الاستثمار بالمنطقة لما تزخر به من إمكانيات واعدة، معربين له أن كل ظروف الاستثمار متاحة بجماعة بني انصار، خصوصا ما تنعم به الجماعة من استقرار وأمن وأمان، وكذلك المناخ الحقوقي الجيد والذي يكفل ويصون حقوق وحريات الجميع و اختتم اللقاء بمأدبة عشاء على شرف دافيد ايال أقامها رئيس جماعة بني انصار عبد الحليم فوطاط على شرفه احتفاء بالضيف الكريم، كما لم يفوت محمد الصغير المناسبة لتوجيه دعوة للسيد الرئيس القائم بأعمال مكتب الاتصال الإسرائيلي بالمغرب لزيارة جماعة بني انصار.
وفي اليوم الأخير للزيارة قام إيال باستثمار تواجده بالإقليم لزيارة مجموعة من الشواطئ الخلابة المطلة على المتوسط ومن بينها شاطئ تيبودا الجميل، كما زار مجموعة من المعالم التاريخية خصوصا الثكنة العسكرية الإسبانية بازغنغان باعتبارها منشأة تاريخية بأبعاد هوياتية متعددة، في نفس الاطار وتثمينا لأماكن التعبد اليهودية آثر الضيف زيارة المزار اليهودي "ربي سعدية عداتي" بحي ترقاع الشرقية بالناظور. وقد أنهى زيارته بدعوة عشاء أقيمت على شرفه من قبل القنصل الشرفي للملكة الهولندية العربي سلامة، هذا اللقاء كذلك لم يفوت الفرصة ليذكر ويؤكد على العمق الهوياتي للمملكة المغربية في مجال التعايش و الارتقاء بالتراث اللامادي الذي ما فتئ المغاربة يولونه اهتماما خاصا، كما أن هذه المناسبة شكلت دافعا كذلك للقنصل الشرفي للتأكيد بأن المغرب لن يتوانى في صيانة تراثه الذي يعتبره استثمارا لا ماديا والذي أثبتت التجربة التاريخية أنه قلعة حصينة لكل من تسول له نفسه النيل منه.
وبهذا الخصوص فقد عبر الضيف عن غامر سعادته على الحفاوة التي حضي بها طول مدة زيارته ،متقدما بجزيل الشكر والعرفان لعبد العالي الرحماني على سعة صدره والدور الكبير الذي قام به للإعداد لهذه الزيارة التي شكلت فارقا كبيرا له ومكنته من الاطلاع عن قرب عن ما تزخر به المنطقة من إمكانيات هائلة، معربا في الآن ذاته عن انبهاره بحفاوة الاستقبال، شاكرا كل من استقبله و استضافه، كما أكد أن الناظور ستكون دائما الوجهة المفضلة له وللإسرائيليين جراء ما لمسه وعاشه من أجواء التعايش والإخاء الذي يؤكد مرة أخرى رفعة المملكة وسمو أهلها وذويها ورقيهم، وأن المغاربة لازالوا يحتفظون بذكرى جد طيبة عن إخوانهم اليهود، والتي شكلت علاقاتهم الإنسانية تجربة تاريخية فريدة يحتذى بها.
وفي كلمة لسعيد شرامطي رئيس جمعية الريف الكبير لحقوق الإنسان حول هذه الزيارة، أكد أن هذا النوع من التواصل، يجسد مرة أخرى الحقيقة التاريخية التي ما تزال قائمة عن العمق الهوياتي المثالي لمختلف مكونات الهوية الوطنية والتي يعتبر فيها المكون اليهودي رافدا أساسيا من روافد الذاكرة الجمعية للمغاربة، وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل عن أن الذات الجماعية للمغاربة بمختلف أعراقهم وأجناسهم ومعتقداتهم إنما هي نتاج تجربة تاريخية فريدة ينبغي أن تعمم كعنوان للسلام وإطارا للتعايش والتسامح.