الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
خارج الحدود

وليد كبير: العسكر الجزائري يؤمن بأن القتل هو الحل الوحيد لإسكات المعارضين

وليد كبير: العسكر الجزائري يؤمن بأن القتل هو الحل الوحيد لإسكات المعارضين ‭ ‬الإعلامي‭ ‬والمعارض‭ ‬الجزائري،‭ ‬وليد‭ ‬كبير
أكد‭ ‬الإعلامي‭ ‬والمعارض‭ ‬الجزائري،‭ ‬وليد‭ ‬كبير،‭ ‬أن‭ ‬النظام‭ ‬الجزائري،‭ ‬بنى‭ ‬شرعيته‭ ‬منذ‭ ‬الثورة،‭ ‬وبعد‭ ‬الاستقلال‭ ‬إلى‭ ‬المرحلة‭ ‬الراهنة،‭‬على‭ ‬الاغتيالات‭  ‬وسفك‭ ‬دماء‭ ‬المعارضين،‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الأطياف‭ ‬السياسية،‭ ‬سواء‭ ‬أكانوا‭ "‬أصدقاء‭ ‬الأمس‭" ‬أم‭ ‬إسلاميين‭ ‬متطرفين‭ ‬أم‭ ‬نشطاء‭ ‬حقوقيين‭ ‬أم‭ ‬إعلاميين‭ ‬أم‭ ‬نقابيين.  ‬

واعتبر وليد في حوار مع "الوطن الآن" و"أنفاس بريس"، ‬أن‭ ‬قادة‭ ‬الثورة‭ ‬الكبار‭ ‬لم‭ ‬يسلموا‭ ‬من‭ "‬إيديولوجيا‭ ‬الدم‭"‬،‭ ‬لأن‭ ‬نظام‭ ‬العسكر‭ ‬بالجزائر‭ ‬ظل‭ ‬يرى‭ ‬في‭ ‬تصفية‭ ‬المعارضين‭ ‬السبيل‭ ‬الوحيد‭ ‬لإسكات‭ ‬الأصوات‭ ‬التي‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬تغيير‭ ‬حقيقي‭ ‬يؤدي‭ ‬الى‭ ‬انتقال‭ ‬ديمقراطي‭ ‬وإلى‭ ‬دولة‭ ‬مدنية‭ ‬حقيقية‭..‬
 
‬لماذا‭ ‬دأب‭ ‬العسكر‭ ‬الجزائري‭ ‬على‭ ‬لغة‭ ‬الدم‭ ‬لتصفية‭ ‬المعارضين‭ ‬للنظام؟
النظام‭ ‬الحاكم‭ ‬في‭ ‬الجزائر‭ ‬بنى‭ ‬شرعيته‭ ‬على‭ ‬الدم؛‭ ‬وهذا‭ ‬النهج‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬الاستقلال،‭ ‬أي‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬الثورة‭ ‬التحريرية،‭ ‬حيث‭ ‬نفذت‭ ‬اغتيالات‭ ‬سياسية‭ ‬ضد‭ ‬قادة‭ ‬الثورة‭ ‬من‭ ‬الرعيل‭ ‬الأول‭ ‬وضد‭ ‬ضباط؛‭ ‬خاصة‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يحدث‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬قيادة‭ ‬الأركان‭ ‬بالقواعد‭ ‬العسكرية‭ ‬الموجودة‭ ‬على‭ ‬الحدود‭ ‬مع‭ ‬تونس‭ ‬شرقا‭ ‬والمغرب‭ ‬غربا‭.‬
هذه‭ ‬سياسة‭ ‬اعتمدها‭ ‬النظام‭ ‬الدموي‭ ‬لقمع‭ ‬معارضيه،‭ ‬وتحييد‭ ‬جميع‭ ‬الأصوات‭ ‬المعارضة‭ ‬له‭.‬

بعد‭ ‬الاستقلال،‭ ‬شهدت‭ ‬الجزائر‭ ‬اغتيالات‭ ‬سياسية‭ ‬كبيرة‭ ‬أيضا،‭ ‬طالت‭ ‬مسؤولين‭ ‬كبار‭ ‬في‭ ‬الدولة،‭ ‬وطالت‭ ‬المعارضين‭ ‬الذين‭ ‬وقفوا‭ ‬ضد‭ ‬الانقلابيين‭ ‬الذين‭ ‬استولوا‭ ‬على‭ ‬الحكم‭ ‬في‭ ‬صيف‭ ‬1962،‭ ‬من‭ ‬أمثال‭ ‬العقيد‭ ‬شعباني‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬اغتياله‭ ‬في‭ ‬1964،‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬اغتيال‭ ‬محمد‭ ‬خيدر،‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬جبهة‭ ‬التحرير‭ ‬الوطني‭. ‬كما‭ ‬اغتيل‭ ‬كريم‭ ‬بلقاسم‭ ‬في‭ ‬فراكفورت،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬اغتيال‭ ‬الرئيس‭ ‬محمد‭ ‬بوضياف‭.. ‬وهؤلاء‭ ‬كلهم‭ ‬من‭ ‬قادة‭ ‬الثورة‭ ‬الكبار‭ ‬الذين‭ ‬اغتالهم‭ ‬النظام‭ ‬الجزائري‭ ‬لمعارضتهم‭ ‬للسياسة‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬ينتهجها‭ ‬هذا‭ ‬الأخير‭..‬
 
هل‭ ‬لازالت‭ ‬لغة‭ ‬سفك‭ ‬دماء‭ ‬المعارضين‭ ‬لنظام‭ ‬العسكري‭ ‬قائمة؟
طبعا،‭ ‬مازالت‭ ‬آلة‭ ‬التصفية‭ ‬الجسدية‭ ‬للمعارضين‭ ‬لم‭ ‬تتوقف‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬لأن‭ ‬النظام‭ ‬الجزائري‭ ‬رأى‭ ‬فيها‭ ‬السبيل‭ ‬الوحيد‭ ‬لإسكات‭ ‬الأصوات‭ ‬التي‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬تغيير‭ ‬حقيقي‭ ‬يؤدي‭ ‬الى‭ ‬انتقال‭ ‬ديمقراطي،‭ ‬بما‭ ‬يضمن‭ ‬بناء‭ ‬دولة‭ ‬جديدة‭ ‬ودولة‭ ‬مؤسسات‭... ‬لكن‭ ‬نظام‭ ‬العسكر‭ ‬له‭ ‬كلام‭ ‬آخر‭. ‬كلام‭ ‬مبني‭ ‬على‭ ‬لغة‭ ‬الدم‭ ‬والاغتيالات‭ ‬ضد‭ ‬المعارضين،‭ ‬كلام‭ ‬يرتكز‭ ‬على‭ ‬"إيديولوجيا‭ ‬الدم"‭ ‬التي‭ ‬تمتد‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬60‭ ‬سنة‭...‬

فالنظام‭ ‬الجزائري‭ ‬يصنف‭ ‬المعارضين‭ ‬الى‭ ‬مستويات؛‭ ‬هناك‭ ‬معارضون‭ ‬يهددون‭ ‬وجوده‭ ‬كنظام‭ ‬حكم،‭ ‬لذا‭ ‬لا‭ ‬يتردد‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬اغتيالهم‭ ‬وإيذائهم‭. ‬وهناك‭ ‬معارضون‭ ‬آخرون‭ ‬يعتبرهم‭ ‬النظام‭ ‬بأنهم‭ ‬لا‭ ‬يشكلون‭ ‬خطرا‭ ‬عليهم‭ ‬ما‭ ‬يستوجب‭ ‬عدم‭ ‬تصفيتهم‭... ‬

لقد‭ ‬امتدت‭ ‬آلة‭ ‬الاغتيالات‭ ‬خلال‭ ‬سنوات‭ ‬التسعينات،‭ ‬أي‭ ‬خلال‭ ‬الحرب‭ ‬الأهلية‭ ‬التي‭ ‬عاشتها‭ ‬الجزائر‭. ‬حيث‭ ‬شهدنا‭ ‬خلالها‭ ‬اغتيالات‭ ‬سياسية‭ ‬طالت‭ ‬سياسيين‭ ‬ونقابيين‭ ‬ومسؤولين‭ ‬سابقين‭ ‬في‭ ‬الدولة،‭ ‬وهنا‭ ‬استحضر‭ ‬اغتيال‭ ‬المدير‭ ‬السابق‭ ‬للأمن‭ ‬العسكري‭ ‬قاصدي‭ ‬مرباح‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬رئيسا‭ ‬للحكومة‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬الرئيس‭ ‬الشاذلي‭ ‬بنجديد،‭ ‬اذ‭ ‬كان‭ ‬اغتياله‭ ‬غامضا،‭ ‬وكذلك‭ ‬اغتيال‭ ‬عبد‭ ‬الحق‭ ‬بنحمودة،‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬لنقابة‭ ‬الاتحاد‭ ‬العام‭ ‬للعمال‭ ‬الجزائريين،‭ ‬واغتيال‭ ‬عبد‭ ‬القادر‭ ‬حشاني‭ ‬أحد‭ ‬قادة‭ ‬حزب‭ ‬الجبهة‭ ‬الإسلامية‭ ‬للإنقاذ‭.‬
 
من‭ ‬يتحمل‭ ‬مسؤولية‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬أبناء‭ ‬الجزائر؟
كل‭ ‬هذه‭ ‬الاغتيالات،‭ ‬يتحمل‭ ‬مسؤوليتها،‭ ‬بالدرجة‭ ‬الأولى،‭ ‬النظام‭ ‬الحاكم‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يرى‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأسماء‭ ‬الجزائرية‭ ‬عدوا‭ ‬ينبغي‭ ‬القضاء‭ ‬عليه،‭ ‬خاصة‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬لها‭ ‬نظرة‭ ‬أخرى‭ ‬للجزائر‭ ‬ولمستقبلها،‭ ‬وكانت‭ ‬تسعى‭ ‬الى‭ ‬ما‭ ‬يخدم‭ ‬الجزائر،‭ ‬أي‭ ‬بناء‭ ‬دولة‭ ‬ديمقراطية‭ ‬قوية،‭ ‬ولن‭ ‬يتأتى‭ ‬ذلك‭ ‬الا‭ ‬ببناء‭ ‬دولة‭ ‬مدنية‭.. ‬غير‭ ‬أن‭ ‬النظام‭ ‬الذي‭ ‬يرى‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الدعاوى‭ ‬مسا‭ ‬بشرعيته‭ ‬يعتبر‭ ‬أن‭ ‬اغتيالهم‭ ‬هو‭ ‬الحل‭ ‬الأوحد‭ ‬لإسكات‭ ‬البقية،‭ ‬بل‭ ‬حلا‭ ‬لإقبار‭ ‬الأفكار‭ ‬التي‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬إسقاط‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬الذي‭ ‬يتبنى‭ ‬عقلية‭ ‬الأساليب‭ ‬الإجرامية‭.‬

إن‭ ‬هذه‭ ‬الاغتيالات‭ ‬التي‭ ‬شهدتها‭  ‬الجزائر‭ ‬لا‭ ‬تتم‭ ‬فقط‭ ‬داخل‭ ‬الجزائر،‭ ‬بل‭ ‬حتى‭ ‬خارجها،‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬الأسماء‭ ‬سقط‭ ‬في‭ ‬الخارج،‭ ‬مثل‭ ‬كريم‭ ‬بلقاسم‭ ‬في‭ ‬ألمانيا،‭ ‬وخيدر‭ ‬في‭ ‬اسبانيا‭..‬
 
ماذا‭ ‬عن‭ ‬النظام‭ ‬الحالي‭ ‬القائم‭ ‬اليوم؟
النظام‭ ‬الجزائري،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي،‭ ‬لم‭ ‬يشذ‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬المرجعية‭ ‬المبنية‭ ‬على‭ ‬الاغتيالات‭ ‬وتهديد‭ ‬الأصوات‭ ‬المعارضة‭ ‬له‭ ‬بالقتل،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الأصوات‭ ‬المعارضة‭ ‬التي‭ ‬تطالب‭ ‬بالتغيير‭ ‬وتغيير‭ ‬نظام‭ ‬الحكم‭ ‬تلقت‭ ‬تهديدات‭ ‬صريحة‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬جهات‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬ولائها‭ ‬للنظام‭ ‬الحالي،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬سياسة‭ ‬الاغتيالات‭ ‬التي‭ ‬نهجها‭ ‬النظام‭ ‬خلال‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬مازالت‭ ‬سارية‭ ‬المفعول‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي‭. ‬وقد‭ ‬تطال‭ ‬بعض‭ ‬الأسماء‭ ‬المعروفة،‭ ‬الآن،‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الإعلامي‭ ‬كأصوات‭ ‬معارضة‭ ‬لهذا‭ ‬النظام‭.. ‬والغاية‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬السياسة‭ ‬القذرة‭ ‬هي‭ ‬إسكات‭ ‬الأصوات‭ ‬التي‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬توعية‭ ‬الشعب‭ ‬الجزائري،‭ ‬وزرع‭ ‬وعي‭ ‬سياسي‭ ‬في‭ ‬صفوفه،‭ ‬في‭ ‬أفق‭ ‬تشكيل‭ ‬قوة‭ ‬سياسية‭ ‬مناهضة‭ ‬للنظام‭ ‬الحاكم،‭ ‬لإحداث‭ ‬التغير‭ ‬الذي‭ ‬ينشده‭ ‬الشعب‭ ‬لبناء‭ ‬دولة‭ ‬مدنية‭.‬