الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
خارج الحدود

السيسي يصدر عفوا رئاسيا بعد ضغوط دولية

السيسي يصدر عفوا رئاسيا بعد ضغوط دولية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والمعتقل السياسي علاء عبد الفتاح (يسارا)
أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عفوا عن الباحث باتريك زكي والمحامي محمد الباقر، وكيل الدفاع عن المعتقل السياسي الأبرز في مصر علاء عبد الفتاح، في خطوة تأتي غداة تعرض القاهرة لضغوط شديدة بسبب هذه القضية. 
والثلاثاء 18 يوليوز 2023، بعد شهرين ونصف شهر من إطلاق الحكومة "حوارا وطنيا " لمناقشة كل القضايا الخلافية قبل أقل من عام على الانتخابات الرئاسية، أصدرت محكمة أمن الدولة حكما غير قابل للطعن بحق زكي (32 عاما ) قضى بسجنه ثلاث سنوات بتهمة نشر "معلومات كاذبة". 
وأكدت صحيفة الأهرام الحكومية أن السيسي أصدر عفوا عن سجناء آخرين، لكنها لم تذكر أسماءهم. 
واعتقل زكي في العام 2020 بتهمة "الإرهاب" بعدما نشر مقالا في العام 2019 عن انتهاكات حقوقية ضد الأقباط، الأقلية المسيحية الأكبر في الشرق الأوسط والتي ينتمي إليها ما بين 10 إلى 15 في المئة من 105 ملايين مصري.
وأمضى الناشط الحقوقي 22 شهرا في الحبس الاحتياطي قبل أن يفرج عنه في دجنبر 2021. وفور صدور الحكم بحقه اقتيد مجددا إلى السجن، وفق حسام بهجت مؤسس منظمة المبادرة المصرية للحقوق الشخصية. 
وما أن أصدرت محكمة أمن الدولة حكمها حتى أعلنت شخصيات معارضة انسحابها من الحوار الوطني. 
وزكي طالب قبطي مصري يدرس في جامعة بولونيا بإيطاليا وقد صوت مجلس الشيوخ الإيطالي على منحه الجنسية الإيطالية. 
وهذا الشاب مسؤول أيضا عن قضايا النوع الاجتماعي ضمن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، أكبر منظمة غير حكومية لحقوق الإنسان في مصر. 
وأثارت إدانته حفيظة كل من واشنطن ومفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وعشرات المنظمات الحقوقية غير الحكومية. 
كما ارتفعت أصوات عديدة داخل مصر تندد بالحكم الصادر بحق زكي. 
واحتجاجا على الحكم، انسحب من الحوار الوطني العديد من محامي حقوق الإنسان والمسؤولين في أحزاب ليبرالية. 
وأصدر ضياء رشوان، المنسق العام للحوار الوطني بيانا ناشد فيه الرئيس "الإفراج فورا " عن زكي، معتبرا أن إقدام السيسي على خطوة مماثلة سيوفر "مزيدا من عناصر المناخ الإيجابي لنجاح الحوار الوطني". 
وكان رشوان دعا قبل أسابيع من ذلك إلى الإفراج عن المحامي محمد الباقر الذي حكم عليه بالسجن لأربع سنوات بالتهمة نفسها وهي "نشر أخبار كاذبة". 
والباقر (42 عاما ) أوقف في 2019 أثناء حضوره استجواب موك له علاء عبد الفتاح، المدون المؤيد للديموقراطية وأحد رموز ثورة 2011. 
وعلاء عبد الفتاح (42 عاما ) المحتجز منذ نهاية عام 2019 حكم عليه بالسجن خمس سنوات بتهمة نشر "معلومات كاذبة" بعد إعادة نشره على فيسبوك منشورا يتهم شرطيا بالتعذيب. 
وبالتوازي مع هذه الحملة كان عبد الفتاح ينفذ إضرابا عن الطعام منذ سبعة أشهر. وبعدها بفترة وجيزة استأنف الناشط تناول الطعام في سجنه. 
وتعليقا على العفو الرئاسي قال لفرانس برس حسام بهجت، مؤسس المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، إنه "ما كان ينبغي لمحمد الباقر وباتريك زكي أن يمضيا يوما واحدا في السجن بسبب عملهما في مجال حقوق الإنسان". 
وأضاف "نرحب بنبأ العفو عنهما وندعو إلى الإفراج الفوري عن آلاف آخرين ما زالوا محتجزين في مصر لأسباب سياسية". 
ومنذ سنوات يتصدر اسم عبد الفتاح ومحامي الدفاع عنه قائمة الذين تطالب منظمات حقوقية دولية السلطات المصرية بالإفراج عنهم. 
ويؤكد حقوقيون أن زكي تعرض "للضرب والتعذيب بالكهرباء" في سجنه. 
وفي عهد الرئيس الراحل حسني مبارك (1981-2011) كانت حريات المثقفين مقيدة، لكن هذه القيود زادت منذ وصل السيسي إلى السلطة في 2014. 
ومنذ 2014 تشن السلطات حملة قمع لا هوادة فيها ضد جامعيين وصحافيين وفنانين ونقابيين وناشطين سياسيين. 
وبعد فترة سبات استمرت سنوات عدة، أعادت الحكومة في منتصف 2022 تفعيل لجنة العفو الرئاسي. 
ولا تفوت السلطات فرصة إلا تذكر فيها بأن ما يقرب من ألف سجين حصلوا على عفو رئاسي منذ تفعيل هذه اللجنة، لكن منظمات غير حكومية تقول إنه بالمقابل "تم القبض على ما يقرب من ثلاثة أضعاف هذا الرقم خلال الفترة نفسها". 
وتندد منظمات حقوقية بمناخ القمع السائد في مصر حيث يمكن استخدام تهم مثل نشر "معلومات كاذبة" أو "الإرهاب" ضد معارضين، أو حتى مواطنين عاديين، إذا ما انتقدوا على مواقع التواصل الوضع السياسي أو الاقتصادي في البلاد. 
وترفض السلطات الكشف عن عدد المسجونين في البلاد، فيما تدشن باستمرار سجونا جديدة.